اتهمت المستشارة الاقتصادية السابقة للأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي سلام سميسم الوفد العراقي الذي يفاوض صندوق النقد الدولي بتضليل الصندوق وإخفاء أرقام مهمة تتعلق بموازنة البلاد. وأكدت سميسم ل «الحياة» أن «الإعلان الأخير للصندوق في شأن ارتفاع الأرصدة الوقائية في صندوق تنمية العراق إلى أكثر من 18 بليون دولار، دليل على أن أعضاء صندوق النقد لم يطلعوا على الأرقام الحقيقية وأن الوفد العراقي تعمد إخفائها»، نافية قدرة الحكومة على السحب من هذه المبالغ لأنها تحت تصرف صندوق النقد. وأشارت سميسم إلى أن عائدات مبيعات النفط تذهب إلى صندوق التنمية، بينما يأمر صندوق النقد بتحويل بعض العائدات إلى المصرف المركزي العراقي الذي يبيع الدولار ويحوله إلى الدينار لتأمين مصروفات الحكومة، مؤكدة أن منذ العام 2003 وحتى عام 2012 لم تتجاوز الأرصدة 11 بليون دولار. وأوضحت أنها على دراية كاملة بتفاصيل الموازنات العراقية منذ 2005 وحتى الموازنة الأخيرة، وكلها بدا أنها لم تشهد عجزاً. وأضافت أن ذلك سببه عدم تنفيذ الحكومة لكامل موازنتها خلال الفترة المذكورة وفي بعض الحالات تدنت مستويات التنفيذ في بعض الوزارات إلى أقل من 10 في المئة، ومنها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية. وعزت عدم الإفصاح عن وجود عجز حقيقي إلى عدم تقديم الحسابات الختامية للدراسة والتدقيق والتي قد تظهر فيها خروق كثيرة، فالجهات الرقابية لا تعلم باقي الحسابات غير المنفذة. وأعلن صندوق النقد أن «الأرصدة المالية الوقائية في صندوق تنمية العراق ارتفعت عام 2012 إلى 18 بليون دولار»، مرحّباً بهذا الفائض في الموازنة العامة الذي يشكل نحو أربعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وعزا هذا الفائض «إلى تحقيق إيرادات نفطية تجاوزت التوقعات»، مشدّداً على ضرورة تحقيق فائض في الموازنة الحالية عبر اتساق تنفيذها مع حجم التمويل المتاح بما يتيح تكوين أرصدة وقائية كافية في صندوق تنمية العراق لمواجهة تقلبات أسعار النفط العالمية والحفاظ على توازن اقتصادي». ولفت في تقريره الأخير إلى «تحسن في القطاع المالي مع الحاجة إلى جهود أكبر من قبل المصرف المركزي في تنقيح أدوات السياسة النقدية وتعزيز الرقابة المصرفية وتعجيل إعادة هيكلة النظام المصرفي»، مشيداً بالخطوات التي اتخذها العراق أخيراً لتنقية الموازنة في مصرفي «الرشيد» و«الرافدين» استعداداً لإعادة هيكلتهما ورسملتهما. ودعا الصندوق «المركزي» العراقي إلى «اتخاذ تدابير لتحرير عرض النقد الأجنبي من خلال المزادات التي يقيمها بهدف عدم تكرار الاضطرابات التي تعرضت لها سوق المال العام الماضي». وشدد على أن «إقامة نظام مصرفي قومي يستوجب التخلي عن النموذج الحالي الذي تسيطر فيه البنوك الضعيفة المملوكة للدولة والتي تحظى بمعاملة تفضيلية تميزها عن المصارف الخاصة»، داعياً العراق إلى تقوية مؤسساته المالية العامة لضمان الكفاءة والشفافية في استخدام الإيرادات النفطية. وتوقع أن يبلغ النمو هذه السنة تسعة في المئة نتيجة النمو السريع للقطاع النفطي، في حين دعا الحكومة إلى التركيز على القطاعات الخاصة الأخرى غير النفطية لتأمين توازن اقتصادي لا يكون مرهوناً بإنتاج النفط وتقلبات أسعاره عالمياً. ويعتمد العراق، الذي يملك رابع أكبر احتياطات نفطية في العالم، في 95 في المئة من موازنته على صادراته النفطية وينتج حالياً نحو 2.9 مليون برميل يصدر منها نحو 2.2 مليون.