قبل ذهاب الكاردينال الأرجنتيني خورخي ماريو بورغوليو الى روما لانتخاب بابا جديد أدلى بتصريح لصحيفة محلية قال فيه إنه لا يتوقع أن يُنتَخب لأن عمره 76 سنة وهذا عنصر ضد انتخابه. عمر البابا القادم كان نقطة حسّاسة عندي وأنا أتابع عملية انتخاب خلَف للبابا بنديكتوس السادس عشر، فقد كان هناك عدد من المرشحين بعضهم تجاوز عمره السبعين، من ميلانو وهندوراس، غير أن آخرين كانوا في الستينات من العمر، بل إن إثنين منهم، هما البرازيلي اوديلو شيرر والغاني (الأسود) بيتر تيركسون في الحادية والستين فقط. وجدت أنني لا أتحمل أن يكون بابا روما أصغر مني سناً، وركبني الهم، فقد كانت عندي في السابق عقدة عمر أخرى وأنا أرى رجال الشرطة الانكليز وقد أصبحوا أصغر مني سناً وبعضهم يبدو مراهقاً ويتصرف كمراهق. كنت اقترحت على شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب والبابا الجديد فور إعلان اسمه بدء حوار جديد بين الإسلام والكثلكة بهدف التعاون ضد الاحتلال الإسرائيلي ومجرمي الحرب الذين يقودون الحكومة الاسرائيلية، ولا أزال أقترح وأرجو التنفيذ. البابا الجديد اختار لنفسه اسم فرنسيس، وهو يعود الى القديس فرنسيس من اسيزي في ايطاليا الذي أسس حركة للرهبان الفرنسيسكان. وكانت له قصة طريفة في الحوار مع الإسلام، فهو أبحر الى مصر مع رفاق له ليدعوا الى السلام، وهم وصلوا الى مصر سنة 1219 وانضموا الى الحملة الصليبية الخامسة. وذات يوم، تسلل فرنسيس ورفيق له الى صفوف جيش المسلمين، وكان القديس وفق المصادر الغربية يريد دعوة السلطان الى اعتناق المسيحية، ووفق المصادر العربية يريد أن يحاوره وينشر السلام بين المسيحية والإسلام. الجنود المسلمون اعتقلوا المتسللَيْن الإثنَيْن ووجهوا اليهما تهمة التجسس، غير أن فرنسيس أصرّ على أن الله أرسله ليحاور المسلمين وأنه يحمل رسالة سلام ومحبة، وأخيراً وصل الى السلطان الذي أعجِب بكلامه واستبقاه في ضيافته وأكرمه وأعاده الى جماعته مشيعاً بالحفاوة والاحترام. هل يستطيع البابا الفرنسيسكاني أن يُكمل ما بدأ سلفه؟ انتخابه سلّط أضواء العالم كله عليه، وقرأت أنه محافظ ومثقف جداً ومفكر من أرفع مستوى، كما قرأت أن بريطانيا حذرته من أن يأخذ جانب الأرجنتين في الخلاف على جزر الفوكلاند. وقد وُصِف بأنه متقشف اختار الإقامة في نزل شعبي رخيص في روما أثناء عملية اختيار البابا الجديد. في المقابل، كانت هناك انتقادات كثيرة لدوره أيام حكم العسكر في الأرجنتين عندما اختفى معارضون كثيرون من دون أن يهبّ الكاردينال (في حينه) لمواجهة الجنرالات، أو «الحرب القذرة» التي شنّوها على المعارضين في بلادهم. بل إن هناك مَنْ اتهمه بالتستر على كهنة اتهِموا في قضايا جنسية. لن أحكم له أو عليه وإنما أنتظر عمله، وسلفه البابا بنديكتوس كان أكاديمياً ومفكراً، إلا أنه اختار أن يبدأ عمله بمحاضرة توكأ فيها على كتابات قديمة لينتقد رسول الإسلام وعمله، ما أثار عليه المسلمين حول العالم. الكنيسة الكاثوليكية تضم قديسين فلاسفة، ولكن أختار بدلاً منهم واحداً من بلادنا هو سمعان العمودي، واسم عائلته لا يمت بصلة الى أسرة العمودي التي أعرف منها في جدة محمد عبود العمودي. القديس سمعان يعود لقبه الى جلوسه على عمود في محلّة قرب حلب تقوم فيها الآن كنيسة تاريخية تحمل اسمه، وأيضاً تُعرف بقلعة سمعان ودير سمعان. هذا القديس الشامي سبق الأسيزي بألف سنة. وهو جلس على عمود طوله 15 متراً 37 سنة، حتى توفي سنة 459 ميلادية. وكان بدء اهتمامي به صغيراً خلال رحلة الى حلب، فقد أخذت أسأل كيف كان يأكل ويشرب ويستحم ويقضي حاجته. ولم أسمع جواباً مقنعاً. المهم اليوم أن يطلع علينا الشيخ أحمد الطيب والبابا فرنسيس بما يفيد المسلمين والمسيحيين والبشر أجمعين. [email protected]