لا شك في أن حادث «تشيليابنسك» أظهر تقدّماً كبيراً للولايات المتحدة على روسيا في مجال الرصد الفضائي، فحتى تلك المعلومات التي نشرت عن حجم النيزك وانفجاراته جاءت من المراصد الأميركية. وزاد الحادث تحفّز أوساط علمية غربية لتسريع برامج مواجهة مخاطر فضائية، لكن الجديد جاء قبل أيام، مع إعلان مركز تابع لوكالة «ناسا» بدء استعداداته لمواجهة احتمال اصطدام كوكب صغير بالأرض بعد نصف قرن تقريباً. وتشير معطيات نشرها أخيراً فريق علمي بإشراف ديفيد فارنوكي من وكالة «ناسا»، إلى أن الكويكب المعروف باسم «أبوفيس» الذي ينتظر أن يمرّ بالقرب من الأرض بين عامي 2029 و2036، ربما يصطدم بها في العام 2068. وعلى رغم ضآلة هذا الاحتمال، بدأت «ناسا» إجراء دراسات مع جامعتي «هاواي» و «بيزا» تهدف إلى تحديد احتمالات أن يغيّر هذا الكويكب مساره. ويقول صاحب الدراسة: «بعد دراسة الاحتمالات المتعلقة بتغيير المدار بعد الاقتراب من الأرض في 2029، اكتشفنا معطيات تتعلّق بالاصطدام أثناء اقتراب الكويكب من الأرض مستقبلاً. وحددنا أن احتمال الاصطدام لا يتعدى 2.3 من المليون في عام 2068». وفي الذاكرة أن كويكب «أبوفيس» اكتُشِفَ في العام 2004، ويبلغ قطره 325 متراً، وهو مُكوّن من الحديد، ويزن 20 مليون طن، ويتبع مساراً قريباً من مدار الأرض، فيقاربه مرتين في دورته التي يقطعها بسرعة 5 كيلومتر/ثانية. وكان من المعتقد أن الكويكب ربما يصطدم بالأرض عام 2029 باحتمال 2.9%، ثم استبعد العلماء هذا الخطر وأكدوا أنه يقترب من الأرض في 29 أبريل (نيسان) عام 2029 على مسافة 37.6 ألف كيلومتر، لكنهم أثبتوا في ما بعد أن الكويكب يمكن أن يغير مساره بعد 2029، ما وضع إمكان أن يسقط على الأرض في2036. وأُجرِيَتْ دراسات أخرى في كانون الثاني (يناير) الماضي توصلت إلى أن هذا الخطر مستبعد عملياً، مع ضرورة إجراء مزيد من الدراسات عن احتمال ارتطام كويكب «أبوفيس» بالأرض في 12 أبريل (نيسان) عام 2068! استعداداً لغدٍ متفجّر يتطلع القائمون على الدراسة إلى مواجهة الخطر الذي يمثّله كويكب «أبوفيس»، ووضع آليات ربما تشمل تدمير الكويكب أو إجباره على تغيير مساره قبل وصوله إلى منطقة خطرة بالنسبة إلى الأرض. وربما تكون الخطوة الأولى في طريق «حرب الفضاء» المنتظرة في عهود قادمة، ما أنجزه علماء مختبر الفيزياء التطبيقية في جامعة «جون هوبكنز» الأميركية عبر تصميم جهاز فضائي من شأنه أن يوجه ضربة إلى كويكب «ديديم» ليغير مساره. وفي حال نجحوا، تكون تلك سابقة بشرية ربما تمهد لمرحلة جديدة في الفضاء. ووفق الدراسات، ينتظر أن يقترب كويكب «ديديم» من الأرض عام 2022 على مسافة 10.5 ملايين كيلومتر. ويتألف الكويكب من جسم رئيسي وتابع يدور حوله. وينوي العلماء إصابة التابع الذي يبلغ قطره 150 متراً. ومن المخطط إطلاق صاروخ فضائي صوبه عام 2021. ويكلف المشروع 350 مليون دولار. وتشارك في البعثة الفضائية مركبتان فضائيتان، من المعتزم أن توجّه إحداهما ضربة نوويّة إلى الكويكب. وتعمل المركبة الثانية على تقويم فاعلية تلك الضربة. ويرى بعض العلماء إنه يمكن رصد الهجوم على الكويكب بواسطة تلسكوبات منصوبة على الأرض. هل يتحقّق الخيال الهوليوودي لفيلم «نيزك»، بعد 45 سنة من عرضه على الشاشات؟