في تطور كان له وقع «الصاعقة» على الأوساط السياسية الفرنسية، أعلنت محكمة بوردو وضع الرئيس السابق نيكولا ساركوزي قيد التحقيق، في شبهة حصوله على أموال لحملته الانتخابية من الثرية المسنة ليليان بيتانكور مالكة شركة» لوريال». واتخذ القرار القاضي جان ميشيل جنتيل، إثر مثول ساركوزي أمام المحكمة مساء الخميس، في مواجهة مع عاملين في خدمة منزل بيتانكور والذين أكدوا أنه زارها في منزلها أكثر من مرة للحصول منها على مال لتمويل حملته الرئاسية. ووضع ساركوزي قيد التحقيق بحجة الاستفادة من ضعف الثرية المسنة التي لا تملك كامل صحتها العقلية، علماً أن ساركوزي أسرّ منذ أشهر لأصدقائه بأن القضية مسيّسة، أي أنه نفى ضمناً حصول الواقعة. وفور عودته ليل أول من أمس من بوردو في طائرة خاصة، اتصل الرئيس السابق بالمقربين منه في حزب التجمع من أجل حركة الشعبية ومن بينهم رئيسها جان فرنسوا كوبي الذي قال بعد الاتصال إن ساركوزي «في جو مقاومة لهذا القرار». يأتي ذلك بعد عمليات دهم أمر بها القضاء في تموز (يوليو) الماضي لمكتب ساركوزي ومنزله، تلاها استدعاؤه إلى محكمة بوردو في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وكان ساركوزي واثقاً آنذاك بأنه أقنع القاضي جنتيل بصحة موقفه. ورأت أوساط حزبه أمس، أن وضعه قيد التحقيق مؤامرة سياسية لتحويل الأنظار عن استقالة وزير الموازنة الاشتراكي جيروم كاهوزاك بتهمة أن لديه حساباً مالياً سرياً خارج فرنسا. وكان ساركوزي زار ليبيا في الأيام التي سبقت محاكمته حيث أجري له استقبال مع الرسميين كما زار قطر حيث استقبله أميرها. وأوحت تحركاته بأنه سيعود إلى الساحة السياسية خصوصاً مع ارتفاع شعبيته في استطلاعات الرأي. وكان محاميه تييري هرزوغ انتقد أمس عبر إذاعة «آر تي أل» قرار وضعه قيد التحقيق، قائلاً إن ساركوزي لم يلتق بيتانكور إلا مرة واحدة في شباط (فبراير) 2007 وذلك عندما كان في زيارة لزوجها أندريه بيتانكور، ملمحاً إلى أن القاضي لم يحكم بحياد كما كان يتعيّن عليه أن يفعل. وقال ألان جوبيه القيادي في حزب التجمع ورئيس الحكومة السابق وعمدة بوردو، إن وضع ساركوزي قيد التحقيق ليس اتهاماً وهو يعتبر بريئاً حتى تتم إدانته. ورأى النائب عن التجمع ليونيل لوكا أن «الفرصة الوحيدة للرئيس فرنسوا هولاند ليفوز بدورة رئاسية ثانية في 2017، هي باعتماد كل الطرق لمنع منافسه الوحيد (ساركوزي) من الترشح. ولم يصدر تعليق على الحكم من القصر الرئاسي في حين أن عدداً من أعضاء حزب ساركوزي باتوا يشكون في إمكانية عودته إلى الساحة السياسية على المدى القصير، على رغم أن استطلاعاً ل «ايفوب» أظهر تفوقه شعبياً ب53 في المئة على الرئيس هولاند. وأشارت صحيفة «لوباريزيان» في حينه إلى أن ساركوزي كان مسروراً جداً لهذا الاستطلاع. لكن وضع الرئيس السابق قيد التحقيق سيمنعه لمدة من السفر وإعطاء محاضراته كما فعل في نيويورك وغيرها من الدول على طريقة الرؤساء الأميركيين السابقين.