توقفت الكاميرات على شاشة «سي بي سي» أمام هجوم عدد من البلطجية ضد ناشطين تظاهروا عند مقر جماعة «الإخوان المسلمين» في المقطم، ثم توغلوا في الاعتداء ليطاولوا الصحافيين الذين ذهبوا لتغطية الاجتماعات في المقر. كان هذا مشهد الأحد الذي انتهى بصفعة مدوية على وجه صحافية أصبحت حديث الناس والإعلام، لكنّ اليوم التالي جاء بمفاجأة جديدة بل بمفاجأتين حملتا للمشاهدين في البيوت أسئلة وعلامات استفهام. الأولى هي معركة «روض الفرج» في حي شبرا والتي انتهت بتوجيه الاتهام إلى ابن جمال صابر بقتل شاب من جيرانه. ولأن صابر هو مدير دعاية الشيخ حازم أبو إسماعيل، تصدرت صورته كل برامج «التوك شو» مساء الثلثاء، وتذكر الملايين طلته المكفهرة من القنوات كافة أثناء تقدم شيخه للترشح للرئاسة، ثم أثناء حصار مدينة الإنتاج الإعلامي. أما المفاجأة الثانية في الليلة ذاتها فكانت موقعة القبض على منسق العلاقات المصرية - الليبية السابق أحمد قذاف الدم، رجل القذافي في مصر الذي كان محاطاً بغموض وسرية كبيرين منذ رحيل نظام القذافي وموته، ولم يكن أحد يفكر فيه حتى جاءت «الموقعة» عبر كل الشاشات. موقعة تابعتها عبر قناة «الحياة» في البداية ثم انتقلت إلى قناة «أون»، فإذا بفيلم القبض على قذاف الدم يلحق بي. وحين قررت الانتقال إلى «سي بي سي» وجدته يتحدث في حوار هاتفي أجرته قناة أخرى رابعة معه هي «دريم 2» صباحاً عبر برنامجها «صباحك يا مصر». ولأن القنوات هنا تتصالح، لم تجد «سي بي سي» غضاضة في استعارة حديث قذاف الدم من منافستها «دريم»، ولكن أكملت الخط بفتح هواتف أخرى مع رئيس لجنة التعاون الدولي في «العدل» الذي قال إن من قبض على الرجل كان «الانتربول» وليست الشرطة المصرية. ثم حدد أكثر بأنه فرع «الانتربول» في مصر (أي من الشرطة المصرية) وأن الرجل يحمل جواز سفر ليبياً وبطاقة مصرية. هنا التفت المشاهد إلى حقيقة أخرى، قد تصبح إشكالية هي: هل اكتشاف انتماء ابن عم القذافي لأم مصرية ينقذه من المحاكمة في ليبيا (بلد الأب) أم أن عليه أن يمضي إلى هناك ليحاكم على جرائمه؟ وهنا انتقلت الكاميرا بالمشاهد إلى ليبيا والبرلمان الليبي لنجد رجاله ونساءه في سعادة يصفقون فرحاً عقب سماعهم خبر القبض على الرجل وهو مشهد بمليون جنيه، بخاصة أن «سي بي سي» ومذيعتها لميس الحديدي استدعتا رجلاً من أصدقاء القذافي قال إنه لم يرتكب أي جرائم مخلة بالشرف في ليبيا وإنما المحاكمة تدور حول النقود التي استولى عليها من ليبيا وفتح بها شركة في مصر! وهكذا عشنا في فيلم من أفلام الواقع - بلا أي إضافات خيالية - فيلم تابع المشاهد صناعته على الهواء مباشرة بينما تولت قنوات التلفزيون عبء الكتابة والتصوير والإخراج وربما محاولة التفسير في محاولة لإرضاء الجمهور.