لأعوام عدة، كان الكثير من السعوديين متأقلمين على أن يكون موسم الصيف لمدة ثلاثة أشهر يختارون فيها الفرصة للسفر والسياحة والترفيه داخلياً وخارجياً، غير أن المطارات المحلية والدولية الأسبوع الماضي، ضجت بعودة المواطنين، قبيل بدء أول أيام شهر رمضان، الذي أخذ الجزء الأخير من عطلة الصيف، إذ إن كثيراً من السعوديين يربطون صومهم بالوجود في بلادهم، للشعور بقدسية الشهر المبارك وبهجته ومظاهره، فيما البعض لا يريد أن «يخدش صيامه في الخارج بأشياء قد تفسد الصيام كلية». وفي إطار رمضان ذاته، نافس حيوان الخنزير، أشهر الحيوانات المفضلة لدى السعوديين، ليس من حيث التسابق على شراء لحوم الأول «المحرمة»، ولكن لما احتله من ترديد على ألسنتهم يومياً، نظراً إلى ازدياد أعداد المصابين والوفيات، كما يتوقع مراقبون أن يدرج الناس والأئمة ضمن دعواتهم في صلوات التراويح والقيام، مناجاة ربهم الحماية والوقاية من ذلك الوباء الذي بدأ يستشري في البلاد، كون المسلمين عادة ما يدرجون أدعية تقتضيها أهمية الحدث. من جانب آخر، وعلى عكس الأعوام السابقة، ستصبح المآذن في هذا الشهر الفضيل، موزونة أكثر، وبلا أصوات خارجية، بعد الانتقادات لظاهرة الأصوات العالية، التي تصدر من بعض المساجد، خصوصاً أن بعضها يسمع الصوت على بعد خمسة كيلومترات، كما أشار وزير الشؤون الإسلامية الشيخ صالح آل الشيخ، الذي شددت وزارته على ضبط مكبرات الصوت الخارجية للمساجد، كما طالبت بضرورة الالتزام بالمساجد وعدم تركها تحت أي ظرف، وتهيئتها للمصلين خلال شهر رمضان المبارك، ودعت الوزارة أئمة المساجد إلى عدم السماح لأي فرد من المواطنين بإقامة مشروع تفطير الصائم إلا بعد الحصول على الإذن والمرجع من جهات الاختصاص، ومنع الاجتهادات الفردية. من الأشياء المقدسة لدى السعوديين في رمضان الأطباق المختلفة المتنوعة التي تعد في المنزل، إلا أن بعض الشبان العزاب البعيدين عن بيوت أهلهم، لظروف العمل في مدن أخرى، يلجأون إلى النساء اللاتي عادة ما يكن كبيرات في السن وبحاجة إلى المال، ولكنهن يُجدن «الطبخ المنزلي»، وهو الذي عادة ما يفضله الشبان العزاب في هذا الشهر المبارك على أطباق المطاعم، التي ينتهي بعض منها ب«تسميم غذائي»، يعكر صيام الأيام التالية. لرمضان عادات وتقاليد راسخة، إلا أنه في السنوات الأخيرة، طغت على حياة السعوديين عادات رحبت بها أطراف ومقتتها مجموعات أخرى، إذ إن البرامج والمسلسلات التي تبث على الفضائيات تجد إقبالاً كبيراً، غير أن البعض يتهمها بأنها تسرق من الناس لحظات العبادة والروحانية الفريدة التي يتمتع بها هذا الشهر الفضيل، إذ تنتج المؤسسات الفنية عشرات المسلسلات والبرامج، فيما يتنافس على الضفة الأخرى، العشرات من الدعاة والمشايخ، ببرامج الإفتاء، والنصائح والمواعظ الدينية، فعادة يذهب الناس في النهار إلى الأخيرين، وفي الليل يتسمّرون عند الأولين.