تابعتُ ما نشرته بعض وسائل الإعلام عما تضمنه نشيد لنادٍ رياضي بألمانيا من عبارات فيها مساس سلبي برسول الله محمد عليه الصلاة والسلام، ولدى الوقوف والتحقق من هذا الموضوع، والتواصل مع بعض ممثلي الجالية والجمعيات والمجالس الإسلامية بألمانيا؛ تبين ما يأتي: 1/ جاء في النشيد: «محمد كان نبياً لا يعرف شيئاً عن كرة القدم. كان له في الألوان البهيجة متسع، ولكنه لم يجد للأزرق والأبيض منافساً» بحسب الترجمة العربية للنص الألماني. 2/ هذا النشيد للنادي مضى عليه أكثر من 45 عاماً، لكن النادي قام أخيراً بالتوسع في نشره وإذاعته. 3/ توالت ردود الأفعال من عدد من المسلمين ولا سيما في ألمانيا لإنكار هذا المسلك الاستفزازي. وتعليقاً على ما تقدم، فإنه أولاً: لا شك أن الواجب على المسلمين أن ينكروا كل ما يسيء إلى الإسلام أو أنبياء الله ورسله، ولا سيما محمداً عليهم الصلاة والسلام جميعاً. وينبغي ألا يَهِنَ المسلمون أو يضعفوا أو يتراخوا في الدفاع عن الجناب النبوي ونصرته عليه الصلاة والسلام، حتى وإن تكررت وتنوعت الإساءات، فلقد عاتب الله كل من تراخى عن نصرة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، سواء من كانوا في حياته وزمانه أم من يجيئون بعده، كما يدل عليه قول الله تعالى: (مَا كَانَ لأهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ) [التوبة:120]. ففي الآية عتاب لكل المتخلّفين عن نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورغبتهم بأنفسهم عن مواساته في ما حصل من المشقة، أو ما يحصل له من إساءة وتنقص، بل واجب عليهم أن يكابدوا لأجله المشاق، وأن يبذلوا أنفسهم دون نفسه؛ فلا يجوز للمسلمين أن يخذلوا نبيهم - صلى الله عليه وسلم - وإن كان الله جلَّ وعلا قد تكفل بنصره وعصمه من الناس، كما قال سبحانه: (وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) [المائدة:67] وإن تخلَّفوا عن ذلك فإنهم نَقَصُوا أنفسهم من الأجر، ولن يضروا الله ولا رسوله شيئاً. ثانياً: إن من الواجب في الدفاع عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ونصرته أن يسلك المسلمون مسلك الحكمة والرفق والدعوة بالتي هي أحسن، كما دل على ذلك القرآن والسُّنة، مع الحذر من الأفعال المسيئة لسمعة الإسلام أو سمعة الرسول صلى الله عليه وسلم، أو الاعتداء بغير حق. ثالثاً: من الواضح أن الفقرة المسيئة التي تضمنها النشيد المشار إليه فيها إسقاط استفزازي ومجانبة للموضوعية من جهات عدة، إذ أنه لا توجد علاقة ترابطية ولا موضوعية بين وصف رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام بما وُصف به وبين نشيد لنادٍ رياضي. كما أن لكل مجتمع وكل جيل وكل عصر ما يناسبه من أنواع الرياضة، وهدي الرسول ومنهجه مرغِّبٌ ومحفِّز على الرياضة النافعة للإنسان. وليس ذلك مرتبط برياضة دون أخرى. ثم إن مسألة الألوان وتفضيلها تخضع لطبائع وأعراف المجتمعات، والهدي النبوي حافل بالعناية بالألوان في اللباس وغيره وأن يكون متضمناً لما يبعث على البهجة، وكتب السنة حافلة بهذه الإشارات. ومن الواضح أن واضع النشيد قد تأرجح بين إساءتين إما لرسول الله موسى أو رسول الله محمد عليهما الصلاة والسلام، حيث إن من المشهور أن اللون الأزرق والأبيض مرتبط بالشريعة الموسوية. ولمغزى لا يخفى انصرف الشاعر عن ذلك إلى أن يذكر محمداً عليه الصلاة والسلام. مع أننا نرى أن الإساءة لأي رسول هي إساءة لجميع الرسل. رابعاً: أن سياق الفقرة المشار إليها في النشيد توحي بجانب من الإساءة والاستفزاز ولو لم يكن صريحاً ولا مباشراً، ولذا: أتوجه بدعوة لإدارة (نادي شالكه) الألماني أن يحذف هذه الفقرة من نشيده تجنباً للإساءة أو الاستفزاز، ولأجل أن يحافظ على سمعته وسمعة الدولة التي ينتمي إليها، ومراعاة للأعراف والقوانين الرياضية والديبلوماسية العالمية التي تحضر الإساءة أو التشويه للأديان. ونذكِّر في هذا المقام بالقرار الذي تبنته لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة (بتاريخ 3-3-1426ه - (12-4-2005) الداعي إلى محاربة تشويه الأديان، لا سيما الإسلام، الذي زادت وتيرة تشويهه في الأعوام الأخيرة. خامساً: إن على الاتحادات الدولية الرياضية - وبخاصة الإسلامية - أن توضح وجهة النظر الإسلامية حيال الفقرة في النشيد المشار إليه وما تضمنته من استفزاز، وأن تعمل على إزالتها وإزالة ما يسيء إلى الآخرين ولا سيما مقام الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام. وهذا ما تبنته أمانة المركز العالمي للتعريف بالرسول عليه الصلاة والسلام بمخاطبتها للنادي المذكور والتعريف ببعض جوانب الهدي النبوي الكريم بالتنسيق مع المجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا، وكذلك التعريف والتوضيح للاتحادات الرياضية المعنية لمعالجة تلك الإساءة وتجنب تكرارها. ومن المهم في هذا السياق أن يكون للرياضيين المسلمين في شتى مجالات الرياضة دورهم نحو نظرائهم من غير المسلمين لإزالة اللبس ودرء الشبهات الملصقة بالرسول عليه الصلاة والسلام أو بالإسلام وأن يعرفوا برسولهم وبدينهم بالقدوة الطيبة والتعامل الأمثل والعرض المناسب، وهذا من جملة المسؤولية التي يطالب بها المسلمون جميعاً كل بحسبه وبقدر مسؤوليته وعلمه. * الأمين العام المساعد للمركز العالمي للتعريف بالرسول [email protected]