تطلعت الألمانية أريان فريديريش أن تعزز مسابقة الوثب العالي للسيدات ضمن بطولة العالم لألعاب القوى المقامة حالياً في برلين، اهتمام الألمان ب»أم الألعاب»، استناداً الى مكانتها في قلوبهم بعدما حطمّت رقم «معبودة الجماهير» مواطنتها هايكي هنكل مسجلة 2.06م (أفضل رقم هذا الموسم) في لقاء برلين الدولي (14 حزيران (يونيو) الماضي)، الذي شكّل إفتتاح مراحل الدوري الذهب «غولدن ليغ» على جائزة المليون دولار، و»ماسحة» رقماً ألمانياً عمره 18 عاماً. وتغلّبت فريديريش (25 سنة) في اللقاء على النجمة الأولى للمسابقة الكرواتية بلانكا فلاسيتش، حارمة إياها من المنافسة على «الجائزة الدسمة»، ومحفّزة وسائل الإعلام على الحديث مطولاً عن «المنافسة المحتدمة بين الغريمتين التي ستتفاعل وصولاً لمحطتها القصوى في بطولة العالم، في المكان ذات أولمبياشتاديوم». لكن فلاسيتش احتفظت بلقبها بطلة للعالم أول من أمس، بعدما وثبت 2.04م، في المحاولة الثانية، وقبل أن تفشل ثلاث مرات في تخطي حاجز ال2.10 م لتحطيم الرقم القياسي العالمي الصامد بحوزة البلغارية ستيفكا كوستادينوفا (2.09 م) منذ 30 آب (أغسطس) 1987 في روما (النسخة الثانية من بطولة العالم). وتفوقت فلاسيتش (25 سنة) على الروسية آنا تشيتشيروفا (ثانية «أوساكا 2007») التي سجلت 2.02 م بفارق المحاولات أمام فريديريش، اذ تجاوزت هذا الإرتفاع في الجولة الأولى فيما بلغته الألمانية في المحاولة الثالثة. ونجحت فلاسيتش (سجلت 2.03م في أوساكا) في محو خيبة أمل دورة الألعاب الأولمبية في بكين العام الماضي عندما حلت ثانية خلف البلجيكية تيا هيليبو, وردت اعتبارها من منافستها الشرسة فريديريش (حلّت سابعة في بكين مسجلة 1.96م). واللافت أن المشاركات وفي مقدمهن فريديريش وقفن يشجعن مع الجمهور فلاسيتش، حين تصديها لتحطيم الرقم العالمي. وهي وصفت «الموقعة» بالمثيرة و»من الأصعب في مسيرتي، خصوصاً أن الحديث عنها إستغرق شهوراً». وظهرت البطلة الكرواتية «أكثر نضوجاً» ما عزز أوراقها، وكشفت أنها تخلّصت من الضغط الملقى على كاهلها عقب اجتيازها ارتفاع 2.02م. وقالت: «كنت أتمنى أن نتنافس على ارتفاع 2.08م – 2.10م). في المقابل، أبدت فريديريش (بطلة أوروبا للقاعات – 2.01م) إعتزازها ب»المنافسة السوبر في برلين»، وأعربت عن سعادتها بحصولها على الميدالية البرونزية «بعد هذا الضغط الكبير. والمهم أن المسابقة استقطبت اهتمام العالم. وهناك محطات كثيرة مقبلة». وبدت فلاسيتش منشرحة جداً. وطغى صراخها خلال جولة الشرف على «هيصة» الجمهور وتصفيقه. وهي كسبت مجداً القلوب والعقول، واستقطبت الأنظار محولة الإهتمام نحوها عن كل ما عداه في مضامير ألعاب القوى وميادينها. ومنذ فرضت وجودها في السنوات الأربع الأخيرة أضحت العلامة الفارقة والقيمة المضافة الى كل مسابقة، لا سيما حين ترتقي في الارتفاع إلى أبعد من طاقة الأخريات. وخلال هذه الحقبة القصيرة لم تخسر فلاسيتش الصبية الجميلة (1.92م - 75 كلغ) الا مرتين. ومنذ العام الماضي حين بلغت ارتفاع 2.07م، تبدو أقرب أكثر من أي وقت الى معادلة الرقم العالمي أو تجاوزه. لكنها تذكّر دائماً أنها غير مستعجلة، «فالأمور مرهونة بنضوجها». فلاسيتش إبنة عائلة رياضية، فوالدها يوسكو أحرز ذهبية المسابقة العشارية (7659 نقطة) في دورة ألعاب البحر المتوسط عام 1983 في الدارالبيضاء قبل أسابيع من ولادتها، لذا أطلق عليها اسم بلانكا المشتق من «كازابلانكا» اسم المدينة المغربية بالأجنبية، تيمناً بانتصاره... ووالدتها أستاذة رياضة أيضاً. وقد وجهاها بداية نحو الكرة الطائرة، خصوصاً أن والدها كان يجد مستقبلاً أفضل للرياضيين في الألعاب الجماعية ذات الصيت الكبير في يوغوسلافيا السابقة. غير أنها فضّلت ألعاب القوى وإنخرطت في مجالها منذ عام 1997، وحصدت لقب بطولة العالم للناشئات وهي لا تزال في فئة الفتيات، وحافظت عليه في النسخة التالية بعد عامين. والعناية الفائقة بإعداد فلاسيتش يتولاه والدها والمدرب بويان مارينوفيتش، اذ يضع الأول البرامج ويحدد نقاطها العريضة، ويهتم الثاني بالجانب التقني ويرافق البطلة في مشاركاتها. وأضحت فلاسيتش رمزاً مضيئاً بالنسبة للكرواتيين الذين لا يقبلون أنصاف الحلول، لذا فإن العيون تلاحقها وتحصي أنفاسها، وباتت عرضة ل»الباباراتزي». وفي لقاء روما الدولي 2008، خطفت الأضواء من بطلة القفز بالزانة الروسية يلينا ايسينباييفا، وهي طبعاً مسرورة بهذه الإحاطة الدافئة والإهتمام الكبير، وتتجاوب مع رغبات المصورين، في الملعب فقط.