أعلن العاهل المغربي الملك محمد السادس خطة جديدة لإصلاح القضاء «لضمان استقلاله وتحديث منظومته وتأهيل مكوناته وتحصين ممارساته». وقال في خطاب ألقاه ليل أول من أمس لمناسبة ذكرى «ثورة العرش والشعب»، إن «بناء دولة المؤسسات القوية لا يكون إلا بسيادة القانون وعدالة القضاء»، معتبراً ان إصلاح القضاء يندرج في إطار «تعزيز ورش التحديث». وأشار إلى أن الخطة تهدف إلى تحقيق أهداف عدة يأتي ضمان استقلال القضاء في مقدمها، من خلال تفعيل دور المجلس الأعلى للقضاء كمؤسسة دستورية قائمة بذاتها، وتخويله صلاحيات تدبير المسار المهني للقضاة، إضافة الى تطوير المنظومة القانونية، خصوصاً في مجال الأعمال والاستشارات وضمان شروط المحاكمة العادلة. ودعا إلى معاودة النظر في القوانين السارية المفعول كي تصبح ملائمة للتطورات من خلال استحداث مرصد وطني للإجرام وتأهيل السجون والإصلاحيات وتطوير طرق قضائية بديلة مثل الوساطة والتحكيم والصلح، كما دعا إلى تقريب القضاء من المتقاضين وتحصينه من «الارتشاء واستغلال النفوذ». وأعلن عزمه تشكيل مجلس استشاري يتسم بالتعددية والتمثيلية والاستقرار يكون بمثابة إطار للتفكير وتبادل الخبرات في شأن القضايا المرتبطة بالعدالة في نطاق احترام صلاحيات المؤسسات الدستورية واستغلال السلطة القضائية واختصاصات بقية السلطات. ورأى الملك محمد السادس الذي ركز كل خطابه على ملف القضاء أن العدالة عماد المساواة أمام القانون وملاذ للإنصاف الذي يوطد الاستقرار الاجتماعي، «بل أن قوة وشرعية الدولة نفسها وحرية مؤسساتها من قوة العدل الذي هو أساس الملك». ودعا حكومة رئيس الوزراء عباس الفاسي إلى بلورة خطة متكاملة ومضبوطة «تجسد العمق الاستراتيجي لإصلاح القضاء» في أبعاده المختلفة. وكان العاهل المغربي جدد ثقته في زعيم «الاتحاد الاشتراكي» عبدالواحد الراضي وزيراً للعدل قبل أقل من سنة ودعاه إلى بلورة خطة لإصلاح القضاء تواكب تحولات المرحلة عبر إجراء مزيد من المشاورات مع الفاعلين في القطاع ومكونات المجتمع. وزادت الدعوات من أجل ترسيخ استقلال القضاء عن بقية السلطات التنفيذية والتشريعية، وجعله مواكباً لإجراءات المحاكمات العادلة، خصوصاً في النزاعات التجارية والإدارية. وألغت السلطات المغربية محكمة العدل الخاصة التي كانت تتولى البت في ملفات الاختلاسات والتجاوزات المالية التي يتورط فيها العاملون في القطاع العام، وأُحدثت في العام 1972 لمحاكمة وزراء ورجال أعمال بتهم التورط في فضائح مالية وصفقات مشبوهة، كما تم تشكيل محاكم إدارية للبت في النزاعات القائمة بين السلطات والمواطنين، ومخالفات الاستحقاقات الانتخابية. غير أن ذلك لم يحل دون تنامي الانتقادات لبطء العدالة في تنفيذ الأحكام القضائية والحاجة الى تحديث التشريعات سارية المفعول.