تبادل مسؤولون أمنيون عراقيون الاتهامات في ما بينهم حول المسؤولية عن تفجيرات الاربعاء في بغداد خلال جلسة برلمانية طارئة أمس، فيما عبر نواب البرلمان عن «عدم قناعتهم بالتبريرات التي قدمها وزراء الدفاع والداخلية والأمن الوطنية وقائد عمليات بغداد لأسباب الانهيار الأمني». وفي وقت طالب بعضهم بإقالة الوزراء الامنيين واستدعاء رئيس الوزراء نوري المالكي الى البرلمان لاستجوابه، كشف وزير الدفاع عبدالقادر العبيدي «أن الأسلحة المستخدمة في التفجيرات ايرانية الصنع». وعقد البرلمان العراقي «جلسته الطارئة» برئاسة خالد العطية النائب الأول لرئيس البرلمان بعدما قاطع رئيس البرلمان اياد السامرائي الجلسة، للاستماع الى وزراء الدفاع عبدالقادر العبيدي والداخلية جواد البولاني والامن الوطني شروان الوائلي وقائد عمليات بغداد الفريق الركن عبود كنبر. وقال العطية في أعقاب الجلسة إن توصيات صدرت عنها تتضمن «الدعوة إلى عقد جلسة طارئة في غضون أسبوع» و «اعادة تقويم أداء القيادات الأمنية ومحاسبة المقصرين» و «تنفيذ الأحكام في حق المدانين» و «التواصل مع الشعب بحقيقة الوضع الامني» و «ايجاد آلية جديدة لمعالجة الاطلاق العشوائي للمعتقلين» و «ضمان التنسيق بين المؤسسات الأمنية» و «دعوة الحكومة الى تعويض المواطنين المتضررين في أسرع ما يمكن» و «تشكيل لجنة مشتركة بين الداخلية والدفاع والأمن الوطني لوضع آليات مكافحة الارهاب» و «تفعيل قانون مكافحة الارهاب وإعادة النظر في قانون العفو». وكانت بغداد تعرضت يوم الأربعاء الماضي الى سلسلة تفجيرات متعاقبة أسفرت عن مقتل وإصابة أكثر من ألف شخص، بحسب احصاءات غير رسمية. جلسة سرية وأثار قرار العطية اخراج الاعلاميين من قاعة البرلمان، شجب غالبية الأعضاء الذين شددوا على «ضرورة أن يعرف الشعب العراقي ما يدور في هذا الاجتماع، ويجب نقله مباشرة وعلى الهواء»، فيما اعتبر النائب عن «الكتلة الصدرية» فوزي اكرم ترزي اخراج الاعلاميين «خيانة للشعب العراقي». وقال وزير الداخلية جواد البولاني خلال مؤتمر صحافي مشترك بعد الجلسة إن «ادارة الملف الأمني مسؤولية عمليات بغداد تدعمها وزارتي الداخلية والدفاع». وأضاف أن «استلامنا الملف الأمني من القوات الأميركية لا يعني افتراضنا نهاية التحديات». وزاد أن «ملف الحدود بين الدول يتطلب اقراراً من دول الجوار بالظروف الجديدة في العراق». وأعرب برلمانيون عن «رفضهم التبريرات التي قدمها الوزراء الأمنيون»، ولا سيما أنهم فوجئوا بطرح القادة الأمنيين عدم وجود تنسيق بين قوات الأمن وتبادلهم الاتهامات بالمسؤولية. وطالب رئيس «كتلة التضامن» المنضوية في «الائتلاف الموحد» قاسم داود «بإقالة وزراء الدفاع والداخلية والأمن الوطني وقيادة عمليات بغداد لإخفاقهم في حماية المواطنيين وتقديمهم تبريرات غير مقنعة». وقال داود الذي شغل منصب وزير الأمن الوطني في حكومة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي ل «الحياة» إن «البرلمان سيشكل لجنة تحقيقية للوقوف على أسباب الانهيار الأمني وتداعياته ولمعرفة المسؤول عن ذلك». وأضاف أن «البرلمان يعتزم استدعاء رئيس الوزراء نوري المالكي لاستجوابه باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، وهناك طلبات كثيرة في هذا الخصوص». وتابع أن «النواب ضاقوا ذرعاً باللجان التحقيقية التي تشكلها الحكومة بعد كل خرق أمني، والتي تستخدم لامتصاص غضب البرلمانيين والشارع العراقي وتسويف القضية وإماتتها من خلال ذر الرماد في العيون، وتنتهي من دون محاسبة المقصرين». وتابع ان «جميع النواب الذي حضروا الجلسة لم يقتنعوا بتبريرات وشروحات الوزراء الامنيين عن تفجيرات الاربعاء، ولم يضف الوزراء الى معلوماتهم أي جديد»، مشيراً الى أن «النواب خرجوا بنتيجة مفادها أن الحكومة تحاول إلهاءهم وتطييب خواطرهم ليس إلا، وأن هناك من يريد التعتيم على الصورة لأنها لم تكن واضحة». من جهته، قال قائد عمليات بغداد عبود قنبر خلال المؤتمر المشترك «إن القوات العراقية اعتقلت خمسة أشخاص من تنظيم القاعدة في منطقة سبع البور». وكان رئيس البرلمان اياد السامرائي الذي قاطع جلسة أمس، قال إن «عقد جلسة استثنائية للبرلمان من دون تمهيد سيحولها إلى ساحة للتنابز والاتهامات التي لا تستند إلى أسس موضوعية، وربما لتصفية حسابات بين القوى السياسية، وهذا ما ينبغي ألا نسمح به». وشدد في بيان لمكتبه في تعليقه على الدعوة إلى عقد جلسة للبرلمان على وجوب «أن يسبق الجلسة الاستثنائية اجتماع للمجلس السياسي للأمن الوطني لتحديد القضايا التي ينبغي أن تطرح في الجلسة الاستثنائية والتوجهات المتفق عليها بين الكتل السياسية». ونقلت مصادر برلمانية حضرت الجلسة الطارئة عن وزير الدفاع عبدالقادر العبيدي أن «هناك أسلحة تدخل للإرهابيين مصنوعة من دول مجاورة وتحديداً ايران». وأكد العبيدي أن «الأسلحة والمتفجرات التي استخدمت في أحداث الأربعاء ايرانية الصنع». وأشارت المصادر إلى أن «وزير الدفاع أشار إلى أماكن صنع هذه الأسلحة، لكنه لم يتهم حكومتي الدولتين بالوقوف وراء التفجيرات». من جهته، قال رئيس كتلة «حزب الفضيلة» النائب حسن الشمري إنه «اذا لم يستطع القادة الأمنيون مواجهة التحديات، فليقدموا استقالاتهم». وأضاف أن «كلام القادة الأمنيين ليس بالمستوى المطلوب، ولم يكن واضحاً حول الجهة التي تقف وراء أعمال العنف والتصعيد الأمني». الى ذلك، أكد النائب عمر عبدالستار في اتصال مع «الحياة» أن «البرلمان يسعى إلى عقد جلسة استماع لرئيس الوزراء للوقوف على أسباب التراجع الأمني الخطير الذي يمهد لوقوع كارثة كبيرة». وأضاف أن «لا بد من اعادة هيكلة المؤسسات الأمنية بعيداً من المحاباة والمجاملات الحزبية». وأضاف أن «لا بد من عقد اجتماع طارئ للمجلس السياسي للامن الوطني ومتابعة مستجدات الاوضاع الامنية في البلاد، الى جانب اعادة النظر في تشكيل بعض المؤسسات الامنية التي أعتقد بأنها كانت سبباً في إرباك العمل الأمني». تحقيقات وعلمت «الحياة» من مصادر أمنية مطلعة أن «التحقيقات الأولية في موجة تفجيرات يوم الأربعاء الماضي، كشفت تورط بعض القيادات المشرفة على وضع الخطط الأمنية». وأكد مصدر طلب عدم كشف هويته أن «التحقيقات الاولية مع بعض الضباط الذين اعتقلوا على خلفية الخروقات الأمنية الكبيرة التي وقعت قرب مواقع حكومية حساسة، أشارت الى تواطؤهم مع بعض الجهات المرتبطة بأجندات خارجية». وتابع المصدر: «للأسف بعض مسؤولي العمليات الامنية لا يملكون من الخبرة والكفاءة ما يؤهلهم لتحمل مسؤولياتهم، وتتلخص مؤهلاتهم بقربهم من بعض الجهات السياسية المتنفذه. والأخيرة تتبع أجندة معينة، الأمر الذي انعكس سلباً على انجازات الامن في الشارع العراقي». وتابع المصدر أن «لدينا مؤشرات أولية أكدت أن أجهزة كشف المتفجرات لم تكن فاعلة وأن توزيعها جرى في صورة غير مدروسة حول المناطق الحساسة. وهذا الخطأ الفادح تتحمله كل المؤسسات والوزارات الأمنية بما فيها قيادة عمليات بغداد». وتشير المعلومات بحسب مصادر مطلعة الى أن سيارات تابعة لوزارة الدفاع ساهمت بتسهيل مرور الشاحنات التي كانت تحمل المتفجرات.