لندن، واشنطن، أدنبره، طرابلس، غلاسكو - «الحياة»، أ ب، أ ف ب، رويترز - أنهت الحكومة الاسكتلندية أمس أسابيع من الجدل، وأفرجت «لأسباب إنسانية» عن ضابط الاستخبارات الليبي السابق عبدالباسط المقرحي المدان في تفجير لوكربي، رغم المعارضة الأميركية الشديدة وانقسام عائلات الضحايا. واستُقبل المقرحي لدى وصوله من غلاسكو الى مطار طرابلس باحتفال كبير. وأعلن وزير العدل الاسكتلندي كيني ماك اسكيل في مؤتمر صحافي أمس أن المقرحي (57 عاماً) يمكنه العودة إلى ليبيا ليقضي فيها آخر أيامه، معتبراً أن القانون ينص على «تطبيق العدالة، ولكن كذلك إظهار الرأفة. لهذه الأسباب وحدها، قررت الإفراج عن المقرحي لأسباب إنسانية، والسماح له بالعودة إلى ليبيا». واعتبر أن «بعض الجروح لا يندمل، ولا نتوقع من أولئك الذين عانوا الفقد أن ينسوا أو يسامحوا... لكن المقرحي يواجه الآن عدالة من قوة عليا... سيموت». ويعاني المقرحي من مراحل متقدمة من سرطان البروستاتا. وأكد الأطباء أنه لن يعيش أكثر من ثلاثة شهور. وهو المدان الوحيد بقتل 270 شخصاً في انفجار طائرة ركاب أميركية فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية في 21 كانون الأول (ديسمبر) 1988 أدى إلى مقتل 259 كانوا على متنها، غالبيتهم من الأميركيين، و11 آخرين على الأرض. وبعد دقائق من إعلان الوزير الاسكتلندي قراره، غادر المقرحي سجن غرينوك في غرب اسكتلندا حيث وقفت مجموعة صغيرة من السكان تطلق صافرات الاستهجان لدى مغادرة موكبه إلى مطار غلاسكو، ليستقل طائرة ليبية عاد على متنها إلى طرابلس، بصحبة سيف الإسلام نجل الزعيم الليبي معمر القذافي. وأصدر المقرحي بياناً تلاه محاموه في اسكتلندا عقب الإفراج عنه، مؤكداً ارتياحه الشديد الى القرار. وكرر نفيه تورطه في تفجير لوكربي، معتبراً أن إدانته كانت «خطأ». وقال إن الحقيقة عمن يقف وراء الاعتداء ربما لن تُكشف أبداً. وأعرب عن «التعاطف الصادق» مع الضحايا وعائلاتهم، ل «الخسارة غير المحتملة التي تكبدوها». ورغم طلب واشنطن من ليبيا عدم استقبال المقرحي «استقبال الأبطال»، احتشد مئات الشبان في المطار العسكري الذي حطت فيه طائرته على أطراف طرابلس وهو يرتدون قمصاناً ويرفعون لافتات تحمل صوره، فيما استعدت فرقة موسيقية عسكرية لاستقباله. وأثار القرار الاسكتلندي إدانة شديدة في واشنطن. وأعربت الإدارة الأميركية عن «خبية أمل» و «أسف عميق» للإفراج عن المقرحي. وقال البيت الأبيض في بيان إن الولاياتالمتحدة عبرت «مراراً لمسؤولي الحكومة البريطانية والسلطات الاسكتلندية عن أن المقرحي ينبغي أن يقضي عقوبته في اسكتلندا»، مشيراً إلى أن إدارة الرئيس باراك أوباما «تشعر بتعاطف عميق مع أسر الضحايا وتدرك الخسارة الفادحة التي ستظل لدى هذه الأسر إلى الأبد». وبعدها، اعتبر أوباما القرار «خطأ»، معرباً عن رغبته في وضع المقرحي «رهن إقامة جبرية». واعتبر ممثل عائلات الضحايا الأميركيين القرار «مجحفاً بحق الضحايا، ومن أظلم القرارات التي شهدها المجتمع الدولي». أما أقارب الضحايا البريطانيين، فأكد عدد منهم رضاه عن القرار وعدم اقتناعه بمسؤولية المقرحي عن التفجير من الأساس، فيما أعرب آخرون عن الغضب والقلق. من جهة أخرى، اعتذر الرئيس السويسري هانز رودولف ميريز للحكومة الليبية أمس عن احتجاز ابن العقيد معمر القذافي لفترة وجيزة العام الماضي، مفسحا بذلك المجال لعودة العلاقات الطبيعية بين الجانبين. وقال ميريز للصحافيين في طرابلس: «نحن نعتذر عما حدث لهانيبال القذافي، واتفق الجانبان على تشكيل لجنة لمناقشة المسألة». وأكد رئيس الوزراء الليبي البغدادي علي المحمودي أن البلدين اتفقا على «تطبيع» العلاقات، وهو قرار أكده ميريز. وكان هانيبال القذافي وزوجته الحامل الين اعتقلا في فندق في جنيف في تموز (يوليو) 2008 بتهمة إساءة معاملة اثنين من الخدم. واسقط المدعي العام في جنيف القضية في أيلول (سبتمبر) الماضي بعدما سحب الشاكيان شكواهما الرسمية بعد التوصل إلى تسوية لم يعلن عنها مع ابن القذافي وزوجته.