توماس مولر يكشف عن رحيله عن بايرن ميونيخ    التشكيل المتوقع للقاء الأهلي والاتحاد    قرار من جيسوس بعد خسارة الهلال أمام النصر    الحرب على المخدرات مستمرة.. ضبط عدد من المروجين بعدد من المناطق    تعليم جازان يعتمد مواعيد الدوام الصيفي بعد إجازة عيد الفطر    موسم جدة يحتفي بخالد الفيصل في ليلة "دايم السيف"    «هيئة الطرق» و «وِرث» يُطلقان مبادرة لوحات «ورث السعودية» على الطرق السريعة    ارتفاع صادرات كوريا الجنوبية من المنتجات الزراعية والغذائية في الربع الأول من عام 2025    الداخلية: ضبط (18407) مخالفين لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    أمطار رعدية غزيرة وسيول على عدة مناطق في المملكة    أسعار النفط تسجل تراجعًا بنسبة 7%    «التعاون الإسلامي» تدين قصف الاحتلال الإسرائيلي مدرسة دار الأرقم ومستودعًا طبيًا في قطاع غزة    الشيخ أحمد عطيف يحتفل بزواج ابنه المهندس محمد    "كريستيانو رونالدو" يعلق على تسجيله هدفين في " الديربي" أمام الهلال    الجيش الأوكراني: روسيا تنشر معلومات كاذبة بشأن هجوم صاروخي    "أخضر الناشئين"يفتح ملف مواجهة تايلاند في كأس آسيا    رونالدو يعزز صدارته لهدافي دوري روشن للمحترفين    أموريم: لست مجنوناً لأفكر في فوز مانشستر يونايتد بلقب الدوري الإنجليزي    «سلمان للإغاثة» يوزّع سلالًا غذائية في عدة مناطق بلبنان    مدرب الهلال يعلن تحمل مسؤولية الخسارة    بعد رسوم ترمب.. الصين توقف إبرام اتفاق بيع تيك توك مع أميركا    رئيس هيئة الأركان العامة يستقبل قائد القيادة المركزية الأمريكية    "دايم السيف"... الإرث والثراء الخالد    محمد واحمد الشعيفاني يحتفلان بزفافهما بالقصيم    إمام المسجد الحرام: الثبات على الطاعة بعد رمضان من علامات قبول العمل    إمام المسجد النبوي: الأعمال الصالحة لا تنقطع بانقضاء المواسم    بلدية رأس تنورة تختتم فعاليات عيد الفطر المبارك بحضور أكثر من 18 ألف زائر    العماد والغاية    إقبال كبير على الجناح السعودي في معرض بولونيا الدولي للكتاب    نهضة وازدهار    رؤية متكاملة لتنظيم سوق العقار    شكراً ملائكة الإنسانية    النوم أقل من سبع ساعات يوميًا يرفع من معدل الإصابة بالسمنة    بريد القراء    السعودية تدين وتستنكر الغارات الإسرائيلية التي استهدفت 5 مناطق مختلفة في سوريا    الملك وولي العهد يعزيان عضو المجلس الأعلى حاكم أم القيوين في وفاة والدته    مركز 911 يستقبل أكثر من 2.8 مليون مكالمة في مارس الماضي    نفاذ نظامي السجل التجاري والأسماء التجارية ابتداءً من اليوم    المملكة تستضيف "معرض التحول الصناعي 2025" في ديسمبر المقبل    المملكة تدين اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي للمسجد الأقصى    العثور على رجل حي تحت الأنقاض بعد 5 أيام من زلزال ميانمار    ودعنا رمضان.. وعيدكم مبارك    أكثر من 122 مليون قاصدٍ للحرمين الشريفين في شهر رمضان    الجيش اللبناني يغلق معبَرين غير شرعيَّين مع سوريا    المملكة تحقِّق أرقاماً تاريخية جديدة في قطاع السياحة    الدول الثماني الأعضاء في مجموعة أوبك بلس يؤكدون التزامهم المشترك بدعم استقرار السوق البترولية    الأونكتاد: سوق الذكاء الاصطناعي يقترب من 5 تريليونات دولار    بلدية محافظة الأسياح تحتفي بعيد الفطر وتنشر البهجة بين الأهالي    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة حتى الاثنين المقبل    بلدية محافظة الشماسية تحتفل بعيد الفطر المبارك    أكثر من 30 فعالية في (٨) مواقع تنثر الفرح على سكان تبوك وزوارها    احتفالات مركز نعام بعيد الفطر المبارك 1446ه    وزارة الصحة الأمريكية تبدأ عمليات تسريح موظفيها وسط مخاوف بشأن الصحة العامة    ترحيب سعودي باتفاق طاجيكستان وقرغيزستان وأوزبكستان    محافظ الطوال يؤدي صلاة عيد الفطر المبارك في جامع الوزارة ويستقبل المهنئين    باحثون روس يطورون طريقة لتشخيص التليف الكيسي من هواء الزفير    جمعية " كبار " الخيرية تعايد مرضى أنفاس الراحة    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بعيد الفطر    









«هيومن رايتس»... والحدود في الشريعة الإسلامية
نشر في الحياة يوم 13 - 03 - 2013

الأسبوع الماضي كررت منظمة حقوق الإنسان هجومها على المملكة العربية السعودية، ولكن هذه المرة في محاولة منها لوقف تطبيق إقامة الحدود في المملكة، وقال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط في «هيومن رايتس ووتش» إريك غولدستين: «سيكون أمراً مشيناً إذا أقدمت السلطات السعودية على تنفيذ عمليات الإعدام هذه، لقد حان الوقت لأن تكف السلطات السعودية عن إعدام المخالفين الأطفال»، وهذا بهتان وافتراء محض، فالسبعة الذين حكم عليهم بالإعدام في «أبها» تتجاوز أعمارهم 25 عاماً.
إن الشريعة الإسلامية مستمدة من ينبوع شرائع السماء على اختلاف العصور والديار، فأحكام الإسلام ليست قوانين وضعية محدودة بقوانين البشر، وإنما هي قضاء قضى به الله العدل، فالله العدل هو الذي شرَّع الحدود والقصاص لزجر كل معتدٍ أفّاك وظالم جبار، فحدوده وقصاصه من عدله تعالى حتى لا تطغى حيوانية الإنسان على أخيه الإنسان، فمن العدل حفظ التوازن واجتناب الفساد وقمع المعتدي.
والحقوق في الشريعة الإسلامية على ثلاثة أنواع: حق الله، وحق الإنسان، وحق مشترك، وهو ما اجتمع فيه الحقان، ولكن قد يغلب حق الله، أو حق الإنسان الشخصي، أما حق الله (الحق العام)، فهو ما يقصد فيه تنفيذ الأحكام التي أمر الله تعالى بها، وقضى بها على عباده، وينسب هذا الحق إلى الله، لعظم خطره وشمول نفعه، أي أنه هو حق عام يسود في المجتمع. وحق الإنسان (حق العبد) هو ما يقصد منها حماية مصلحة الشخص، سواء أكان الحق عاماً، أم خاصاً، وإن الحقوق الشخصية يملك صاحبها حق التنازل عنها وإسقاطها بالعفو، أو الصلح، أو الإبراء، أو الإباحة، ويجري فيها التوارث، ولا يحق لأحدٍ التدخل فيها، إلاّ من باب الشفاعة الحسنة.
أما الحق المشترك بين حق الله العدل وحق العبد، فإما أن يتغلب الحق الأول على الآخر أو العكس، ومثال ذلك «حق القصاص»، ففيه حقان: حق الله، وهو تطهير المجتمع من جريمة القتل النكراء، وحق شخصي، وهو شفاء غيظ وارث القتيل، وتطييب نفسه بقتل القاتل، وهذا الحق هو الغالب، لأن مبنى القصاص على المماثلة لقوله تعالى: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ). والمماثلة ترجح حق الشخص، وحكمه أنه يلحق بالقسم الثاني، وهو حق الشخص في جميع أحكامه، فيجوز لولي المقتول العفو عن القاتل، والصلح معه على مال.
لقد برهنت الأيام والأحداث أن المجرمين الذين تدافع عنهم منظمة حقوق الإنسان لا ينزجرون بالسجن بعدما غدت الجرائم حرفة لها أهلها وأصحابها من اللصوص، والقتلة، والبغاة، والزناة، وقطّاع الطرق، وخير دليل على ذلك ازدياد ظاهرة العنف، والقتل، والاغتصاب، والسرقة في الدول الغربية. والإحصاءات التي تجريها هذه الدول كل عام ترينا بوضوح الفارق بين شريعة السماء وشريعة حكام الأرض، ومن استمد منهم شأن البلاد المستضعفة في هذه القرون الأخيرة. وقد أضحت حوادث اغتصاب النساء في الدول الغربية أمراً مألوفاً للعامة؛ وما هذا إلاّ نتيجة لتراخي القانون أمام المجرم، الذي يستطيع فيه أن يبقى حياً طليقاً مهما فعل من أعمال إجرامية، سواء كبرت أو صغرت، ولو أحيط المجرم علماً بأن جريمته ستؤدي به إلى هلاكه لما فكر للحظة واحدة في الإقدام على ارتكابها، وفي معظم الدول الغربية، فإن عصابات الإجرام والقتلة وقطاع الطرق يعلمون مسبقاً بأن لديهم محامين يدافعون عنهم، وقضاة يتلاعبون بالقانون كيف يشاؤون، ويعلمون أن لكل جريمة قيمتها المادية، هذا في حال أن علمت بها السلطات القضائية، كما أن «الوساطة» تفعل مفعولها المؤثر في القاضي والحاكم، فضلاً عن الحزبية وغيرها من الأصابع التي تعبث في تلك المجتمعات.
إن حقوق العباد في الشريعة الإسلامية لا تماثلها حقوق الإنسان في أي شريعة أخرى وضعية على مدى العصور، فإذا ثبت القتل، وجب على القاتل إما القصاص، وإما الدية، ولا يسقط القصاص إلا بعفو أولياء المقتول، على أن يأخذوا الدية أو بلا مقابل، ويجب إرضاء أولياء المقتول، فإن كان القتل عمداً لا بد أن يمكّنهم الحاكم من القصاص منه، فإن شاؤوا قتلوه، وإن شاؤوا عفوا عنه من دون مقابل، وهذا يعتبر من أكمل وأرفع الحقوق الشخصية للإنسان في تلك اللحظات، التي يحس فيها من قُتل أحد أفراد أسرته أنه يمتلك زمام العدل بيده، ولن يستطيع حاكم ولا مشرّع، ولا قاضٍ، أن يجبره على التنازل عن حقه... إذاً فحدّ القصاص شُرّع لحماية النفوس من القتل حتى لا يستهان بها، والله العدل يقول: (وَلَكُم فِي القَصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلبَابِ لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ).
وفي حد الحرابة والسرقة حماية لأموال الناس وأمنهم وطمأنينتهم وحقهم في السكون والأمان والراحة في منازلهم وبين أهليهم وأولادهم، كما أن السرقة هي إحدى الجرائم التي يعاني منها المجتمع الغربي، وهي بازدياد مطرِّد، يوماً بعد يوم بسبب تراخي العقاب، مع أنها كذلك محرّمة في كل الشرائع السماوية.
إن الحدود في الإسلام شُرِّعت من أجل حماية حقوق الإنسان الأساسية: «النفس، والدين، والعرض، والعقل، والمال». والقضاء في الإسلام هو الأساس الذي قام عليه حماية حقوق الإنسان، وهو الحصن الحصين ضد الظلم والعدوان على حقوق الإنسان. وإن إحقاق الحق ليس عيباً، والعيش بسلام لا يعتبر رجعية، وإنزال عقوبة الموت بالقاتل ليس تعدياً على حقوق الإنسان، كما يتصور البعض، لأن من أقدس حقوق الإنسان أن يعيش بسلام وأمن في حمى الدولة، لا في خوف من الخارجين عن القانون.
وبعد... فإن الأخذ بأحكام الإسلام هو إقامة مجتمع إسلامي آمن مطمئن، لا مكان فيه للجريمة والفوضى، وإن تطبيق الحدود يُعد زجراً مناسباً للمجرمين ولأمثالهم في المجتمع، فهو رحمة بالناس عامة. ولقد يحلو لبعض المرتابين من أهل الغرب، وغيرهم، أن يصفوا عقوبة قطع الرأس، أو اليد، أو الرجم والجلد، بأنها لا تتفق مع المدنية المتحضرة والتقدم، ويرمونها بالعنف والغلظة، فهؤلاء يركزّون النظر على شدة العقوبة ويتناسون فظاعة الجريمة وآثارها الخطرة في المجتمع والإنسانية.
* باحث في الشؤون الإسلامية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.