يبدو أن الرياضة السعودية قد سلكت منعطفاً خطراً هذه الأيام لم تسلكه من قبلُ، عبر تاريخها المديد، فالطريق الجديد يتعلق بالاستعانة ب«القسم» و«الحلف بالله على المصحف»، إذ حدث ذلك على خلفية قرار لجنة الانضباط بإيقاف حارس التعاون فهد الثنيان ستة أشهر بسبب «بصقه» على الحكم سامي النمري الذي قاد أخيراً مباراة فريقه التعاون أمام نجران في الجولة ال21 من دوري زين للمحترفين، إذ تبادل الثنيان والنمري أداء «القسم» عبر ظهورهما الإعلامي لإثبات صحة موقفهما وتأكيد ظلمهما في سابقة قسمت الشارع الرياضي السعودي إلى قسمين، فقسم يميل مع الحكم النمري ويؤيد القرار الصادر عن لجنة الانضباط، وقسم آخر يقف مع الثنيان بعد أن شعر بأنه مظلوم ويجب نصرته، لتبقى الحقيقة ضائعة حتى الآن في أول قضية من نوعها تغزو الملاعب السعودية. وتحذّر اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء من التساهل في مسألة «الحلف بالله» في الأمور الدنيوية وتقول في فتواها رقم 4950: «الإكثار من الحلف في الأمور الدنيوية بلا حاجة مكروه، لأن ذلك قد يؤدي إلى الاستهانة باسم الله تعالى، وأما استعمال الحلف في الأمور الدينية لتأكيدها للسامع ودفع الشك عنه وحثه على التمسك بها فهذا مطلوب، وهو الذي كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم». في حين شهدت الساحة الرياضية تعاطفاً كبيراً مع الحارس فهد الثنيان الذي ظهر أول من أمس عبر برنامج «الهدف» في قناة «لاين سبورت» وتحدث بألم عن الظلم الذي تعرض له، على حد تعبيره، وأقسم على المصحف الشريف بعد أن رفعه بيده اليمنى من أنه لم يبصق على الحكم، مشدداً على أنه قطع 400 كلم من «القصيم» إلى الرياض بسيارته الخاصة من أجل أن يظهر أمام الملأ ويعلن براءته، وجاء في حديث الثنيان «الفضائي»: «كل ما حدث أنني عاتبت الحكم سامي النمري بعد نهاية لقاء فريقي مع نجران بسبب عدم احتسابه للوقت بدل الضائع بشكل دقيق، وكان بيني وبينه مسافة من 15 إلى 20 متر في منتصف ملعب نجران وأنا في طريقي إلى غرفة الملابس، وقلت نصاً (هذا اللي قدرك الله عليه)، ثم أعطيته ظهري مكملاً طريقي إلى غرفة الملابس». وأضاف: «سمعت أصوات زملائي وهم يتناقشون مع الحكم وعرفت بأنه منحني بطاقة وكنت أتوقع أنها صفراء، لأني لم أره أثناء منحها لي، وحينما ذهبت للمنزل هاتفني وكيل أعمالي عبدالرحمن الخنين الذي سألني عن حقيقة بصقي على الحكم، لأن المعلومة ترددت بشكل سريع، فنفيت له ذلك جملةً وتفصيلاً، لأن أخلاقي لا تسمح لي بذلك، وهذا كل ما في الأمر». وزاد: «إذا كان الحكم يملك دليلاً واحداً يدينني فليقدمه للمسؤولين، وأعد الجميع بأني سأعلن قرار اعتزالي نهائياً، ولكن الحقيقة أنهم لا يملكون أي شيء، لأن القرار من أساسه ظالم، والتهمه مسيئة إليَّ اجتماعياً ونفسياً، ولو كان القرار في أي تهمة لا تمس تربيتي وأخلاقي ربما لهان عليّ الأمر كثيراً»، ثم رفع الحارس التعاوني الثنيان المصحف الشريف، وقال أمام المشاهدين في مشهد محزن: «أقسم بمن أنزل هذا الكتاب أنني لم أبصق على الحكم لا من قريب ولا من بعيد ولا من فوق ولا من تحت، والله على ما أقول شهيد»، ثم أعلن في نهاية حديثه الفضائي اعتزال اللعب نهائياً حال سريان قرار الإيقاف. من جانبه، أكد رئيس لجنة الحكام في الاتحاد السعودي لكرة القدم عمر المهنا أن الحكم سامي النمري ومساعده نواف العتيبي أقسما بالله أن اللاعب فهد الثنيان «بصق»، ودوّن الحكم النمري وكذلك مقوِّم الحكام محمد النوفل ذلك في تقريريهما وهو ما جعل لجنة الانضباط تتخذ قرار الإيقاف بحق الحارس الثنيان. وسارعت إدارة التعاون أمس إلى إصدار بيان صحافي أكدت من خلاله أنها تسلمت خطاباً من الاتحاد السعودي لكرة القدم يتضمن قرار إيقاف الحارس فهد الثنيان ستة أشهر وتغريمه 20 ألف ريال لبصقه على حكم لقائهم أمام نجران في دوري زين، وأوضحت أنها تتحفظ على العقوبة الصادرة وستقوم برفع مذكرة استئناف، وستعمل جاهدة على الوقوف مع الثنيان ليقينها ومعرفتها التامة بسلوك وأخلاقيات اللاعب، ولكون الحادثة وقعت أمام مرأى الجميع بعد نهاية اللقاء ولم يشاهدها أحد من الحاضرين. وينتظر الرياضيون كافة قرار لجنة الاستئناف على أحر من الجمر لوضع النقاط على الحروف في القضية «الساعة» التي تشهدها الساحة الكروية، ومعرفة الظالم من المظلوم في حادثة «البصق» ومن ضلل الوسط الرياضي وضحك على الطرف الآخر.