أحدثت استقالة وزير المال الدكتور نبيل قسيس هزة في النظام السياسي الفلسطيني الذي يعيش أزمة دستورية عميقة منذ الانقسام عام 2007. وقالت مصادر في المؤسسة السياسية الفلسطينية ل «الحياة» إن استقالة قسيس تسببت في ازمة بين الرئاسة ورئاسة الحكومة، ذلك ان الرئيس محمود عباس تمسك بالوزير وأقنعه بالعودة بعد أن وافق رئيس الوزراء سلام فياض على استقالته. وأوضحت المصادر ان الرئيس اقنع وزير المال بالعدول عن استقالته، لكن رئيس الوزراء طلب ان يجري ذلك وفقاً للاجراءات الدستورية، أي أن يصار الى تعيينه وزيراً للمال من جديد، بما يتطلبه ذلك من صدور قرار بتعيينه، وقيامه بأداء القسم، بعد أن دخلت استقالته المكتوبة حيز التنفيذ. وأضافت ان الازمة الراهنة هي أحد مظاهر أزمة متنامية بين فياض وحركة «فتح»، ذلك ان عدداً من قيادات الحركة يطالب بتنحية فياض وتعيين رئيس وزراء من الحركة. وزادت هذه المطالبات بعد فشل جهود المصالحة مع حركة «حماس»، اذ كان متوقعاً تعيين رئيس وزراء جديد وحكومة جديدة. وكان وزير المال استقال الاسبوع الماضي بسبب الازمة المالية التي تعيشها السلطة، لكن الرئاسة طلبت منه العودة، وهو ما قبله. وقالت المصادر إن فياض قبل استقاله الوزير بعد اصراره عليها، لكنه فوجئ بتراجعه عنها، مضيفة: «لم يعترض فياض على عودة الوزير، لكنه طلب أن يجري تعيينه من جديد في المنصب، التزاماً بالقانون، الامر الذي احدث ازمة بين مؤسستي الرئاسة والحكومة». وتعيش السلطة الفلسطينية في ازمة مالية خانقة نتيجة تراجع الدعم المالي الدولي. وتسببت الازمة المالية بأزمة داخلية نتيجة قيام النقابات التي تقودها «فتح» بإضرابات ضد الحكومة، الامر الذي أزعج فياض الذي يرى في هذه الاضرابات جزءاً من الضغط الذي تمارسه عليه بعض المراكز في الحركة. وقالت مصادر مطلعة ان فياض نفسه قدم استقالته للرئيس أكثر من مرة في الاشهر الأخيرة بسبب هذه الضغوط، لكن الرئيس طلب منه البقاء في المنصب لحين اتضاح معالم الحوار مع «حماس» واحتمال تشكيل حكومة جديدة.