كانت العداءة الأميركية سانيا ريتشاردز تشعر منذ مستهل الموسم الحالي أنه "حان موعد التتويج وأزفت ساعته" في بطولة العالم لألعاب القوى، المقامة حالياً في العاصمة الالمانية برلين. وهي توقعت أن تقبض على الذهب العالمي في سباق ال400م، بعد خيبات متعددة ونكسات حتى أولمبية، علماً أنها تنطلق في كل موسم وهي في أوج الحماسة. وتبلغ سريعاً مستوى مرتفعاً، غير أن عراقيل صحية "خفية" فرملت استمرار سيطرتها خلال العامين الماضيين و"نسفت" جزءاً من طموحاتها. لكنها عادت هذا الموسم بقوة من خلال خوضها غمار مراحل الدوري الذهب "غولدن ليغ" على جائزة المليون دولار. ولا تزال تتسابق عليها مع بطلة القفز بالزانة الروسية يلينا ايسينباييفا والعداءة الجامايكية كيرون ستيوارت (100م) والإثيوبي كينينيسا بيكيلي (3000م و5000م). سجلت ريتشاردز (24 سنة) في برلين أفضل توقيت عالمي لل400م وبلغ 49 ثانية. وسبق أن حققت 49.23ث في لقاء أوسلو فكان التوقيت الأفضل لها منذ تسجيلها 48.06 ث (رقم قياسي أميركي) في أيلول (سبتمبر) عام 2006 خلال مسابقة كأس العالم في أثينا. وحتى تاريخه، سجلت ريتشاردز (73ر1م – 61 كلغ) 38 مرة زمنا دون ال50 ثانية (رقم قياسي)، علماً أن طموحها كسر حاجز ال48 ثانية، للاقتراب من الرقم العالمي "المنيع" البالغ 47.60ث الذي سجلته الألمانية الشرقية ماريتا كوخ بتاريخ 6 تشرين الأول (أكتوبر) 1985 في كأس العالم في كانبيرا (أستراليا). افتتحت ريتشاردز موسم الدوري الذهب بفوزها في جائزة برلين (49.5ث) وثابرت على منوال الانتصارات، خصوصاً أنها تأقلمت مع "ظرفها المرضي" وتخطت تبعاته. ومنذ حلولها سادسة في بطولة العالم للناشئين والناشئات عام 2004 في أثينا، تجتهد ريتشاردز لتصيب تطوراً وتجمع ألقاباً. وهي حلت ثانية في بطولة العالم في هلسنكي عام 2005، وثالثة في سباق ال200م في "أوساكا 2007"، وثالثة في سباق ال400م في دورة بكين الأولمبية عام 2008. علماً أنها تمنت فوزاً أولمبياً يعادل مئة مرة تصنيفها الأول عالمياً، لكنها لم تيأس واعدة بتكرار المحاولة في دورة لندن عام 2012، "اذ لا يزال أمامي متسع من الوقت وأنا حالياً في الرابعة والعشرين من عمري". وتشعر ريتشاردز أحياناً أن التصفيات الأميركية ظلمتها سابقاً. وعلى رغم تأهلها لخوض ال400م باسم بلادها في مونديال برلين، تقترح تعديلاً على القاعدة المتبعة. ونقلت عنها مجلة "سبايكس" (حذاء الجري) قولها "إن رياضيي بلدان أخرى لا يخضعون لمثل هذه المعايير الصارمة، الإختيار الأميركي يعني بلوغ المتنافسين جهوزاً تاماً قبل شهرين من الاستحقاق ما يظلم كثراً. وأقترح أن يتأهل صاحبا المركزين الأول والثاني، وأن يترك المجال مفتوحاً للتنافس على البطاقة الثالثة في كل مسابقة حتى موعد تسليم اللوائح الإسمية للمشاركين". داء "متلازمة بهجت" جابهت ريتشاردز مرض "متلازمة بهجت" الذي يصيب الشرايين ويضعف مناعة الجسم ويؤدي الى تقرحات، وانعكس ذلك على أدائها ووضعها تحت ضغط كبير ذهنياً وبدنياً. بدأت ريتشاردز عدها العكسي لبطولة العالم قبل ثلاثة أسابيع من موعدها، و"طقوس" التحضير لها لا تختلف عن انخراطها في جولات الدوري الذهب، لذا فضلت عدم الإقامة مع البعثة الأميركية، بل الاستقلال في شقة خاصة برفقة والداتها الساهرة على رعايتها وتنسيق أرشيفها والاعتناء بجوائزها وكؤوسها وميدالياتها، فضلاً عن مديرة أعمالها شارون والمعالج الفيزيائي إدريك مانتينغه. وتمحض ريتشاردز ثقة كبيرة لمدربها كلايد هارت، الذي يُعدّ أيضاً مواطنها جيريمي وارينر بطل العالم لل400م، "العائد الى مجموعة هارت وأنا سعيدة بذلك" كما توضح. وتضيف: "تدربنا سوياً في واكو، إفتقدته العام الماضي وأشعر براحة حين أجري معه". كسبت ريتشاردز حصة من جائزة المليون دولار في عامي 2006 و2007، وغابت مسافة ال400م عن برنامج الدوري الذهب العام الماضي. لكن حصد جائزة نقدية مميزة يبقى أمراً ثانوياً أمام إحراز اللقب العالمي، على حد تعبيرها. وفي حين تستمتع ريتشاردز بالمنافسة وتشعر أنها أفضل جهوزاً ولياقة في ضوء الجهد المبذول، يلفت هارت الى أن عداءته استعادت أفضل مستوياتها "وهذا ما أكدته في بطولة العالم". الألمانية نيريوس قذفت الحجارة في الصغر... والرمح في الكبر اشترت الألمانية شتيفي نيريوس 30 تذكرة لأمسية الثلثاء 18 آب (أغسطس) موعد نهائي مسابقة رمي الرمح، ووزعتها على أفراد من عائلتها وأصدقائها حضروا لمؤازرتها. لكن أكثر من 30 ألف مشجع هتفوا باسمها في "أولمبياشتاديوم" حين رمت الرمح الى مسافة 67.30م في المحاولة الأولى، وهي كانت كافية لمنحها الذهب أمام التشيخية بربورا سبوتاكوفا، حاملة الرقم القياسي العالمي (72.28م) التي اكتفت بالفضية (66.42م). وحملت نيريوس (37سنة) أول ذهبية لألمانيا في البطولة واحتفلت والمشجعين أفضل احتفال. والتقت في ساعة متأخرة المستشارة الألمانية أنغيلا مركل التي هنأتها، بعدما فكت النحس الذي لازمها في النسخ الثلاث الأخيرة عندما اكتفت بالبرونزية. ولطالما كانت ألمانيا صاحبة ألقاب في مسابقات الرمي خلال بطولات العالم، وحفل نهائي الرمح في النسخة ال12 من المونديال ببروز على هذا الصعيد، فبالإضافة إلى انتصار نيريوس، حلت كريستينا أوبرغهول خامسة (64.34م) وليندا شتاهل سادسة (63.23م). وسلكت نيريوس، التي ترعرعت في جزيرة روجن (بحر البلطيق)، درب الكرة الطائرة في سنواتها الأولى، غير أن قامتها لم تسعفها لتصبح نجمة كبيرة. واقتدت لاحقاً بوالدتها التي كانت بطلة ألمانيا للشابات في رمي الرمح. وكانت تتسلى في طفولتها بقذف الحجارة بعيداً في البحيرة. إنتسبت نيريوس الى نادي باير ليفركوزن، وخاضت أولى منافستها الدولية عام 1993 وحلت في المركز ال21. كما خاضت بطولة العالم في شتوتغارت عامذاك وحلت تاسعة. وقررت نيريوس الاعتزال بعد نهائي الجائزة الكبرى في الشهر المقبل، "وأنا في القمة بعد حصلت على اللقب العالمي أخيراً". وفي جعبتها أيضاً برونزية الدورة الأولمبية عام 2004 في أثينا، وذهبية بطولة أوروبا (2006) وفضيتها (2002). وتعترف نيريوس أنها ليست أفضل رامية للرمح (رقمها الشخصي 68.34م)، "لكني تمكنت من تسجيل رمية حسمت لي اللقب على أرضي"، علماً أن المسابقة كانت طويلة ومرهقة "واستنزفت طاقتنا". على مدرجات "أولمبياشتاديوم" تجمهرت مجموعة من لاعبات الكرة الطائرة في بايرليفركوزن حملن يافطة تحيي البطلة، ورياضيو معوقون تتولى تدريبهم في النادي، أسهمت نيريوس في فوزهم بميداليات في دورات "بارأولمبيك". وهي ردت التحية للجميع من وسط الملعب بعدما عانقت التميمة الضخمة "برلينو"، ملوحة بعلم بلادها وقد ألصقت عليه قميصاً لها "زيّنت" بعبارة "ألف شكر لكم جميعاً. كنتم رائعين".