يقول مصدر نيابي لبناني ان رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط يهدف من خلال تحركه في اتجاه رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون عبر ايفاده الوزير أكرم شهيب لمقابلته، وفي اتجاه قيادة «حزب الله» خلال لقائه رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد على رأس وفد حزبي، الى تعطيل الألغام السياسية لئلا تنفجر داخل الحكومة والى الحفاظ على حد أدنى من التماسك بين القوى المشاركة فيها على رغم ان الجلسات الماراثونية التي تعقدها ليست منتجة كما يجب ويغلب عليها طابع المراوحة بسبب كثرة المداخلات الطويلة للوزراء. ويؤكد المصدر نفسه ل «الحياة» ان الشغل الشاغل لجنبلاط في الوقت الحاضر يتمحور حول توحيد الموقف داخل مجلس الوزراء من الجهود الرامية الى الإفراج عن العسكريين المخطوفين لدى «جبهة النصرة» و «داعش»، خصوصاً ان مواقف الوزراء تتراوح بين تأييد المبادلة مع الخاطفين وصولاً الى المقايضة وبين التفاوض من موقع قوة باعتبار ان لدى لبنان أوراقاً تفاوضية ضاغطة لا بد من توظيفها لإجبار المجموعات المسلحة على الإفراج عن العسكريين. ويعتبر المصدر عينه أن هناك ضرورة ملحّة لاستيعاب تحرك أهالي العسكريين المخطوفين وعدم السماح بأي رد فعل احتجاجاً على استمرارهم في قطع طريق ضهر البيدر الذي يربط البقاع بجبل لبنانوبيروت، ويعزو السبب الى ان هناك من يحاول اللعب بأعصابهم ويقصد بذلك المجموعات المسلحة التي تحاول تحريض الأهالي على الدولة وتحديداً من خلال تواصلها معهم عبر الرسائل الخليوية داعية إياهم إلى قطع الطرقات بغية إرباك الدولة وشل قدرتها على اتخاذ موقف موحد، وبالتالي وضعها في مواجهة مع الأهالي. ويرى ان على القوى السياسية التضامن مع أهالي المخطوفين تقديراً لمشاعرهم في غياب أولادهم عن عائلاتهم ويؤكد ان التضامن معهم يقطع دابر التحريض الذي تمارسه المجموعات المسلحة على ان يكون متلازماً مع موقف موحد لمجلس الوزراء حول كيفية التعاطي مع ملف العسكريين المخطوفين لجهة استنفار كل الجهود لتأمين الإفراج عنهم بأي ثمن. ويضيف المصدر ان استعادة هيبة الدولة ليست متوقفة على التفاوض مع المجموعات المسلحة وصولاً الى صيغة من خلال الوسيط القطري تضمن الإفراج عن العسكريين بأقل الأثمان. ويتعامل المصدر مع تجديد مجلس الوزراء تفويض الرئيس تمام سلام وثقته به لمواصلة التفاوض بكل الوسائل والقنوات المتاحة توصلاً الى تحرير الجنود المخطوفين على ان يطّلع المجلس على نتائجها، على انه كان ضرورياً لإنقاذ الحكومة من ورطة الاختلاف على طبيعة المفاوضات ومنع شل قدرة رئيسها على التحرك. وينقل المصدر عن الرئيس سلام قوله انه باقٍ على موقفه مواصلة التفاوض ولن يحيد عنه مهما كلف الأمر، وأنه سيعود الى مجلس الوزراء فور التوصل الى أمور مفصلية تستدعي توحيد الموقف منها. ويلفت الى ان تجديد الثقة بالرئيس سلام وبأعضاء خلية الأزمة المكلفة مواكبة التفاوضات وأولهم وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم كان في محله ولا غنى عنه لئلا يغرق مجلس الوزراء في مزايدات شعبوية تغلب عليها الاجتهادات غير الواقعية التي من شأنها ان تعوق عملية التفاوض التي ما زالت في أول الطريق، ويحاول الوسيط القطري - السوري الأصل - فتح قنوات للتواصل مع «داعش» باعتبار انه قطع مرحلة لا بأس بها في الاحتكاك المباشر مع «جبهة النصرة». ويسأل المصدر النيابي لماذا تسليط الأضواء على وجود اختلاف داخل مجلس الوزراء حول أشكال التفاوض في الوقت الذي لم يتوصل فيه الوسيط القطري الى صيغة مع المجموعات المسلحة تستدعي العودة الى مجلس الوزراء لمناقشتها واتخاذ القرار المناسب في شأنها؟ ويؤكد ان من أبسط القواعد لدى بدء المفاوضات او اثناء فتح القنوات للتواصل مع المجموعات الخاطفة ان تلوذ الحكومة بالصمت وألا تحرك ساكناً لأن لا مصلحة في الخوض في تفاصيل يمكن ان تستبق ما سيتوصل اليه الوسيط القطري مع الخاطفين. ويعتقد ان إجماع أعضاء الحكومة على تجديد الثقة بالرئيس سلام لمواصلة التفاوض، لا سيما منهم الذين سارعوا الى رفض كل أشكال المبادلة والمقايضة وعادوا عن رفضهم تدريجاً مشترطين عدم التفريط بأوراق القوة التي يتمتع بها لبنان للتفاوض، يعود الى انهم يريدون الدخول في «فك اشتباك» مع أهالي المخطوفين الذين أجمعوا على التفاوض وصولاً الى المبادلة. ويرى المصدر أن الوزراء الذين كانوا رفضوا في السابق التفاوض والمبادلة اضطروا الى إعادة النظر في مواقفهم ليتفادوا «الصدام السياسي» مع أهالي العسكريين لأن «من يأكل العصي ليس مثل الذي يعدها»... لذلك نجح مجلس الوزراء في ان يتجاوز مأزق الموقف من التفاوض عندما أجمع على تجديد الثقة بخلية الأزمة ورئيسها تمام سلام، لأن الذين اعترضوا في السابق على المفاوضات لا يملكون البدائل الواقعية، لأن أي بديل آخر يعني الدخول في معركة عسكرية مع الخاطفين تتطلب إجماع القوى السياسية على خوضها. لكن في المقابل لم يحسم مجلس الوزراء أمره في امكان اجراء الانتخابات النيابية في موعدها أو في اعتبار ان الظروف الأمنية والسياسية الراهنة لا تسمح بإتمامها كما قال وزير الداخلية في أكثر من مناسبة. ومع ذلك يمكن النظر الى موقفه المتأرجح من زاوية ان تركيبته لا تحتمل أي انتكاسة سياسية قد تطيحها. وبالتالي لا بد من منحه «أسباباً تخفيفية» في إلقاء العبء في هذا الخصوص على كاهل المجلس النيابي. وفي هذا السياق، يقول المصدر النيابي ان ليس في مقدور مجلس الوزراء الموافقة على اجراء الانتخابات في موعدها أو تأجيلها من خلال التمديد الثاني للبرلمان طالما ان أي قرار يتطلب موافقة اعضاء الحكومة من دون استثناء. ويعتقد ان «بدعة» تحويل صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل تعذر انتخاب رئيس جديد الى مجلس الوزراء أعاقت عمل الحكومة وقللت من فاعليتها لأن أي قرار تتخذه في حاجة الى تواقيع جميع الأعضاء. وكيف إذا كان سيطلب منهم الإجماع على موقف موحد من اجراء الانتخابات النيابية؟ وينقل المصدر عن مرجع نيابي قوله ان انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة الى مجلس الوزراء مجتمعاً أدى الى تجزئتها على 24 وزيراً تماماً كاشتراط توقيعهم على القرارات التي تصدر عن المجلس حتى تصبح نافذة، ما أدى أيضاً الى تجزئة صلاحيات رئيس الحكومة على جميع الوزراء. وبكلام آخر، يرى المرجع النيابي انه كان من الأفضل لمجلس الوزراء أن يتبع القاعدة نفسها المتبعة في ظل وجود رئيس الجمهورية في شأن اتخاذ القرارات التي تحتاج الى موافقة نصف أعضاء المجلس زائداً واحداً إذا كانت عادية وأكثرية الثلثين في القضايا السيادية والمصيرية اضافة الى التعيينات الإدارية. وعليه، فإن رئيس الحكومة يسعى جاهداً لتفعيل انتاجية مجلس الوزراء، لكنه يصطدم بعائق أساسي سببه لجوء المشاركين فيها الى تبادل الفيتوات وأحياناً الى رمي الكرة في مرمى السلطة التشريعية كما حصل بالنسبة الى سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام، إذ إن الحكومة لم تطلب استردادها لإدراك رئيسها ان هناك صعوبة في تصحيح الخلل الذي أصابها نظراً الى ان لكل فريق فيها رأياً يختلف عن الآخر. في ضوء واقع الحال الذي تمر فيه الحكومة، لا بد من تسليط الأضواء على موقف البرلمان من التمديد لنفسه لوجود عوائق أمنية وسياسية لا تسمح بإجراء الانتخابات النيابية، ليس كما قال الوزير المشنوق فحسب، وإنما استناداً الى تقارير قادة الأجهزة الأمنية التي تدعم موقفه من دون أي تردد ولا تأخذ بالمزايدات الشعبوية من هنا أو هناك لإتمامها في موعدها. لذلك، فإن تعفف غالبية النواب عن التمديد لأنفسهم لا يعكس مواقفهم الضمنية من ان التمديد الثاني للبرلمان شر لا بد منه لأن البديل إقحام البلد في فراغ في السلطة التشريعية يمكن ان يدفعه الى المجهول، لأن هناك صعوبة في إجراء الانتخابات قبل الرئاسية التي ما زالت صعبة المنال، على الأقل في المدى المنظور.