قالت منظمات حقوقية مصرية ومنظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية الأميركية في بيان مشترك أمس إن قوات الشرطة أطلقت النار عشوائياً على المارة في مدينة بورسعيد عقب أحداث العنف التي تفجرت أمام سجن بورسعيد في 26 كانون الثاني (يناير) الماضي. ورصدت هذه المنظمات مخالفات في تحقيقات النيابة في شأن تلك الأحداث. وطالب «مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان» و «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية» و «مؤسسة الكرامة» و «هيومن رايتس ووتش» قاضي التحقيق المعين أخيراً للتحقيق في تلك الأحداث بفتح تحقيق كامل في مسؤولية الشرطة عن وقائع القتل غير المشروع في سياقها. وقُتل 42 شخصاً، بينهم اثنان من الشرطة، في تلك المواجهات. وقال بيان المنظمات إن «الأدلة التي جمعتها تشير إلى أن الشرطة فتحت النار حين تعرضت لإطلاق نار، فقتلت وجرحت عدداً من المحتجين والمارة، كما استخدمت الطلقات الحية في اليومين التاليين، حين كان التهديد الواقع على الأرواح غير واضح في أفضل الأحوال»، مشيرة إلى أن قاضي التحقيق في تلك الأحداث لم يتهم أحداً من ضباط الشرطة بشيء فيها. واعتبرت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومن رايتس ووتش» سارة ليا ويتسن أن «على الرئيس محمد مرسي أن يقر علناً بأن حق الشرطة في استخدام القوة المميتة ليس من دون ضوابط، حتى إذا تعرضت للهجوم، وأن يأمر الشرطة بقصر استخدام أي نوع من القوة على حالات الضرورة القصوى». ولفتت المنظمات الأربع إلى أن تحقيق النيابة المبدئي في أحداث بورسعيد شابته «مخالفات إجرائية» تشمل تجاهل الاحتجاز التعسفي ومزاعم بالتعذيب، إذ لم تبدأ النيابة التحقيق في الأحداث قبل 29 كانون الثاني (يناير)، فأدى التأخير لمدة ثلاثة أيام إلى إعاقة التحقيق من البداية، ولم يزر وكلاء النيابة مسرح الأحداث ولا أشرفوا على تشريح الجثث، والأنكى أن وكلاء النيابة أخفقوا في استدعاء ضابط شرطة واحد لاستجوابه، ولم يستجوبوا سوى المواطنين ال36 المعتقلين حتى الآن بتهم حيازة واستخدام أسلحة نارية. وذكرت أن «رجال الشرطة أطلقوا الذخيرة الحية من سطح السجن وساحاته، وظلت تطلق النار على الناس في محيط السجن لما يناهز الساعة بعد توقف النيران الموجهة إلى الشرطة، فتسببت في عدد من الوفيات والإصابات». وأضاف البيان أن «خمسة شهود على الأقل قالوا للمنظمات إنهم شاهدوا عربات شرطة مدرعة تتحرك عبر شوارع بعيدة من السجن وبداخلها أفراد شرطة يطلقون النار عشوائياً على المارة، مما أدى إلى وفيات وإصابات». ونقلت عن أحد كبار مسؤولي الأمن في بورسعيد قوله: «لم يُقتل أحد ممن أطلقوا النيران على الشرطة، ونحن الآن نقبض عليهم بناء على ما التقطته كاميرات المراقبة». وقال مدير «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية» حسام بهجت: «بناء على الأدلة المتوافرة، تحول ما قد يكون بدأ كفعل من أفعال الدفاع عن النفس إلى استخدام غير مشروع للقوة، إذ ظلت الشرطة تطلق النار بعد توقف التهديد الموجه ضدها بوقت طويل، وإذا صح هذا فإن هذا الاستخدام غير المشروع للقوة المميتة ليس سوى الأحدث من نوعه في قائمة طويلة من الحالات التي أظهرت فيها الشرطة المصرية ميلها الخطير لتجاوز القوانين التي تلتزم بحكم واجبها بحمايتها». وأكد مدير المستشفيات في مديرية الشؤون الصحية في بورسعيد عبدالرحمن فرح أن الغالبية الساحقة من القتلى سقطوا بطلقات حية وأصيب معظمهم في النصف الأعلى من الجسم و11 منهم في منطقة الرأس والعنق، فيما أصيب اثنان بطلقات في الرأس من الخلف. وخلص طبيب شرعي أجرى بعض عمليات التشريح إلى أن معظم قتلى يوم 26 كانون الثاني (يناير) أصيبوا من بعد ومن أعلى، بما يدل على احتمال إصابتهم من قبل رجال الشرطة الذين تمركزوا فوق سطح السجن وأطلقوا النار على الحشود بعد أن بدأ الهجوم على السجن.