طالب 22 قنصلاً أوروبياً في القدس حكومات بلادهم باتخاذ اجراءات ضد منتجات المستوطنات، وسحب أي استثمارات أوروبية في هذه المستوطنات المقامة بصورة غير شرعية على الأراضي الفلسطينية. جاء ذلك في تقرير داخلي مشترك أعده القناصل ال22 عن القدس، وقدموه إلى حكومات بلادهم وإلى رئاسة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وحصلت «الحياة» على نسخة منه. وحمل التقرير دعوة صريحة لدول الاتحاد الأوروبي بمنع أي تعاملات مالية مع المستوطنات في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية، واستثناء منتجات المستوطنات من أي إعفاءات جمركية، ما يفقدها القدرة على المنافسة في الأسواق الأوروبية. واعتبر أن البناء الاستيطاني في القدسالشرقية «منهجي ومتعمد واستفزازي»، ويطرح «أكبر خطر على حل الدولتين»، متهماً إسرائيل باتخاذ خيارات سياسية متعمدة تهدد بجعل هذا الحل مستحيلاً. وتناول التقرير بصورة خاصة ثلاث مستوطنات، هي «هارحوما» و «غيلو» و «غفعات هاماتوس»، التي وصفها بأنها «الخطط الأبرز والأكثر إشكالية». وحذر من أن «البناء في هذه المستوطنات الثلاث هو جزء من استراتيجية سياسية هدفها أن تجعل من المستحيل للقدس أن تصبح عاصمة لدولتين». وتابع التقرير: «إذا ما استمر تطبيق السياسة الإسرائيلية الحالية، خصوصاً الاستيطان في خاصرة القدس الجنوبية، فقد تنشأ عملياً منطقة عازلة بين القدسالشرقية وبيت لحم بحلول نهاية 2013، ما سيجعل في غاية الصعوبة، إن لم يكن من المستحيل تحقيق حل الدولتين القابلتين للاستمرار». ووفق التقرير، صدرت خلال عام 2012 استدراجات عروض لبناء 2366 وحدة استيطانية جديدة، ما يشكل «أكثر من ضعف» العدد الإجمالي من المساكن التي طرحت في شأنها عطاءات خلال السنوات الثلاث السابقة وعددها 1145 وحدة. ويقع معظم هذه الوحدات في مستوطنة «هارحوما»، الأمر الذي «يوسع بشكل كبير مناطق الاستيطان المشيدة حالياً». وجاء في التقرير: «إذا ما استمر تطبيق السياسة الإسرائيلية الحالية، خصوصاً النشاط الاستيطاني، فإن احتمال أن تصبح القدس عاصمة مقبلة لدولتين هما إسرائيل وفلسطين، سيصبح عملياً غير قابل للتحقيق». وأكد التقرير أنه «من أجل أن يتحقق حل الدولتين، يجب أن تصبح القدس العاصمة المقبلة لدولتين هما إسرائيل وفلسطين»، منتقدين «استمرار إسرائيل بشكل نشط في ضمها غير الشرعي للقدس الشرقية». ولفت إلى أن الاستيطان «يقوض الثقة بين الطرفين ويهدد الآفاق العملية لقيام دولة فلسطينية قابلة للاستمرار ومتصلة ويجعل التسويات الضرورية للسلام أصعب مع تزايد سكان المستوطنات». وأوصى التقرير ب «تكثيف جهود الاتحاد الأوروبي للتصدي للاستيطان في القدسالشرقية، وحول ما يشكل تهديداً خاصاً لحل الدولتين». ولفت إلى انه بالرغم من إعلان ضم القدسالشرقية و «رغم أن الفلسطينيين يشكلون نحو 37 في المئة من سكان القدس، فإن البلدية لا تنفق اكثر من 10 في المئة من موازنتها الإجمالية في المناطق الفلسطينية». يذكر أن قناصل الاتحاد الأوروبي في القدس دأبوا على تقديم ثلاثة تقارير مشتركة عن الأراضي الفلسطينية إلى حكومات بلادهم كل عام، احدها عن القدس، والثاني عن المستوطنات، والثالث عن المنطقة «ج» في الضفة، وهي المنطقة الخاضعة للاحتلال. وقال ديبلوماسي أوروبي رفيع ل «الحياة»، إن قناصل الاتحاد الأوروبي يقدمون مثل هذه التقارير سنوياً إلى حكومات بلادهم للعام الخامس على التوالي، لكن تقرير القدس هذا العام خطا خطوة كبيرة إلى أمام، بدعوته إلى اتخاذ إجراءات عملية ضد المستوطنات تتمثل في رفع الإعفاءات الجمركية عن منتجات المستوطنات، ووقف أي استثمارات أوروبية فيها. وأضاف أن الدافع وراء التقرير هو الإجراءات الاستيطانية الإسرائيلية المتسارعة التي تعمل على إنهاء حل الدولتين، وجعله غير ممكن، وإدامة الصراع.