قبل توزيعه على المكتبات في فرنسا اليوم الأربعاء، أثار كتاب مارسيلا يعقوب وهي باحثة متخصصة بالشؤون القانونية، انقساماً لدى الإعلام والرأي العام بين مؤيد له بحماسة ومعارض بشدة. وتتناول يعقوب (49 عاماً) المعروفة بميلها الى الاستفزاز وتبني مواقف مخالفة للإجماع العام، في كتابها الذي يحمل عنوان «بيل ايه بيت» أي «جميلة وحيوان»، قصة علاقة ربطتها برجل تصفه بأنه «نصف إنسان ونصف خنزير». وخلافاً للكتّاب الذين يعمدون الى سرد قصص من نسج الخيال وتقديمها كواقع، عملت يعقوب، وهي فرنسية ارجنتينية الأصل، لتحويل قصة حقيقية عاشتها على مدى سبعة اشهر الى رواية، بل الى «نظرية في الغرام». ومن منطلق حرية العمل الفكري وحرية الفرد، من حق يعقوب تحويل فصول حياتها الى رواية او مسرحية او ما تشاء، فهذا شأن يخصها مثلما يخصها وقوعها في غرام «نصف انسان ونصف خنزير» مع ميل أكيد ومتعمد إلى النصف الثاني. لكن هذا الرجل ليس أي رجل، فهو دومينيك ستروس - كان بطل فضيحة فندق «سوفيتل» نيويورك التي شغلت العالم أجمع، والمدير العام السابق لصندوق النقد الدولي، الذي كان على وشك الفوز بترشيح الحزب الاشتراكي الفرنسي له في انتخابات الرئاسة قبل نحو سنة. صحيح ان يعقوب لا تسمي ستروس - كان في الكتاب، بل تستخدم للحديث عنه مفردات من نوع «خنزير»، ليس من باب الاحتقار بل إمعاناً في إبراز ولعها به لكونه حيواناً جنسياً. وإمعاناً منها في الاستفزاز، تقربت يعقوب من ستروس - كان وأقامت علاقة معه في فترة سقوطه العام 2012، أي بعد تخليه عن منصبه في صندوق النقد وانسحابه من الحياة العامة، للتفرغ لمتاعبه القضائية في الولاياتالمتحدة. وتقول يعقوب انها أقدمت على ذلك بدافع الفضول وكشف أوجه الغموض في شخصية الرجل الازدواجية، وصولاً للوقوع في غرام «أكثر الأشخاص عرضة للاحتقار» في فرنسا، و «أكثر الأشخاص عرضة للاحتقار في العالم». ومرد الصخب الذي سبق تسويق الكتاب الصادر عن دار «غاليمار» الرصينة، هو تخصيص مجلة «لونوفيل اوبسرفاتور» الرصينة ايضاً غلاف عددها الأسبوع الماضي له ونشرها مقتطفات مرفقة بمقابلة قالت إنها الأولى والأخيرة التي تدلي بها في شأن الكتاب الذي أوضحت انه يتناول ستروس - كان. واعتبر بعضهم ان المجلة أقدمت على سقطة من خلال تخصيصها الكتاب بهذا المقدار من التغطية، فيما دافع مسؤولوها عن خيارهم معتبرين ان كتاب يعقوب «ينطوي على قوة ادبية مدهشة» يسمح لها باحتلال مكانتها بين سواها من الكتّاب. ورأى مدير تحرير المجلة لوران جوفران، ان كتاب يعقوب هو افضل ما كتب عن ستروس - كان، اذ انها تقدم صورة فجّة بالطبع وإنما ذكية عن شخصيته. وعلّق المعني الأول بالموضوع، منتقداً يعقوب باعتبارها امرأة لا تتوانى عن إغراء رجل من أجل إصدار كتاب تستخدم فيه مشاعر الغرام لأغراض مادية. كما انتقد مجلة «لونوفيل اوبسرفاتور»، قائلاً انها تزعم ريادة النخبة الثقافية الفرنسية، وأنها تشكّل مصدر وحي لليسار في حين تستخدم أساليب إجرامية. وكذلك فعلت الزوجة السابقة ستروس - كان، آن سان كلير التي انفصلت عنه أخيراً ووصفت يعقوب بأنها مدفوعة بالجشع وغير نزيهة، خصوصاً أنها وصفت في الكتاب بأنها كانت تحلم بأن تكون زوجة رئيسٍ للجمهورية، تعامله مثل كلب صغير! ويأخذ معارضو الكتاب على يعقوب استهدافها، وإن من منطلق «غرامي»، رجلاً فَقَدَ كل شيء بما في ذلك ربما أحلامه. وبين هؤلاء من يعتبر انه اذا كانت يعقوب حرة في الكتابة والتحدث عن حياتها العاطفية، فمن حق ستروس - كان ان ينصرف الى تدبير أموره بعيداً عن الأضواء، خصوصاً أنه لا يزال معرّضاً لملاحقة قضائية في فرنسا، في إطار ما يُعرف بفضيحة فندق «كارلتون» الأخلاقية.