ليس هناك من محل مستتر ذي دخل رفيع كهذا المصنع، يشتري الوهم ويبيعه كذلك، يضحك على الذقون، لكي تضحك الذقون ذاتها على ذقون أخرى، ميزة المصنع أنه الأقل على صعيد الكوادر البشرية، إذ يضم أباً أمن العقوبة، وابنة ماهرة فقط، أما عيبه فتفريخه الكبير لبالونات إدارية، وصناعة مرضى جدد في خانة العقل، ووضعهم في أجواء ليست لهم، ولم يحلموا بأن يكونوا فيها لولا خطيئة الافتتان الاجتماعي الدائم بالكم لا الكيف، وخطأ الانجذاب غير المقنن للمظاهر لا المخابر. مسؤول عن شهادات الماجستير في كلية أهلية في منطقة القصيم يصرف - بالتزوير - من شهادات الدكتوراه والماجستير والبكالوريوس ما لا تصرفه جامعة محلية في زمن محدد ووجيز، باع ما يقارب 16076 شهادة متنوعة، وملأ جيبه بأموال لا نعلم أين ذهبت بعيد مساءات الصرف، واستلام شهادات الخروج من دائرة الأمانة لدهاليز الشك والفشل، ولو كان بيدي لتركت المزوّر يسرح ويمرح تحت رقابة سرية، من أجل تصفية ما أمكن من هؤلاء المرضى، وتركهم في غي لن يستفيقون منه إلا بتفتيش دقيق وعلني لكل السير الذاتية للموظفين والمسؤولين. الشهادات المزوّرة مطبوعة بلا شك في ملفات مئات الموظفين المتكبرين بها، ورؤوسهم في حضرتها لا يقطعها ألف سيف، يبدأون صباحهم بالكذب والخداع والخواء الذهني والعقلي، ويمارسون في المساء لغة مختلفة بذريعة هذه الشهادات الفاضحة. صرنا أضحوكة لمن يفتش نصف عبارة أو مشهداً عابراً، كي يمارس متعة الضحك، نظن أن هذه الشهادات هي من تصنع قيمة الرجال، وشرف حضورهم ووجودهم وتألقهم، وهذه حال تردٍ محلية لا علاج لها إلا بانتقاء العقول للقيادات، لا التركيز على السير الذاتية المشبوهة والمشوهة. من يأخذ حق المجتمع المضحوك عليه مدة من الزمن بزمرة من رواد المظاهر، وعشاق التفاخر بالأحبار، على رغم أن الفراغ يملأ حاوية الجسد؟ من يعريهم علناً، كي يحسب القادم بالمرض النفسي والعقلي ذاته حسابه جيداً قبل أن يقدم على مشروع النفخ القابل للانفجار والتوجه للكراسي بعلبة ماكياجات مزيفة؟ ننتظر قائمة بالأسماء، وألا تأخذنا العواطف لستر عوراتهم، فوسائل التواصل بدأت تقذف ببعض الأسماء كخريجين معروفين من المصنع الصغير المساحة وعظيم الإنتاج، وقد تظلم وتنصف، إزاحة هذه الأسماء من مقاعدها التي حصلت عليها بالتزوير تصرف منتظر يلي الجرأة في إعلان القائمة، ولن أخفي تفاعلي الشديد المصحوب بعدم التفاؤل في صناعة هذين الفعلين، فنحن قوم نستفيق على شيء من الأوجاع، ونذهب بحماسة لطلب العقوبات، لكننا سرعان ما نلين. من أراد أن يدافع عن أحقيته في الشهادة، فالأبواب مفتوحة، لكن - وللأمانة - يجب ألا نمرر من يسهرون على صناعة جريمة التزوير واحتضان مخرجاتها، ولا نمرر ضحكهم علينا، لأن الصمت عن الجريمة جريمة أخرى، ويا خوفي إن كان من يحقق مع المزوّر - أو من له صلة به - من مرتادي المصنع، وهنا «انسوا الأسماء واحلموا بالعقوبات». [email protected] alialqassmi@