أخفق البرلمان اللبناني في إيجاد مخرج لمشروع سلسلة الرتب والرواتب في الجلسة التشريعية التي عقدت امس تحت عنوان «تشريع الضرورة»، لكنه نجح في إعادة فتح أبوابه وإطلاق عملية التشريع بعد توقف دام نحو خمسة أشهر منذ الجلسة الأخيرة التي عقدت في 19 حزيران (يونيو) الماضي. ولم تكد تمرّ دقائق معدودة على افتتاح الجلسة حتى فاجأ رئيس المجلس النيابي نبيه بري الكثير من النواب بسحب السلسلة، بعدما تبلّغ حجم المزايدات السياسية، واعتبار ان السلسلة مجحفة بحق العسكريين، والاعتراضات النقابية، واستثناء التعليم الخاص من الدرجات الست، طالباً ترحيلها الى اللجان النيابية المشتركة، على رغم نيلها توافق الغالبية النيابية، ليعود المشروع مرة اخرى الى نقطة الصفر حيث سيخضع في اللجان الى نقاش جديد، مع مطالبة بفصل موضوع العسكريين عن القطاع العام. وسبق احالة السلسلة على اللجان اجتماع عقد في مكتب بري ضمه الى رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة، وعضو كتلة «القوات اللبنانية» جورج عدوان، قبل ان ينضم اليه وزيرا الدفاع سمير مقبل والمال علي حسن خليل ثم رئيس الحكومة تمام سلام. وجرى التشاور في ما آلت اليه الاتصالات والمشاورات التي عقدت ليل اول من امس والتي لم تصل الى اية نتيجة بفعل اضافة اعباء جديدة على السلسلة للعسكريين. وعلمت «الحياة» ان مقبل قال قبل الجلسة لبري: «لا أمشي بالسلسلة لأنها مجحفة في حق العسكريين، فطلب اليه ان يقول هذا الكلام في الجلسة، ففعل ذلك ولم يعلق الرئيس سلام. وجاء تحويل السلسلة على اللجان لنزع فتيل المزايدات الذي يمكن ان يكهرب اجواء النواب المتباعدين في الموقف فيؤثر ذلك في مبدأ التشريع، فأبقى بري بذلك على الجو التوافقي السابق للجلسة، خصوصاً ان بعض النواب كان يتهيأ للانقضاض على السلسلة بحجة الغبن بحق العسكريين. اما الجلسة التشريعية لليوروبوند وترميم مهل الانتخاب واقتراح التمديد سنتين وسبعة اشهر قابل لتقصير الولاية اذا انتخب رئيس الجمهورية، فجرى تأجيلها من 9 تشرين الأول (اكتوبر) المقبل، الى جلسة تعقد إما في 20 الجاري بالتزامن مع جلسة انتخاب رؤساء اللجان النيابية وأعضائها، او في اليوم الذي يلي. اسألوا من طبخ التسوية ليلاً وبالتزامن مع هذا الاجتماع شهد مكتب عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ابراهيم كنعان اجتماعاً لنواب التكتل قبل ان ينضم كنعان الى الاجتماع الذي عقد في مكتب بري. وعندما سئل عن نتائج ما وصل اليه الأمر قال: «اسألوا من طبخ التسوية ليلاً». وجاء طلب بري احالة السلسلة على اللجان بعد مداخلة للوزير مقبل اكد فيها عدم موافقة وزارة الدفاع على نسب الزيادات للعسكريين، مفضلاً ان يفصل القطاع العام والأساتذة عن المؤسسة العسكرية، وقال: «اتمنى اصدار قانون جديد ينصف المؤسسة العسكرية». وعاد وزير الدفاع ليوضح ما ادلى به داخل الجلسة، فقال: «انا كوزير دفاع وطني مهمتي ان اوضح هذه القضايا، قلنا ان للأسلاك العسكرية خصائص تنبع من طبيعة عملها والأخطار التي تحيط بظروف عملها. من هذا المنطلق اتمنى من مجلسكم الكريم ان يصار الى فصل القوانين المطروحة المتعلقة بالأسلاك العسكرية من السلاسل المتعلقة بموظفي القطاع العام والمعلمين. وفي هذا الصدد، سأتقدم وفي موعد قريب، الى مجلس الوزراء بمشروع قانون سلسلة رتب ورواتب العسكريين لمناقشته ثم احالته على المجلس النيابي لإقراره وفقاً للأصول»، متمنياً «عدم تضمين مشروع القانون الحالي أي تعديل في وضع الأسلاك العسكرية، بانتظار التقدم بمشروع في هذا الخصوص». وتوجه بري بالشكر للجنة النيابية واللجان المشتركة واللجنة الفرعية وآخرها لجنة جورج عدوان على تعاونها «حتى نستطيع أن نقدّم معايدة للقطاعات التي تشكو من عدم شمولها السلسلة، لذلك وانسجاماً مع هذا الواقع يعاد مشروع السلسلة الى اللجان المشتركة لدرسه مجدداً، بسبب وجود ثغرات فيه، ولأن هناك قطاعات لا تزال تشكو»، معرباً عن اسفه «لعدم اعطاء العيدية لأهلنا وللطبقات الاجتماعية». وتخلّل الجلسة التي قاطعها نواب حزب «الكتائب» لرفضهم جلسة التشريع قبل انتخاب رئيس للجمهورية، إقرار 6 اتفاقات قروض واقتراح بصفة المعجل تقدم به من خارج جدول الأعمال وزير المال علي حسن خليل لفتح اعتمادات اضافية ب 626 بليون ليرة لبنانية لتغطية رواتب موظفي القطاع العام حتى نهاية السنة. وتحدث النائب عدوان، شارحاً أهمية إقرار هذا الموضوع لما له من انعكاسات على شرائح الموظفين. وهنا لفت النائب غازي يوسف الى ان هناك زيادة في ارقام هذا الاعتماد، فهل لنا ان تعرف الى اين ستذهب؟ ورد وزير المالية بالقول: «هذا الكلام ليس صحيحاً ونحن لم نفتح اي اعتماد من دون موافقة المجلس النيابي، وهذا ما أخذ به مجلس الوزراء. هناك وزارات حرمناها من حقها من تغطية هذا الاعتماد. انا لن أعطي أي مبلغ من دون فتح اعتماد اضافي وبموافقة المجلس». ودعا يوسف الى ان يطّلع على ملحق هذا الاعتماد والذي يتضمّن بالتفصيل كل المصاريف وملحقات الرواتب، وهناك ملحق بالساعة وكل ذلك بالتفصيل. وقال: «نشرّع من الآن الى آخر السنة، ولن يعود بإمكاننا صرف أي سلفة خزينة بعد هذا التاريخ». أما النائب إبراهيم كنعان فقال: «هذا الاعتماد الإضافي درسته لجنة المال، والحكومة استردته لأسباب سياسية. نحن لا نستطيع إيقاف الإنفاق ولا نستطيع فتح اعتمادات جديدة من دون الاطلاع على الحسابات وقطع الحسابات السابقة». وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت: «فهمنا من وزير المال ان هذا الاعتماد يخدم لمدة شهرين فهل نحن بصدد استلام الموازنة؟». وردّ بري: «هذا الموضوع نظراً إلى أهميته ينبغي إقراره حتى ولو لم يدرج على هيئة مكتب المجلس». وهنا قال وزير المال: « الوزارة أحالت مشروع موازنة العام 2015 قبل 29/8/2014 على مجلس الوزراء وقبلها موازنة 2014». وقال الرئيس السنيورة: «الهدف الأساس أن يعود الانتظام إلى المعاملات المالية والموازنة وهذا لن يكون إلا بإقرار الموازنة ونحن نوافق على الشهرين وعلى هذا التدبير الموقت لتسيير امور الدولة». وسجّل النائب فتفت تحفّظه عن اقتراح قانون فتح الاعتمادات، مشيراً إلى أن «الرئيس بري قال خلال اجتماع هيئة مكتب المجلس إن هذا الاقتراح سيكون في الجلسة المقبلة»، متسائلاً: «لماذا تم طرحه الآن». فردّ بري: «اعتراضك غير قانوني ولرئيس المجلس صلاحيات نقل أي اقتراح إلى الهيئة العامة». وبعد الجلسة، ترأس بري اجتماعاً لهيئة مكتب المجلس، وكان طابعه «تشاورياً». ولدى انتهاء الجلسة قال وزير المال: «سمعنا ملاحظات على السلسلة في الأيام الماضية، وكان هناك مخاض كبير حققنا فيه الكثير من الإنجازات لمصلحة الهيئات النقابية والأساتذة، وهناك بعض الثغرات كان يمكن ان تناقش في الجلسة، ولكن كان هناك ملاحظات جوهرية على موضوع السلسلة للمؤسسة العسكرية، وعلى اثره تم التأجيل». وأكد «الالتزام بإقرار السلسلة وجاهزية وزارة المال لإقرارها تقنياً ومالياً، ولم يعد هناك التباسات حول الأرقام، وأي شيء آخر يعني أن هناك تعطيلاً سياسياً للسلسلة». ويُذكر أنه كان عقد لقاء بين السنيورة ورئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط الى عشاء أول من أمس بدعوة من الأخير، حضره الوزيران أكرم شهيب ووائل أبو فاعور، والنواب: مروان حمادة، هنري حلو وغازي العريضي، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري، جرى خلاله التأكيد على الرغبة المشتركة في مواكبة التطورات بموقف موحد وعلى إبقاء اليد ممدودة بين جميع الفرقاء.