تساقط الشعر مشكلة شائعة تقلق الرجال والنساء، على حد سواء، لأنها ببساطة، تضرب أهم المعالم الجمالية التي ترسم المظهر الخارجي للإنسان. عندما يبدأ الشعر بالتساقط من تضاريس فروة الرأس، فإن أصابع الاتهام تتجة فوراً إلى الوراثة. ولا شك في أن الأخيرة هي السبب الأكثر شيوعاً لتساقط الشعر نتيجة وجود جينة (مورثة) مهداة، قسراً لا طوعاً، من الأب أو الأم، إلا أنها ليست العامل الوحيد، فهناك أسباب ساخنة أخرى، لذا يجب ألا نتغافل عنها، وإلا فبئس المصير. وتساقط الشعر قد يكون مشكلة مرضية بحتة يمكن علاجها بسهولة إذا رُصدت في طور مبكر، من خلال الانتباه الى تبدلات تطرأ على سماكة الشعر أو ملمسه. وهناك أمراض يظن البعض أن لا علاقة لها بتساقط الشعر مع أنها متورطة «حتى أذنيها» في حدوثه، وأهمها أمراض الغدة الدرقية. والغدة الدرقية هي غدة صماء، تقع في مقدم العنق أمام القصبة الهوائية للرئتين، تتألف من فصين، وتقوم بصنع هورمونات التايرويد ت3، وت4 وإفرازها، وهي هورمونات مهمة لإنجاز العمليات الاستقلابية المختلفة في الجسم، ويعتمد تركيب تلك الهورمونات على وجود عنصر اليود الذي يأتي من طريق الطعام. وتسبب اضطرابات الغدة الدرقية تبدلات في الشعر قد تكون النافذه التي يطل منها الطبيب للشك بوجود خطب ما في الغدة الدرقية، إما نقصاً في نشاطها وإما فرطاً فيه: نقص نشاط الغدة الدرقية: يمكن نقص هورمون الغدة الدرقية أن يؤثر بدرجة كبيرة في بعض أعضاء الجسم ومنها الجلد والشعر. ويرجع نقص الهورمون إلى جملة من المسببات، هي: - نقص اليود في الجسم. - بعد عملية الولادة. - عوامل وراثية. - تعرض الغدة للإشعاعات. - تدمير خلايا الغدة إثر العمليات الجراحية. - تبدل الخلايا الطبيعية للغدة بخلايا غير طبيعية. - أمراض مناعية، مثل داء هاشيموتو. - تناول بعض أنواع الأدوية. وتظهر عوارض نقص نشاط الغدة الدرقية في شكل تدريجي وفي توقيت يختلف من مريض إلى آخر، وتشاهد عادة في المرحلة العمرية من 50 إلى 60 سنة، لكنها قد تلوح في الأفق في أعمار أبكر. ويصيب المرض النساء أكثر من الرجال بنسبة 3 إلى 8 مرات. ويتظاهر نقص هورمون الغدة الدرقية على الجلد والشعر بالثلاثي الآتي: - جفاف الجلد وخشونته. - تساقط الشعر بغزارة من الفروة. - تساقط شعر الحواجب من الجزء الخارجي فقط. وهناك عوارض أخرى، مثل زيادة الوزن، وعدم القدرة على تحمل البرد، والتعب والإرهاق، والإمساك، وخشونة الصوت، وبطء الكلام، وضعف البصر، وفقدان السمع، والكآبة، وتشنج العضلات. كيف يتم التشخيص؟ قبل كل شيء لا بد من الاشارة إلى أهمية رصد مرض نقص نشاط الغدة الدرقية، لأن التقاعس في كشفه يؤدي الى تأثيرات واسعة النطاق على المدى البعيد، وإلى الدخول في زوبعة من العوارض المزعجة للغاية، مثل الاكتئاب، والتغيرات السلوكية، والانخفاض الحاد في درجة حرارة الجسم، والتشنجات العضلية، وربما فقدان الوعي، وضعف الذاكرة، ما يعوق الحياة الطبيعية للمريض، وفي بعض الحالات قد يخطئ الطبيب في تشخيص المرض لدى المتقدمين في السن، ظناً منه أن تلك العوارض هي جزء من عملية الشيخوخة. ويتم تشخيص نقص نشاط الغدة الدرقية بقياس مستوى الهورمونات وبفحوص أخرى يراها الطبيب مناسبة. وعندما يتم التأكد من نقص نشاط الغدة الدرقية يُعطى العلاج المناسب الذي يسمح بالتغلب على كل العوارض، بما فيها تلك التي تظهر على الجلد والشعر. فرط نشاط الغدة الدرقية، وهو مرض ينتج من زيادة إفراز هورمونات الغدة الدرقية. وينعكس فرط نشاط الغدة الدرقية على الجلد والشعر على الشكل الآتي: ترقق الجلد ونعومة الشعر وتساقطه وتقصفه. ويشكو المريض من حزمة من العوارض العامة، مثل الأرق، والعصبية، والتقلبات العاطفية، ورجفان اليدين، والتعرق، وزيادة ضربات القلب، والإسهالات، ونقص الوزن المفاجئ، والشعور بالحر، وعدم تحمل درجات الحرارة المرتفعة، وضيق التنفس، وضعف العضلات، وزيادة الشهية على الأكل، وتضخم الغدة في الرقبة، وجحوظ العينين، واضطرابات الدورة الشهرية عند المرأة. أما أسباب زيادة إنتاج هورمونات الغدة الدرقية فهي: - داء غريفز، وهو اضطراب في جهاز المناعة في الجسم يؤدي إلى إنتاج أجسام مضادة تجعل الغدة الدرقية تزيد من تصنيع هورموناتها. - ورم الغدة الدرقية الحميد. - تضخم الغدة الدرقية العقدي. - اضطراب في الغدة النخامية يجبر الغدة الدرقية على زيادة إنتاج هورموناتها. - التهاب الغدة الدرقية. - تناول كميات كبيرة من المكملات التي تحتوي على هورمون الغدة الدرقية. كيف يعالج فرط نشاط الغدة الدرقية؟ بعد التشخيص الأكيد لفرط نشاط الغدة الدرقية بناء على المستجدات السريرية ونتائج التحاليل المخبرية، يتم الشروع في العلاج الذي يقوم إما على إعطاء الأدوية المضادة للدرقية، أو استعمال اليود المشع، أو اللجوء إلى الخيار الجراحي الذي يهدف إلى إزالة جزء من نسيج الغدة الدرقية. ويحتاج المرضى الذين يعالجون باليود المشع أو بالجراحة إلى استعمال هورمون الغدة الاصطناعي. وتبدأ عوارض فرط نشاط الغدة الدرقية بالاختفاء بمجرد بدء العلاج، ما يجعل المصاب يشعر بالتحسن، ويتوقف الشعر عن التساقط. في المختصر، إن تساقط الشعر قد يكون إشارة إلى وجود مشكلة مرضية في الغدة الدرقية، وهذه قد تكون فرطاً أو ضعفاً في نشاط الغدة. ففي حال فرط نشاط الغدة يكون شعر الرأس خفيفاً وناعماً مع مناطق صلع موزعة، أما في حال ضعف النشاط فيصبح الرأس والجسم جافين وخشنين مع صلع جزئي موزع، وفقدان ثلث الحواجب من الجهة الخارجية.