في تقريرها السنوي الذي أعلنته وزارة العمل السعودية قبل أيام، احتوى ذلك التقرير على أرقام مخيفة لأعداد الوافدين للعمل في المملكة، في البدء نشكر وزارة العمل على هذه الشفافية في نشر هذه المعلومات المهمة التي تلخص بعض المشكلات التي نعاني منها، وعلى رأسها قضية البطالة في المملكة، فقد ذكر التقرير أنه تم إصدار 2,1 مليون تأشيرة للوافدين للعمل في المملكة في عدد من القطاعات الاقتصادية والخدمية. المفجع لنا هو هذا الرقم المأهول لعدد الوافدين للعمل في المملكة وفي مدة عام فقط، ما يشكك أن أعدادهم قد تتخطى الرقم المعلن وهو قرابة الثمانية ملايين وافد يعملون في السوق السعودية، إضافة إلى أن برامج توظيف السعوديين وتوطين الوظائف لم تحقق النتائج المتوقعة منها، ولن أقول إنها فشلت في حل مشكلة البطالة لدينا، ولكنها تقدم لنا بالأرقام أنها ستستمر معنا لسنوات طويلة، والخوف أنها قد ترتفع، خصوصاً مع التراخي من بعض الجهات والقطاع الخاص في دورهم الوطني في التعاطي الحقيقي لتوظيف المواطنين، خصوصاً في القطاع الخاص، وكلنا نتابع الآن الهجمة الشرسة من التجار ضد الرسوم التي فرضتها وزارة العمل على تجديد رخص العمل للوافدين، التي، كما تقول الوزارة، أنها ستستخدم تلك الموارد في تديب وتأهيل الداخلين الجدد من المواطنين لسوق العمل، في المقابل نجد القطاع الخاص يهدد من نتائج هذه الخطوة، وأنها ستكون سبباً في زيادة التضخم لدينا، وأن المواطن في النهاية هو من سيدفع تلك الرسوم، الذي يسمع هذه الحجج يعتقد أن مستوى التضخم لدينا في الحدود المعقولة ولكننا كل يوم نسمع عن زيادات بأسعار بعض السلع التي لا تصنع هنا بل معظمها مستوردة. قضية محاربة البطالة لدينا في اعتقادي من أهم القضايا التي يجب أن يعمل ويضحي الجميع لمواجهتها، فهي كما معروف لها آثارها النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية في كل مجتمع، فكيف بمجتمعنا الذي يشكل الشباب نسبة مرتفعة جداً منه، خصوصاً مع الزيادة الكبيرة في عدد السكان في المملكة، فنحن نتابع ما يجري في محيطنا العربي من تغيرات سياسية، قد تكون العوامل الاقتصادية هي أول من أطلق شرارتها، نعم يوجد لدينا خلل في مخرجات التعليم، وأنها لا تتوافق مع متطلبات سوق العمل، ولكن هل من المعقول أن ننتظر أن تتحسن مخرجات التعليم حتى يحصل المواطن على وظيفة محترمة في بلاده، فالمملكة غنية بمواردها الاقتصادية التي يقصدها الملايين للعمل في الوقت الذي وصلت إليه نسبة البطالة لدينا إلى نحو 12 في المئة، كما ذكرت مصلحة الإحصاءات العامة في تقريرها الأخير، وقد تكون هذه النسبة العامة مقارنة بعدد السكان الكلي، أما النسبة الحقيقية للبطالة في القوى المؤهلة للعمل في السوق فإن بعض التقارير تضعها في حدود 30 في المئة، وهذا رقم مخيف ولا يمكن السكوت عليه، وقد يعطينا مؤشرات لتنامي الفقر لدينا، وانتشار المخدرات والجريمة، خصوصاً بين الشباب، ويبين أن هناك في التوزيع العادل للثروة وفشل في خططنا التنموية والتي تشرف عليها وزارة الاقتصاد والتخطيط والتي لا نسمع عن خططها إلا القليل. من المفارقة العجيبة أن تقرير وزارة العمل الأخير، الذي ذكر أعداد تأشيرات الوافدين المزعجة، ذكر أن من تم توظيفهم من المواطنين في ذلك العام بلغ فقط 229 ألفاً، أعتقد أن الفجوة بين هذين الرقمين تلخص المشكلة في أسباب البطالة لدينا، ويبدو أن البعض منا لا يزال يتاجر في التأشيرات ولا تصله طائلة القوانين والأنظمة التي نسمع ونقرأ عنها، ولكن الوضع الآن قد يكون مهدداً لنا جميعاً، والغريب أننا نسمع عن المدن الصناعية ومشاريع النقل وغيرها وما ستستوعبه من قوى العمل، ولكننا في النهاية نجد أن من يعمل في تلك المشاريع هم الوافدون، أما البطالة لدينا فهي بارتفاع، مع الأسف. [email protected] @akalalakl