لا تعول قبرص الغارقة في أزمة اقتصادية خانقة ومستفحلة على رئيسها المقبل بمقدار ما تعول على آمالها بما سيدر عليها الغاز الطبيعي المكتشف قبالة سواحلها لاستعادة طريقها نحو الازدهار. فعلى الساحل الجنوبي للجزيرة القريب من شواطئ مدينة ليماسول، وضعت السلطات آمالها في أرض بور محصورة بين محطة كهرباء وقاعدة عسكرية بحرية. وفي هذا الموقع سيشيد مصنع ضخم لتسييل الغاز من شأنه أن يدر عائدات تقدر بمئات البلايين من الدولارات. وفي حين تعيش الجزيرة على وقع أزمة اقتصادية غير مسبوقة وتعول على مساعدة دولية للخروج من النفق المظلم، قال وزير الصناعة نيوكليس سيليكيوتيس الأسبوع الماضي إن «على دائنينا أن يدركوا أن هذا الاقتصاد له آفاق وما من شك في أن الدين سيكون من ضمن نطاق السيطرة مع وجود إمكانية استخدام ثروتنا الطبيعية». حقل «أفروديت» وأعلنت المجموعة النفطية الأميركية «نوبل إنرجي» العام الماضي أنها اكتشفت تحت المياه القبرصية حقلاً أسمته «أفروديت» قد يحتوي حتى 224 بليون متر مكعب من الغاز الطبيعي على بعد بضعة كيلومترات من حقلي الغاز الإسرائيليين الضخمين «ليفاياثان» و «تامار». وأكد تشارلز إيليناس، رئيس «الشركة الوطنية القبرصية للهيدروكربورات» (كريتيك) المكلفة إدارة الثروة الجديدة في الجزيرة وتطويرها: «ما زال هناك كثير من العمل لنثبت وجود الغاز، لكننا متفائلون جداً». وأضاف أن مصنع فاسيليكوس الذي يطمح إلى معالجة الغاز القبرصي وكذلك الغاز المستخرج من المياه الإسرائيلية واللبنانية، يهدف في البداية إلى إنتاج خمسة ملايين طن من الغاز الطبيعي المسيل سنوياً ثم 15 مليوناً في مرحلة لاحقة. وتابع أن الجانب المالي للمشروع، ويقدَّر بحوالى 10 بلايين دولار للشريحة الأولى، يفترض أن يكتمل في 2015 على أن تبدأ الأشغال في العام التالي والصادرات في 2019. وتتوقع الحكومة أن يؤدي المشروع إلى تأمين ما بين 5 و10 آلاف وظيفة مباشرة، خصوصاً بالنسبة إلى أجانب يملكون مواصفات معينة، وأكثر بأربعة أضعاف وظائف غير مباشرة وهي ثروة بالنسبة إلى بلد يعد 840 ألف نسمة. انتقادات لكن بيتر والاس، وهو مستشار بريطاني عمل في بناء الكثير من المشاريع المماثلة، يرى أن الموقع صغير جداً وأن الجدول الزمني يفتقر إلى الحس الواقعي. فضلاً عن ذلك «هناك عدد كبير من الناس يسعون إلى وضع اليد»، كما قال، مشيراً إلى أن موقع فاسيليكوس كان أيضاً رمزاً لإهمال القادة القبارصة. ففي تموز (يوليو) 2011 وقع انفجار في شحنة أسلحة مصادرة كانت في طريقها إلى إيران وكانت مخزنة من دون تدابير حيطة في قاعدة ماري العسكرية البحرية المجاورة. وأسفر الانفجار عن سقوط 13 قتيلاً وتدمير المحطة الكهربائية ما تسبب بنقص في الطاقة ترافق مع أزمة حادة يعيشها القبارصة في القطاع المصرفي. ومنذ ذلك الحين حل محل النمو الهش انكماش دائم فتضاعف معدل البطالة (من سبعة إلى 14.7 في المئة) ما ينذر بوضع أكثر صعوبة في المستقبل. وسعى إيليناس إلى الطمأنة بقوله: «لدينا شركات تتمتع بخبرة كبيرة» تعمل على المشروع. لكن، إضافة إلى الجوانب التقنية المرتبطة بعمق الاحتياطات، على المستثمرين أن يأخذوا في الاعتبار أيضاً تهديدات تركيا التي تحتل شمال قبرص ولا تعترف بالحكومة في الجنوب، والتدابير الأمنية الواجب اتخاذها في حال مرور الغاز الإسرائيلي في قبرص. لكن «الجميع يريد النجاح لأنه لا يوجد شيء آخر. فمستقبلنا رهن بهذا الأمر»، على حد قول إيليناس.