فوجئ محللون بالناتج الصناعي الهندي الذي سجل ثاني انكماش على التوالي في كانون الأول (ديسمبر) الماضي نتيجة ضعف أداء القطاع الصناعي، الذي يستحوذ على ثلاثة أرباع الإنتاج الإجمالي، وضعف أداء قطاع التعدين والمناجم. وأشارت المحللة الاقتصادية في شركة «آسيا للاستثمار» دانا الفقير في تقرير إلى أن «مستوى الإنتاج الصناعي بلغ سالب 0.6 في المئة خلال كانون الأول الماضي مقارنة بسالب 0.8 في المئة خلال الشهر السابق». وكان محللون يتوقعون ارتفاع الإنتاج الصناعي متجاوزاً مرحلة الانكماش إلى معدلات موجبة، ولكن تراجع مكاسب القطاع الصناعي مستمر بسبب ضعف الاستهلاك المحلي والاستثمار ومستويات الصادرات، ما يخفض كمية السلع الاستهلاكية والرأس مالية. ولفتت الفقير إلى أن «هذا الانخفاض يؤثر على قطاع التعدين والمحاجر، إذ يؤدي تراجع النشاط الصناعي إلى انخفاض الطلب على السلع، كما يتأثر القطاع الصناعي سلباً بعوامل عديدة، أبرزها الاستهلاك المحلي الذي يستمر بالانخفاض بسبب ضعف القدرة الشرائية التي يعيقها التضخم، والعجز المالي المتزايد الذي أرخى ظلاله على التصنيف الائتماني ذو الدرجة الاستثمارية للهند الذي أبعد المستثمرين الأجانب، وحجم الصادرات المنخفض نتيجة ضعف الطلب في أوروبا المثقلة بالديون، والتي تُعتبر الشريك التجاري للهند». ولا يُتوقع أن تتحسن الصادرات مع تسجيل أوروبا انكماشاً آخر هذه السنة. وبيّن التقرير أن «الإنتاج الصناعي يُعد مقياساً للنشاط التجاري، إذ يقيس إنتاج المصانع وعمليات التصنيع والتعدين ذات الصلة، كما يعكس ميول المستهلكين ومعدلات الفائدة، ولذلك يستخدمه المحللون ليتوقعوا بدقة أكبر مستقبل النشاط الاقتصادي». ويعد الإنتاج الصناعي من المؤشرات المصاحبة، أي أنه يعكس الوضع الاقتصادي الحالي، وإذا ما زاد النشاط الإنتاجي سريعاً فذلك يعني أن الاقتصاد ينتعش وينمو، ولكنه في الوقت ذاته مؤشر إلى ضغوط تضخمية مقبلة. وقالت الفقير: «في حال ارتفعت الأسعار ولجأ البنك المركزي إلى التضييق النقدي عبر زيادة أسعار الفائدة بهدف خفض الضغوط التضخمية، فسينخفض الإنتاج الصناعي والنشاط الاقتصادي بسبب زيادة كلفة الائتمان»، مؤكدة أن «الإنتاج الصناعي الهندي واصل تراجعه منذ نهاية عام 2010، وإذا ما استمر على أدائه ما دون المستوى المطلوب، فسيواصل معدل التضخم الأساس تراجعه أيضاً». وبما أن الأسعار الأساس تعادل ثلثي سلة أسعار الجملة «دبليو بي آي»، فيجب السيطرة على معدل التضخم. وشهد الإنتاج الصناعي الهندي حتى اليوم انكماشاً دام ستة أشهر خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية التي تنتهي في آذار (مارس) المقبل، ما يعطي إشارات سلبية حول احتمالات النمو. وانخفاض النشاط الصناعي يشكّل رسالة واضحة للحكومة مفادها أن الوقت لا يسمح بوقفات الرضا عن الذات، حتى بعدما خفض البنك المركزي سعر الفائدة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وكثفت الحكومة منذ أيلول (سبتمبر) 2012 جهودها لدعم النمو عبر تسهيل القيود على الاستثمارات الأجنبية في قطاعات مثل مبيعات التجزئة، والطيران المدني، والتأمين، كما رفعت سعر النفط في محاولة لتقليل مصروفات الدعم وخفض العجز المالي. ومن العقبات التي تعيق الإنتاج الصناعي عدم كفاءة الحكومة في التعامل مع ضعف البنية التحتية والقيود على السياسات الحكومية مثل التأخير في تقديم الموافقات على المشاريع المتعلقة بالبيئة، ومنح حقوق ملكية الأراضي بهدف إنشاء المشاريع.