يعكف المخرج العالمي فرانكو دراغون مع مجموعة من الراقصين وفناني الحركات البهلوانية والاستعراضية، على تدريبات مكثفة لتقديم عرض بصري مبهر في العاصمة الإماراتية، احتفاء بأقدم مبنى تاريخي في البلاد يرمز إلى العائلة الحاكمة. فقد كلفت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة المخرج البلجيكي والإيطالي المولِد، بإخراج عرض «قصة حصن، مجد وطن» الذي سيعرض لعشرين مرة خلال مهرجان قصر الحصن بين 28 شباط (فبراير) الجاري و9 آذار (مارس) المقبل، احتفاء بمرور 250 سنة على إنشاء القصر الذي كان مقراً لحكام الإمارة من آل نهيان حتى قيام الدولة الاتحادية في السبعينات. يقام العرض داخل خيمة نُصبت خصيصاً على مساحة 5600 متر مربع، ويستلهم دراغون رموزاً من التراث الإماراتي والثقافة المحلية في العمل الممزوج بمؤثرات بصرية وموسيقية متطورة، ليروي تاريخ أبوظبي. وسبق لدراغون أن قدّم عروضاً مبهرة مع «Cirque du soleil» الشهير، ومع الفنانة سيلين ديون. وتعود أهمية القصر إلى بداية إنشائه في عام 1761، بعدما اكتشف نبعاً من المياه العذبة على جزيرة أبوظبي القاحلة آنذاك والخالية من الأبنية، حيث كان العدد القليل من الأهالي يعيشون في خيم أو بيوت من جريد النخل. فأقيم برج مراقبة لحماية النبع من الدخلاء، وتلاه بناء الحصن الذي شيّد حوله باستخدام مواد أولية من الأحجار المرجانية وبأسلوب معماري بارع، حيث غُطّيت الجدران الخارجية للبناء الضخم بخلطة خاصة من الجبس تتكون من الجير والرمل المحلي ومسحوق صدف البحر، وهي التي كانت تعطي القصر منظراً متلألئاً تحت أشعة الشمس، ما شكل منارة ترحيب وتوجيه للسفن البحرية التجارية التي تجوب المنطقة. بدأ السكان بعدها تشييد بيوتهم حول القصر الذي سكنه حكامهم المتعاقبون، وبعد ظهور النفط في نهاية الستينات من القرن الماضي، أصبح القصر المحور الذي تطورت حوله المدينة متخذة طابعاً حداثياً تغلب عليه الأبراج العالية. وبعد تأسيس الدولة انتقل مقر الحكم إلى قصر رئاسي حديث، بينما ظل القصر مفتوحاً للزوار وفيه بعض المقتنيات الأثرية والتراثية والهدايا التذكارية التي قدمت للحكام، إلى أن أُغلقت أخيراً بغرض الترميم. ويقدم «مهرجان قصر الحصن» صورة بانورامية شاملة لأنماط الحياة القديمة في الإمارة، من خلال مجموعة عروض ونشاطات ثقافية متنوعة، تجسد الإطار القيمي والاجتماعي لأنماط الحياة اليومية وتراكم تطورها على مر التاريخ، والعلاقة الحيوية والوطيدة بالمكان وبمؤثراته الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. وخصص معرض للصور الفوتوغرافية وأفلام الفيديو والقطع الأثرية التي تروي تاريخ بناء هذا القصر من خلال ذكريات الأهالي. كما تقام سلسلة من المحاضرات والنقاشات طوال أيام المهرجان العشرة لتسليط الضوء على أهمية القصر وتاريخ المنطقة. وقال مدير المهرجان فيصل الشيخ: «نحتفي بالتاريخ الجوهري للقصر باعتباره الرمز والحاضن لأهالي الإمارات، وهو يتفاعل مع البعد المعرفي والتاريخي لمناسبة مرور قرنين ونصف قرن على تشييد القصر». وكشف أن مشروع قصر الحصن ضخم ويشمل ترميم القصر والمظاهر العمرانية الجديدة التي أضيفت من حوله، وهي تفاصيل ستعلن أثناء المهرجان، كما قد يتقرر قريباً مصير مبنى المجمع الثقافي الذي يقع في محيط القصر والذي أُخلي قبل ثلاث سنوات ولم تعلن بعد خطة عمرانية جديدة للمكان.