أكد رئيس لجنة المقاولات والفروع في غرفة الرياض فهد الحمادي أن قطاع المقاولات في المملكة يعاني من عدد من العقبات التي تعترض نموه، من أهمها تزوير واختلاس التأشيرات، وهروب العمالة. إذ يهرب نحو 20 في المئة من حجم العمالة في القطاع، إضافة إلى عدم صرف التعويضات. وقال الحمادي في حوار ل «الحياة» إن القطاع يعاني أيضاً من ضعف التمويل، إضافة إلى وجود عقود ما زالت على حالها قبل 30 عاماً من دون تطوير أو إعادة صياغة. وشدد على أن عدم وجود هيئة موحدة تشرف على قطاع المقاولات تسبب في وجود الكثير من العقبات، على رغم أن المستثمرين الأجانب يحصلون على مميزات لم نستطع كمقاولين وطنيين أن نحصل ولو على جزء بسيط منها، كما أننا لم نتساو معهم. وطالب بإيجاد هيئة خاصة للمقاولين تكون مرجعاً للقطاع، خصوصاً أنه مرتبط حالياً بعدد كبير من القطاعات مثل وزارات المالية والتجارة والصناعة والشؤون البلدية والقروية، وقدر حجم استثمارات قطاع المقاولات في المملكة بأكثر من 200 بليون ريال في مختلف المشاريع، وعدد العمالة في القطاع بأكثر من 1.24 مليون عامل. وهنا نص الحوار: بداية نود أن تحدثنا عن قطاع المقاولات في المملكة؟ - قطاع المقاولات في السعودية كبير، ويمثل 7.5 في المئة من حجم الناتج المحلي، ومن المتوقع أن يبلغ أكثر من 10 في المئة خلال العامين المقبلين، والمملكة فيها مشاريع ضخمة وكبيرة في قطاع البنية التحتية وغيرها، وعلى رغم كبر القطاع إلا أنه يعاني من عدم وجود جهة معينة تهتم به أسوة بالقطاعات الأخرى. ونحن في هذا القطاع ننادي بضرورة إيجاد هيئة خاصة للمقاولين تكون مرجعاً للقطاع بشكل عام، خصوصاً أنه حالياً مرتبط بعدد كبير من القطاعات مثل وزارات المالية والتجارة والصناعة والشؤون البلدية والقروية. وتقدر حجم استثمارات قطاع المقاولات في المملكة بأكثر من 200 بليون ريال في مختلف المشاريع بما فيها المدن الاقتصادية، ويبلغ عدد سجلات الشركات المتخصصة في قطاع المقاولات في المملكة أكثر من 206803 سجلات، تمثل نحو 27.6 في المئة من حجم السجلات المختلفة في المملكة منها 22.7 في المئة في الرياض فقط، ويبلغ عدد العمالة فيها أكثر من 1.24 مليون عامل. هل هناك نية لعقد لقاء للمقاولين لبحث العقبات التي تعترض عملكم؟ - هناك توجه لدى لجنة المقاولين بعقد المنتدى الأول لقطاع المقاولات في المملكة، خصوصاً عقب إعادة تشكيل وصياغة لجنة المقاولين في الغرفة في الدورة الجديدة، وتمت إضافة لجان فرعية لها، من أهمها لجنة التطوير والتي ستقوم بدور كبير من حيث عقد اللقاءات والمنتديات وإعداد النشرات وغير ذلك بما يخدم قطاع المقاولات. ماذا عن السعودة في القطاع؟ - قطاع المقاولات قطاع حرفي مهني يشتمل على عدد من المهن المتخصصة، منها ما هو متعلق بالنجارة والسباكة والحدادة والبناء وغيرها، ولذا فإن تطبيق السعودة فيها من الصعوبة، ولذا تم خفض نسبة السعودة فيه إلى نحو 5 في المئة، ولكن الشركات الكبرى ما زالت تعاني من ارتفاع هذه النسبة مقارنة بحجم العمالة فيها والتي تتجاوز 3 آلاف في بعض الشركات. هل هناك مشكلات في ما يتعلق باستقدام العمالة والتأشيرات؟ - بناء على توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتوفير حاجات شركات المقاولات من التأشيرات فإن قطاع المقاولات لم يعد يعاني من هذه المشكلة وتم حلها، ولم يتبق إلا عملية السعودة في الشركات الكبرى. إلا إن هناك مشكلة نعاني منها وهي وجود ظاهرة تزوير واختلاس التأشيرات في قطاع المقاولات في شكل كبير، على رغم التحفظات والتنظيمات التي تتخذها الجهات المختصة، ولكن التزوير موجود ويحتاج إلى متابعة وملاحقة للمزور والكشف عنه والتشهير به، وتم سرقة تأشيرات كثيرة لشركتنا من الهند واليمن، وتقدمنا بخطابات وتحفظات، ولكن للأسف لم نجن من ذلك سوى إيقاف تأشيرات أخرى خاصة بنا تم طلبها أخيراً، والخلل يأتي بسبب عدم ملاحقة هذه الظاهرة ومعاقبة مرتكبيها. ماذا عن هروب العمالة في قطاع المقاولات؟ - قطاع المقاولات ما زال يعاني من مشكلة هروب العمالة التي تمثل أكثر من 20 في المئة من حجم العمالة، إلا ان تطبيق نظام البصمة أسهم في الحد من تلك الظاهرة، ونحن نطالب بوجود آلية لتنقل العمالة عقب إلغاء خطاب التنقل الذي كان يُمنح للعامل، للحد من هروب العمالة. ونؤكد أن ظاهرة وجود العمالة على جوانب الطرق ليست مختصرة على المملكة، ولكنها منتشرة في الدول النامية، وهذا ما يجعلنا نطالب بتكثيف الحملات الأمنية من الجوازات، خصوصاً أن الحملات محدودة حالياً، ما أسهم في جعل تلك العمالة تمثل خطراً وخللاً أمنياً على مختلف الجوانب، في الوقت الذي تقوم وللأسف بعض الشركات الكبرى باستقدام تلك العمالة ومن ثم تسريحها في السوق. ماذا عن التعويضات التي أقرت في السابق عقب الخسائر التي تعرض لها المقاولون؟ - قرار تعويض المقاولين صدر منذ أكثر من 18 شهراً، وللأسف بعض الجهات الحكومية لم تعرف آلية الصرف إلى الآن، وكيفية تطبيق القرار وتقوم بالمراوغة في التنفيذ، على رغم أن التعويض أقل من خسارة المقاول، وهناك جهات استطاعت تنفيذ القرار وصرف مستحقات بعض المقاولين. ان حجم التعويضات لا يتجاوز 10 في المئة من حجم خسائر أي مقاول، والتي جاءت نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء، إضافة الى تدني مستوى بعض المقاولين، وما شهد من تنافس شديد بينهم. ولا ننسى أن انخفاض أسعار مواد البناء في الوقت الحاضر أسهم في تعويض كثير من المقاولين، خصوصاً الجادين الذين لديهم مشاريع دائمة، ما أدى إلى ارتفاع نسبة أرباحهم، إذ استفادوا من انخفاض أسعار مواد البناء أكثر من 60 في المئة من المقاولين، وتعتبر أسعار مواد البناء حالياً مناسبة جداً، ويرجع ذلك إلى جهود وزارة التجارة والدور الذي قامت به من حيث إيقاف التصدير، ما انعكس على الأسعار وبالتالي استفاد منها المقاول في شكل كبير. هل هناك مساواة بينكم وبين المستثمرين الأجانب في المميزات داخل القطاع؟ - إن المميزات التي تعطى للمستثمر الأجنبي جيدة، ونتطلع في قطاع المقاولات الوطني أن نتحول إلى مستثمرين أجانب حتى نحصل على حقوقنا من مكان واحد كما هو معمول به مع المستثمرين الأجانب، ونريد أن نؤكد أن المقاول الوطني ما زال يعاني من عدم وجود مرجع واحد ينهي متطلباته، على رغم أننا نقوم بدور كبير في تنفيذ مشاريع البنية التحتية، ونحن نشيد بدور هيئة الاستثمار في خدمة القطاعات التابعة لها، وبخاصة الاستثمار الأجنبي الذي يتم إنهاء متطلباته من تراخيص وتأشيرات وجوازات في وقت قصير جداً ومن مكان واحد، وهذا ما يجعلنا نطالب بالحصول على الحقوق التي يحصل عليها المستثمرون الأجانب في القطاع. هل سجلتم تعثراً أو خروجاً لشركات المقاولات عقب ارتفاع الأسعار والأزمة المالية العالمية؟ - أزمة ارتفاع الأسعار العام الماضي تسببت في تضرر الكثير من شركات المقاولات، خصوصاً الصغيرة والمتوسطة، وتسبب ذلك في تعثر أعمالها وتوقف الكثير من المشاريع التي كانت تعمل على تنفيذها، وبخاصة في مشاريع البنية التحتية، ونحن نطالب بإيجاد حل سريع لمثل هذه الحالات بما يخدم الوطن، ونؤكد أن هناك عدداً من تلك الشركات تضررت، ولكنها لم تخرج من السوق، الا انها اتجهت الى تنويع أنشطتها بدلاً من الاعتماد على قطاع المقاولات فقط. هل التمويل ما زال يمثل عقبة لدى قطاع المقاولات؟ - هناك طفرة في مشاريع المقاولات في المملكة، ولا يعمل فيها الا شركات وطنية فقط، ولا يوجد إلا عدد محدود من الشركات الأجنبية، كما أن الكثير من الشركات الوطنية لديها مشاريع ضخمة عدة، إلا ان عملية التمويل ما زالت تمثل عقبة أمام الكثير من الشركات الوطنية. ونحن نطالب البنوك الوطنية بإنشاء صندوق خاص بتمويل المقاولين، من خلال تحالف عدد من المصارف السعودية في ذلك، حتى وإن دخل صندوق معاشات التقاعد أو صناديق أخرى كمساهمين في هذا الصندوق. إن بعض البنوك السعودية اتخذت أخيراً إجراءات مشددة، في ما يتعلق بتمويل مشاريع المقاولين في المملكة، إذ رفعت فائدة التمويل من 8 في المئة إلى 12 في المئة، إلى جانب زيادة نسبة ضمانات المشاريع من 10 في المئة إلى 40 في المئة، وتؤكد البنوك المحلية أن تلك الإجراءات جاءت نتيجة ارتفاع نسبة المخاطرة في التمويل، ونحن لا نعترض على مثل ذلك التوجه، فهي بنوك مساهمة وتريد المحافظة على أموال مساهميها، إضافة إلى حاجتها إلى سيولة كافية لتلبية متطلباتها اليومية. والبنوك المحلية متحفظة على عملية التمويل سواء للمقاولين أو غيرهم، وهذا من حقوقها حفاظاً على أموال المساهمين فيها، ونريد أن نؤكد أن رفع نسبة الفائدة على القروض لم تعد تهم بعض المقاولين، خصوصاً في ظل وجود عدد من المشاريع التي تحتاج إلى تمويل، إلا أن عزوف البنوك عن التمويل جعل الكثير من المقاولين ينتظرون حتى تتوافر جهة ممولة لتلك المشاريع. وقرار خادم الحرمين الشريفين القاضي بإعادة النظر في كثير من الإجراءات المتعلقة بقطاع المقاولات، ومنها إنشاء صندوق خاص لتمويل المقاولين من وزارة المالية لم يتم تنفيذه حتى الآن، ولم ينفذ إلا نحو 20 في المئة منه، والباقي من القرارات التي تتعلق بالعقود والتشغيل وغيرها لم تنفذ. هل هناك نية أو تشجيع لاندماج شركات المقاولات في المملكة؟ - إن إنشاء لجنة للتطوير تابعة للجنة المقاولين جاء بناء على الحاجة إلى درس أمور كثيرة متعلقة بهذا القطاع، من أهمها الاندماج لمن أراد، والغرفة تشجع مختلف القطاعات لتكوين كيانات كبيرة ومنافسة من خلال اندماجها أو تحالفها كما هو في بعض القطاعات الأخرى. مشكلة العقود ما زالت هاجساً لدى كثير من القطاعات كيف تنظرون إلى ذلك؟ - عقود الصيانة والتشغيل والتنفيذ إلى الآن لم يصدر حيالها أي شيء، على رغم أنها من ضمن القرارين رقم 155 و123 التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين، وتنص على ضرورة إعادة صياغتها أو ما يسمى «العقد الموحد»، ومثل تلك القرارات تحتاج إلى سرعة في التنفيذ، لأنها تخدم القطاع بشكل خاص والقطاعات الأخرى عموماً، ونريد أن نوضح أن العقود الحالية تمت صياغتها منذ سنوات عدة تتجاوز 30 سنة، ولم تتغير وهذا يعتبر عقبة أمام قطاع المقاولات. إن وزارة المالية تعمل حالياً على درس هذه العقود، ولكننا نطالبها بإشراك القطاع الخاص في صياغتها وعمل ورش عمل لذلك وعدم استئثارها واعتمادها على أشخاص محدودين في إعداد هذه العقود، إذ يجب طرحها على المقاولين لبحثها وإعادة مسودتها بشكل أفضل، والعقود الحالية ما زالت تمثل عقبة أمام المقاولين الوطنيين والمستثمر الأجنبي، والكثير من الشركات الأجنبية تعتمد على عقود خاصة بها.