أوضح القاضي السابق والمحامي الدكتور أحمد الصقيه أن «المعنى الدارج للقانون الوضعي أنه من صنع البشر، وسرى هذا المصطلح، وأصبح كعلم يطلق على القوانين المخالفة للشريعة، بمعنى أنها تضمنت مخالفات للكتاب والسنة وقواعد الشريعة، واستخدامها المحلي بحسب التعريف السابق، واصطلح على هذا الأمر». ولتحرير المصطلح، قال الصقيه: «لا بد أن نقول إنه لا يجوز لأحد أن يحكم إلا بالشريعة وكتاب الله وسنة نبيه، وفي هذا السياق فإن الشريعة الإسلامية شريعة عدل كلها، في قواعدها وأحكامها، ومن المناسب ذكر أن كل الطبائع البشرية ترغب في العدل وترنوا إليه، ولهذا فلك أن تقول إن غالب التشريعات تريد الوصول للعدل، لكن الشريعة الإسلامية هي الأتم، ولكن كل الطبائع الصحيحة السليمة ترنوا إلى العدل، ولكن في الشريعة نقاط ثرية أخرى عن ذلك، كتحريم الغبن، وكان المقصود به هو تحكيم العدل، وأتت التفاصيل في الشريعة لتطبيق ذلك». وعن المقارنة بين الشريعة والقوانين الوضعية، قال الصقيه: «كتب بعضهم رسالة علمية، وعقد فيها مقارنة بين القانون الفرنسي والفقه المالكي، وأن القانون الفرنسي تأثر بالفقه المالكي، لاسيما مع انتشار المالكية في شمال أفريقيا في قرون متطاولة، ومع وجود عدد من القواعد في هذا القانون التي يعود أصلها إلى الشريعة الإسلامية، وهذه الدراسة منشورة وأشار فيها إلى نقاط الاتفاق، وهذا ليس مستغرباًَ لأن الطبائع الإسلامية تريد الوصول إلى ذلك بقواعد محددة». وأضاف: «النبي – صلى الله عليه وسلم- كان يقول إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، وكان يأخذ الحق ممن جاء به، مستفيداً من الصياغات التشريعية، واعتبر أن تدوين الأنظمة لا مانع منه، مع استبعاد ما يخالف الإسلام وأصوله، والاستفادة من كل التجارب والفعل الحسن». وأشار إلى مشروع تطوير القضاء الذي يقوم بجهد كبير لتدوين التشريعات، وأفاد أن التطوير يطاول هذه الإجراءات ويستفيد منها، وفق أحكام الشريعة، ولا يخرج عنها، لافتاً إلى أن الإجراءات الشرعية من كل التجارب، وهو أمر سائغ، ولا يوجد ما يخالفه في الأحكام الشرعية». ونبّه إلى أننا «إذا قررنا أن القانون الوضعي يقصد به القوانين المخالفة للشريعة، فإن حذر الشرعيين في مكانه، وأشار إلى أن الأزمة قد تكون في المصطلحات، لأن الحذر ضرورة إذا أصبح مخالفاً للشريعة، ولكن مع الإجراءات قد يكون التغيير سائغاً، والإشكال مصطلحي، ولا يزول إلا بإزالة الموضوع الذي ينطوي تحته، مؤكداً أن المملكة في كامل اتفاقاتها التي توقعها كانت تتحلى بالتحفظ على كل ما يخالف الشريعة، وهذا الموقف يحظى بتقدير الجهات التي تتعامل معها المملكة، وأصبحت مضرب المثل في إفادتها من هذه الاتفاقات في كل الصعد، مع محافظتها على القواعد الشرعية والمرجعية». يذكر أن العالم السعودي الراحل حمود عقلاء الشعيبي أصدر بياناً قديماً يؤكد فيه أن تحكيم القوانين الوضعية كفر، وأن المحكم لها كافر بالله العظيم، واستشهد بقوله تعالى: «فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما»، إذ تنص الآية على انتفاء الإيمان عمن لم يحكّم شرع الله، لأن الله أقسم فيها على انتفاء الإيمان عن المرء حتى توجد منه غايات ثلاث، التحاكم إلى شرع الله، وألا يجد في نفسه حرجاً في ذلك، بل يرضى به، وأن يسلم لحكم الله ويرضى به.