اعتبر اقتصاديون، أن الأرباح «التاريخية» المحققة في المصارف السعودية عام 2012، والبالغة 28.6 بليون ريال (7.6 بليون دولار)، بنمو 11.89 في المئة مقارنة ب25.6 بليون ريال (6.8 بليون دولار) سجلتها عام 2011، تشكل «دافعاً لإجراء تغيرات هيكلية في أداء قطاع المصارف المسؤولية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة العربية السعودية». ورأوا ضرورة أن «تلاحظ مؤسسة النقد العربي السعودي هذه الزيادة الكبيرة في الأرباح، وأن تساهم إيجاباً في خدمة المواطنين، وتعيد النظر في السماح بإنشاء مصارف أخرى تزيد المنافسة بينها». وكشفت المصارف المدرجة في السوق عن أرباح صافية في الربع الأخير من العام الماضي، بلغت 6.66 بليون ريال (1.77 بليون دولار) بارتفاع نسبته 10.34 في المئة عن أرباحها في الفترة ذاتها من عام 2011، وبلغت حوالى 6 بلايين ريال (1.6 بليون دولار). في حين تقل بنسبة 1.4 في المئة عن أرباحها المحققة في الربع الثالث، وسجلت 6.75 بليون ريال (1.8 بليون دولار). توقعات 2013 وتوقع المحلل المالي ناصر المير، أن تسجل المصارف السعودية «زيادة في الأرباح هذه السنة لا تقل عن تلك المحققة عام 2012». وأشار إلى أن المصارف «لم تنجح فقط في زيادة أرباحها، بل أيضاً في رفع موجوداتها بوتيرة أعلى من السابق لتنمو بنسبة 13 في المئة، متجاوزة 1300 بليون ريال للمرة الأولى مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2011 وبنسبة 3 في المئة مقارنة بالربع السابق. كما ارتفعت الودائع أكثر من 120 بليون ريال مقارنة بالفترة المقابلة من 2011، أي ما يعادل 15 في المئة لتصل إلى 991 بليوناً في الربع الثالث من العام الماضي، وكذلك القروض المجمعة التي نمت بنسبة 16 في المئة». وأوضح المير، أن مشاركة القطاع المصرفي في المسؤولية الاجتماعية والاقتصادية «مطروحة منذ سنوات طويلة جداً». وأعلن أستاذ الاقتصاد محمد الجعفر، أن المصارف السعودية «لا تزال تستثمر في مبالغ مرتفعة في الخارج بحثاً عن مزيد من الأرباح. وقبل حوالى ثلاث سنوات كان حجم استثماراتها في الخارج 100 بليون ريال، على رغم ما يُقال عن أن أحد أسبابه زيادة السيولة وعدم طرح الدولة سندات حكومية، وخفض «ساما» «الريبو» العكسي، يقابله تحفظ شديد عن دعم الائتمان المحلي أو حتى الاستجابة إلى بعض المسؤولية الاقتصادية، كدعم القطاعات المحتاجة إلى نمو مثل قطاعي المقاولات أو التطوير العقاري». وأعلن عضو سابق في مجلس الشورى فضل عدم ذكر اسمه في تصريح إلى «الحياة»، أن موضوع المصارف «طُرح أكثر من مرة في مجلس الشورى»، لافتاً إلى أن «لدى أعضاء كثر ملاحظات حول أدائها، خصوصاً في ما يتعلق بمجال المسؤولية الاجتماعية والاقتصادية، لكن ذلك كان يرد إلى مؤسسة النقد العربي السعودي المسؤولة مباشرة عن هذا القطاع، ويزودها ببعض الملاحظات التي لدى أعضاء المجلس حولها». وارتفعت أرباح «بنك الرياض» في الشهور ال12 الماضية، إلى 3466 مليون ريال، في مقابل 3149 مليوناً للفترة المماثلة من عام 2011، بنسبة 10.1 في المئة. وحقق «بنك الجزيرة» زيادة في أرباحه الصافية نسبتها 65 في المئة لتصل إلى 501 مليون ريال، في مقابل 303 ملايين ريال. وسجلت أرباح «البنك السعودي البريطاني» (ساب) ارتفاعاً نسبته 12 في المئة، وبلغت 3240 مليون ريال في مقابل 2888 مليوناً عام 2011. وازدادت أرباح «البنك العربي الوطني» بنسبة 9.2 في المئة لتبلغ 2371 مليون ريال في مقابل 2171 مليوناً، وأرباح «بنك إنماء» لتصل إلى 733 مليون ريال في مقابل 431 مليوناً نسبتها 70 في المئة. وكانت أرباح «البنك السعودي الهولندي» قياسية، وهي الأعلى في تاريخ المصرف بلغت 1253 مليون ريال، بارتفاع نسبته 21.4 في المئة مقارنة بأرباح عام 2011 البالغة 1032 مليوناً. وحققت «مجموعة سامبا» المالية أرباحاً قياسية، وارتفعت بنسبة 0.6 في المئة لتصل إلى 4.330 بليون ريال (1.154 بليون دولار) العام الماضي، و «البنك السعودي الفرنسي» 3015 مليون ريال في مقابل 2911 مليون ريال بارتفاع 3.6 في المئة، و «مصرف الراجحي» 7885 مليون ريال في مقابل 7378 مليوناً عام 2011، بارتفاع 7 في المئة، و «بنك البلاد» 942 مليون ريال، في مقابل 330 مليوناً، بزيادة نسبتها 185 في المئة. مظلة اقتصادية متينة وأكد الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية في المصارف السعودية طلعت حافظ، أن تحقيق المصارف السعودية أرباحاً تاريخية العام الماضي «يدل على عملها تحت مظلة اقتصادية متينة وتسير بتنمية سريعة». وشدد على أن لدى المصارف السعودية «مسؤولية اجتماعية طموحة، بل أفرد معظمها لهذا النشاط تحديداً، إدارات مختصة وأوكلت كوادر وطنية إدارتها على مستوى عال جداً». ولفت إلى لدى المصارف السعودية «برامج متنوعة في المجالات الصحية والتعليمية، كما أن لدى عدد من المصارف كراسي علمية في الجامعات السعودية». وعن السماح بتأسيس مزيد من المصارف المحلية، أوضح حافظ أن «المعني بهذا الأمر هو مؤسسة النقد العربي السعودي، لكن 23 مصرفاً نصفها تقريباً سعودي تعمل في السوق السعودية». واعتبر أن «العبرة ليست بالعدد بل بالدور الذي تقوم به». وقال «إذا رأت الجهات المعنية حاجة إلى مزيد من المصارف فلن تتردد في ذلك، ولدينا حالياً 1665 فرعاً على مستوى المملكة، وأكثر من 12 ألف جهاز صراف آلي، وأكثر من 80 ألف نقطة بيع». ونفى وجود «احتكار في قطاع المصارف». وأكد أن الرقابة الشديدة على المصارف «حمتها من الأزمة العالمية عام 2008». وأعلن أن «لدينا أفضل رسملة بنوك على مستوى العالم، وتوافقها مع متطلبات «بازل» الدولية، وتبلغ الملاءة المالية في المصارف السعودية نسبة 16 في المئة وهي ضعف المطلوب».