في كانون الثاني (يناير) 2011 شهد العالم لحظة مهمة في تاريخ اليمن حين احتشد المتظاهرون في الساحات مطالبين بالتغيير وبفرصة أن يكون لهم مستقبل أفضل. وقد سُمعت مطالبهم هذه بحدوث انتقال سلمي للسلطة إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي ليشرف على عملية الإصلاح. هذه العملية، وجهود الرئيس هادي الرامية لتحقيق تغيير حقيقي وملموس في اليمن، تلقى التأييد التام من مجلس الأمن، بالشراكة مع مجلس التعاون الخليجي والأمين العام للأمم المتحدة ومستشاره الخاص جمال بن عمر. ويوم الأحد ذهب وفد من مجلس الأمن الدولي، برئاسة الممثلَين الدائمَين للمملكة المتحدة والمغرب، بزيارة إلى صنعاء، وهذه أول زيارة لمجلس الأمن إلى منطقة الشرق الأوسط منذ خمس سنوات. يعتمد مستقبل اليمن على قدرته على تضافر جهود الجميع فيه، وإحراز تقدم حقيقي في عملية الانتقال السياسي، ومعالجة التحديات الإنسانية والأمنية الخطيرة التي ما زالت مستمرة. وهذه ليست بالمهمة اليسيرة. لكن يسعدنا أنها اقتربت خطوة من الاتجاه الصحيح بعد إعلان الرئيس هادي عن بدء الحوار الوطني. كما قال الأمين العام للأمم المتحدة في الاجتماع الوزاري لأصدقاء اليمن، الذي استضافته المملكة المتحدة والسعودية في نيويورك في 27 أيلول (سبتمبر) 2012، «تتضافر جهود اليمنيين من كل مشارب الحياة الآن للانخراط في حوار وطني للمساعدة على رسم مستقبل بلدهم». وقد آن الأوان الآن لجميع الأطراف للمشاركة في هذا الحوار وتبادل وجهات النظر بشأن الخطوات التالية التي يجب أن يمضي بها اليمن تجاه إجراء الانتخابات البرلمانية. وقد أبدى مجلس الأمن الدولي دعمه القوي للرئيس هادي ولعملية الحوار الوطني. لكن ما زال هناك الكثير مما يتعين عمله. حيث يجب تنفيذ التعهدات التي قطعها المشاركون على أنفسهم خلال اجتماع أصدقاء اليمن لأجل بناء دولة حديثة، إضافة إلى تقديم المزيد من الدعم للإغاثة الإنسانية التي تعاني نقص التمويل، والتي يحتاج إليها اليمن بشدة. وعلى الصعيد السياسي، لا بد من إجراء استفتاء دستوري قبل إجراء الانتخابات العامة في شباط (فبراير) 2014، هذا إلى جانب ضرورة اتخاذ المزيد من الخطوات لإعادة هيكلة الجيش ووضع قوانين العدل الانتقالي. ومن الضروري أيضاً محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان. وفي خضم كل ذلك، هناك أمر واحد جليّ للغاية: إخراج العملية السياسية عن مسارها سيكون له تداعيات على الأمن والسلام الدوليين. وسيؤدي ذلك لزيادة سوء الوضع الإنساني، وتدهور الاقتصاد، وانتعاش الإرهاب. وفي حال سعي عناصر لعرقلة العملية السياسية أو التهديد بإخراجها عن مسارها، فإن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2051 ينص صراحة على أن المجلس «سوف ينظر في اتخاذ المزيد من الإجراءات المتاحة وفق المادة 41 من ميثاق الأممالمتحدة». والأقلية الصغيرة ممن يؤخرون إحراز تقدم تجاه مستقبل اليمن الديموقراطي، واضعين مصالحهم وطموحاتهم الخاصة فوق مصلحة أمتهم، عليهم أن يدركوا عواقب ما يفعلون. فالمجتمع الدولي لن يسمح للأقلية بحجب تطلعات الغالبية العظمى من اليمنيين. يمر اليمن الآن بمرحلة حرجة. ومواصلة إحراز تقدم والتغلب على التحديات وتحقيق الطموحات السياسية يتطلب جهوداً موحدة. والمملكة المتحدة مستعدة تماماً لدعم الشعب اليمني في سعيه لتحقيق الاستقرار والازدهار الذي يريد ويستحق - حيث أن ذلك مستقبل يصب في مصلحة اليمن والمنطقة والعالم ككل. * المندوب البريطاني الدائم لدى الأمم المتحدة