ينتظر أن يخضع تشكيل الحكومة اللبنانية لعملية عض أصابع بين الأكثرية والمعارضة، خلال الأيام المقبلة، وسط تصاعد الحملات والاتهامات المتبادلة بعرقلة إنجاز التركيبة الحكومية، خصوصاً أن «حزب الله» أخذ يوجه الانتقاد الى الرئيس المكلف زعيم «تيار المستقبل» النائب سعد الحريري للمرة الأولى منذ الانتخابات النيابية في 7 حزيران (يونيو) الماضي والتي أعقبتها لغة التلاقي والدعوات الى التقارب والمصالحة. وفيما رفع «حزب الله» من لهجة تضامنه مع مطالب زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون في الحكومة وهي توزير صهره الوزير جبران باسيل، والحصول على حقيبة سيادية، من ضمن 5 حقائب وزارية للوزراء الخمسة الذين هم من حصته، فانتقد النائب في الحزب حسين الحاج حسن «أسلوب» الرئيس المكلف، ووصفه بأنه غير مفيد ولن يؤدي الى نتائج»، قالت مصادر مطلعة على قنوات الاتصال بين الحريري والعماد عون ل «الحياة»، إن الأول وجه ظهر أول من أمس دعوة الى العماد عون للاجتماع به في دارته الى مائدة الغداء من أجل البحث معه في عملية تأليف الحكومة ومناقشته في مطالبه في الحقائب والأسماء . وعلمت «الحياة» أن الحريري كان أوفد يوم الجمعة مدير مكتبه نادر الحريري الى عون واقترح عليه اجتماعاً بينهما، بدعوة منه الى مائدة الغداء، بعد أن كان الحريري زار عون عند تكليفه في إطار الزيارات البروتوكولية التي قام بها الرئيس لرؤساء الحكومة السابقين. وأوضحت المصادر أن عون استمهل الإجابة على الدعوة، فيما حدّد موعداً لمؤتمر صحافي سيعقده غداً للرد على الحملة التي استهدفته من قبل قوى 14 آذار تحت عنوان عقدة عون وإصراره على توزير باسيل والحصول على حقيبة سيادية و5 حقائب لوزراء تكتله النيابي الخمسة. واتسعت رقعة الاتصالات بين قوى المعارضة حول تأليف الحكومة ووتيرة تصريحات قادتها. وقال الوزير باسيل بعد لقائه الرئيس عمر كرامي أن الحديث عن عقدة توزيره «جزء من البهلوانيات»، واعتبر أنه «ليس هناك أكثرية في البلد وهناك فرز جديد بصيغ أخرى». أما كرامي فتحدث عن عدم الجدية في معالجة أزمة التأليف (من الرئيس المكلف). وفي المقابل قالت مصادر في «التيار الوطني الحر» ل «الحياة» إن الإشارة الى توزير باسيل «بأنه العقدة عذر لا أساس له لأن العماد لم يتلق حتى الآن أي عرض جدّي على مطالبه التي يريدها انسجاماً مع حجمه ودوره وموقعه، لهذا لا يوجد في التيار الوطني عقدة اسمها جبران باسيل. التيار يريد حقائب وحدد الداخلية ولكن لم يأت الرد بعد بالرفض أو بعرض بديل». وأكدت أن المؤتمر الصحافي هو للرد على الحملة التي تشنها الأكثرية و «تيار المستقبل» على العماد عون، «وما زال هذا التوجه قائماً حتى هذه الساعة إلا إذا نجحت المساعي التي يقوم بها «حزب الله» لإقناع الرئيس المكلف بالقيام بخطوات عملية ومقنعة ومقبولة لدى الجنرال. إلا أن مصادر متعددة في الأكثرية اعتبرت ان «حزب الله» غير سلوكه حيال تأليف الحكومة، بدليل التصريحات التي يدلي بها القياديون فيه بمساندة مطالب عون. واعتبرت هذه المصادر أن الحزب بدلاً من أن يساعد على حلحلة طروحات عون، وفق ما وعد به الرئيس المكلف سابقاً، يزيد من تعقيد الأمور ويدفعه الى مزيد من التصلب. وفي وقت قالت مصادر في الأكثرية إنها تلقت تفسيرات بأن إحاطة «حزب الله» والمعارضة لعون بمطالبه هي مقدمة كي يتمكن مع حلفائه من لعب دور معه يؤدي الى تسهيل قيام الحكومة، وسألت مصادر أخرى: «إذا كانت قراءة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه في ذكرى انتصار المقاومة هي أن إسرائيل أثارت ضجيجاً حول الحرب على لبنان بهدف الضغط على تأليف الحكومة لمنع توزير الحزب الله»، فهل يكون الرد على هذا الضغط بتأخير التأليف تحت عنوان التضامن مع مطلب توزير باسيل والمطالب الأخرى؟ ولماذا لا يكون الرد في تسهيل مهمة الحريري وبذل الجهود لدى عون كي يتبع مواقف أكثر ليونة؟». وذكرت هذه المصادر أن «ترجيحنا والمعطيات التي لدينا أن أسباب انضمام الحزب الى دعم مطالب عون بقوة وانتقاد الرئيس المكلف، تعود الى عناصر تتعدى ذلك. وهناك إشارات الى أن حزب الله غير راض على أن يسلك التفاهم السوري – السعودي طريقه الى التنفيذ في لبنان بمعزل عن التواصل مع إيران. كما أن هناك إشارات الى أن الحزب غير مرتاح الى سلوك رئيس الجمهورية ميشال سليمان المتوازن في شأن عملية تأليف الحكومة إذ أصر على أن يسمي هو الوزير الشيعي السادس في إطار المخرج الذي اعتُمد لمطلب الثلث +1 الذي طالب به الحزب بعيد تكليف الحريري، والمطالبة بحقيبة سيادية من قبل عون تستهدف دور رئيس الجمهورية». وفي انتظار معرفة مآل مطالبة الحريري عون بعقد اجتماع بينهما ورده على دعوته إياه لبحث مطالبه الى مائدة الغداء، توقعت مصادر مراقبة أن يتصاعد السجال خلال اليومين المقبلين إذا لم يحصل اختراق ما يعيد الأمور الى قنوات الحوار التي كانت سلكتها بين الرئيس المكلف وأطراف المعارضة قبل التأزم الحالي. وفيما ردد بعض رموز المعارضة أن ردهم على رفض توزير باسيل ومطالب عون يعود الى أنه لم يعد في إمكان الرئيس المكلف أن يتصرف على أنه زعيم للأكثرية لأنها لم تعد موجودة بخروج جنبلاط منها، قالت مصادر رئيس الاشتراكي ل «الحياة» إن هذه الحجة «لم تعد موجودة فالبعض راهن على خلاف جنبلاط – الحريري والأول أوضح في زيارته للرئيس سليمان انه لم يخرج من الأكثرية بل دعا الى تغيير شعاراتها. وقالت مصادر مواكبة لعملية التأليف إن ثمة مخرجاً من التأزم الحالي يقضي بوقف التداول في ما سمي عقدة توزير باسيل وتقاذف الحملات في شأنها، خصوصاً أن العماد عون هو الذي صعّد هذا السجال حين قال الاسبوع الفائت إن باسيل سيكون وزيراً. ويقضي هذا المخرج بالعودة الى التسلسل الذي اعتمده «حزب الله» في التفاوض على التأليف وهو الاتفاق على صيغة الحكومة (وقد حصل على 15+10+5) ثم البحث في الحقائب ثم في الأسماء ثم صدور المراسيم ثم الاتفاق على البيان الوزاري. فلماذا جرى تقديم الأسماء بطرح اسم باسيل، على موضوع الحقائب سواء من قبل الحزب أو من قبل عون؟ وفيما حافظت أوساط الرئيس المكلف على التكتم، لم تستبعد مصادر مواكبة للاتصالات الجارية أن يلجأ خلال الأسبوع الطالع الى طرح صيغة لتوزيع الحقائب والأسماء في تشكيلة يقترحها ويطلع رئيس الجمهورية عليها، وينتظر موقف الفرقاء منها لوضعهم أمام مسؤولياتهم. وأشارت المصادر الى أن «هناك من يجب أن يتحمل مسؤولية تأخير تأليف الحكومة، وكذلك تأخير خطوات أكثر أهمية منها عقد القمة السعودية – السورية التي قيل إنها ستتم بعد التأليف، وتأخير زيارة الحريري دمشق وبقاء الكثير من المشاكل التي تحتاج الى قيام حكومة وحدة وطنية اقتصادياً واجتماعياً، ومسؤولية إطالة عمر حكومة تصريف الأعمال».