أكد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أن موقف الرياض «كان، وما زال، مع دعم المعارضة السورية المعتدلة، ومحاربة الجماعات الإرهابية على الأراضي السورية»، موضحاً أن «المعركة مع الإرهاب يجب أن تبدأ بالقضاء على الشروط المجحفة التي أنتجته في المقام الأول». وأضاف في كلمة، خلال اجتماع على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أول من أمس، على ما جاء في وكالة الأنباء السعودية: «قبل عامين ونصف العام اجتمعنا كمجموعة دول أصدقاء سورية لنعلن للعالم أجمع دعمنا لحق الشعب السوري لنيل حقوقه وحريته وكرامته. في ذلك الحين لم تكن هناك جماعات إرهابية، أو معارضة معتدلة وأخرى متطرفة، ولا استخدام للأسلحة الكيماوية ضد المدنيين العزّل، وكان عدد القتلى والمعتقلين تعسفاً أمراً مفجعاً، إذ تجاوز ذلك عشرات الآلاف. وها نحن نجتمع اليوم ليس للحديث عن حق الشعب السوري في الدفاع عن نفسه، ونيل حقوقه المشروعة، بل للحديث عن مكافحة التطرف والإرهاب ليس في سورية فقط، بل في العراق ومناطق أخرى في المنطقة، والبحث في سبل دعم المعارضة السورية المعتدلة وعزل المعارضة السورية المتطرفة، وقد تجاوز عدد القتلى 200 ألف قتيل، وعدد المشردين من ديارهم تسعة ملايين في داخل سورية وخارجها». وتساءل: «كيف وصلنا إلى هذا الوضع الذي نحن فيه الآن؟» وقال: ««إن التاريخ يعلمنا أنه كلما طال أمد الصراع الداخلي المسلح وزادت وحشيته زاد نفوذ الجماعات المتطرفة وتمكنها. ولعل النظام السوري وحلفاءه في الداخل والخارج كانوا أكثر من غيرهم دراية بهذا الدرس التاريخي». وأشار إلى أن «إستراتيجية النظام السوري كانت منذ البداية تدفع باتجاه المشهد الذي نراه اليوم في سورية والعراق. ففي الوقت الذي وقف المجتمع الدولي متردداً ومنقسماً على نفسه حيال دعم الثورة السلمية للشعب السوري، عمد النظام السوري إلى عسكرة الثورة، وقمع التظاهرات السلمية بوحشية، ومارس سياسات الحصار والتجويع والقتل لدفع الثورة السورية إلى حاضنة الجماعات الإرهابية، وتبرير سلوكه الهمجي كحرب على الإرهاب». وشدد على أن «نظام بشار الأسد فقد شرعيته بممارساته غير الإنسانية وسياساته التي خلقت بيئة خصبة للإرهاب. ولا نجد حلاً لهذه المعضلة إلا برحيله هو ومن تلطخت أيديهم بدماء السوريين من المشهد السياسي»، موضحاً أن «الكثير من الشواهد تدل على أن النظام السوري هو الرافد الأول لظهور تنظيم داعش الإرهابي». ودعا إلى «دعم القوى المعارضة السورية المعتدلة، وخطوات عملية لإضعاف النظام السوري من خلال تشديد الحصار الاقتصادي، والبدء بملاحقة رموزه عبر آليات العدالة الدولية على الجرائم التي ارتكبوها ضد أبناء الشعب السوري، وتكريس عزلته السياسية، وتشجيع الانشقاقات في صفوف المدنيين والعسكريين من داخل النظام». على صعيد آخر، أكد سعود الفيصل أن «المملكة وقفت مع الشعب اليمني، وقدمت كل ما تستطيع من عون ومساندة، وعلى المجتمع الدولي واجب كبير لمد يد العون والمساعدة له ولأبنائه». وأشار، خلال ترؤسه ووزير الخارجية البريطاني فيلب هاموند الاجتماع الوزاري لمجموعة أصدقاء اليمن في نيويورك، بمشاركة وزير خارجية اليمن جمال السلال ووزراء خارجية الدول الأعضاء في المجموعة والأمين العام لمجلس التعاون الدكتور عبداللطيف الزيَّاني،إلى أن «لهذا الاجتماع أهمية استثنائية كبرى، بالنظر إلى الأوضاع الخطرة والمتسارعة التي يواجهها اليمن، تستدعي من الجميع الوقوف معه، واقتراح الحلول اللازمة لمواجهة هذه التحديات غير المسبوقة، التي يُخشى إن لم نتداركها أن تقود -لا قدر الله- إلى مزيد من الانحدار نحو العنف والصراع، الذي سيكون الشعب اليمني ضحيته الأولى، وستقوّض ما توصل له اليمنيون من اتفاقات بنّاءة لاستكمال العملية السياسية السلمية وفقاً لمقررات المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، إضافة إلى أن دائرة العنف والصراع ستمتد - بلا شك - لتهدد الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي، وقد تصل إلى مرحلة تصعب معها إخمادها، مهْما بُذل لذلك من جهود وموارد». وأضاف: «سبق لنا الترحيب باتفاق السلم والشراكة الوطنية المبرم في 21 أيلول (سبتمبر) بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، وكان أملنا أن يحقق تطلعات الشعب اليمني نحو وقف العنف والاقتتال واستكمال العملية السياسية واستئناف التنمية والبناء، ومع إشادتنا بما بذله الرئيس عبدربه منصور هادي من جهود مكثفة للوصول إلى اتفاق يجنِّب اليمن وأبناءه العنف والفوضى وإراقة الدماء، إلا أن عدم تنفيذ الملحق الأمني للاتفاق وعدم إنفاذ الاتفاق ذاته على الوجه المطلوب من جماعة الحوثي بدّد تلك الآمال، ونحن بذلك ندعو جميع الأطراف المعنية إلى التطبيق الكامل والعاجل لكل بنود الاتفاق، كما نحض المجتمع الدولي على تقديم جميع أوجه المساعدة لليمن في هذا الشأن». وقال: «نؤيد البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن بتاريخ 29 آب (أغسطس) الذي سمّى بعض المعرقلين الرئيسين للعملية السياسية من جماعة الحوثي»، موضحاً أنه «على رغم هذه الصورة القاتمة للأوضاع إلا أننا نبقى متفائلين بأن المخلصين من أبناء اليمن العريق لن ينقادوا إلى ذلك، وسيتجاوزون هذه المرحلة الحرجة بسلام؛ لاستكمال المرحلة السياسية الحالية بصورة سلمية، وبما يحقق وحدة بلادهم وأمنها ومستقبلها». وكرر دعوته «الدول والهيئات والصناديق المانحة لتنفيذ تعهداتها السابقة تجاه اليمن، والمسارعة في تخصيصها بالنظر للظروف الملحّة التي يمر بها وصفتها العاجلة، وفقاً لما تم التأكيد عليه في اجتماعات المجموعة السابقة، وآخرها اجتماعها الوزاري المنعقد في نيويورك في أيلول (سبتمبر) من العام الماضي».