أخذ تأنيث المحال النسائية أكثر من منحى، وتجاذبته آراء متشددة ومتمددة على رغم أن العقل ومن واقع المشاهد المتوافرة في أسواقنا المحلية، يثبت أنّا نرمي بنسائنا إلى البعيد بدم بارد، ونقول لها: اذهبي إلى الغرباء من الرجال، وتناولي أشياءك بالمناصفة مع يديه، وليكن شريكك في الذوق والانتقاء، ونحن لا نقولها علناً، ولكن آرائنا المغيبة عن التعاطي مع الواقع تقول كذلك! التحرش بالسعوديات على قدم وساق خصوصاً في المحال التي تعنى بحاجات المرأة، ومن ينكر أو يتجاهل هذه الحقيقة فهو مصاب بالعمى أو محروم من فرصته السانحة والضائعة بمجرد تأنيث المحال، وإلا فمن يفسر لي الأناقة الرفيعة والكاريزما المدهشة للبائعين الموجودين في مواقع ونقاط بيع الأغراض النسائية. لا يذهب مع كل أنثى رجل، والرجال لم يعودوا قادرين على تجاوز قدرة المرأة حين تتحول لبطلة المسافات الطويلة في حضرة السوق، السوق يعتبر متنفساً لحياتها المختنقة والذكورية البحتة، وفضلاً عن مساحة الحرية المنضبطة التي ستجدها، سنوفر وظائف لمن هن في أمس الحاجة لما يضمن أشياءهن الخاصة، من دون تنازلات تُجبر على تقديمها في ظل سوء الفهم بين جهاز الهيئة ووزارة العمل. التشكيك، ولغة «نحن نخاف..، لأننا نعرف وندرك ونفهم أكثر» هي لغة تطول دوماً، وتلغي أية محاولات للتقريب والالتقاء، كنا ننتظر - منذ زمن - لقاء يجمع الكرسي الأول في كلا الجهازين، لأن سوء الفهم يطرأ ويطل ما دامت الأصوات تتناوب في إبداء الرأي هنا وهناك، من كلا الجهتين المعنيتين بالإقرار والتنفيذ والرقابة. تفعيل القرارات ومحتوى مذكرة التفاهم لن يرى النور، وما لم تكن هناك صرامة في العقوبات، وجدية في التفعيل، فسيظل لدينا مراوغون كثر، ومتلاعبون بالاشتراطات، من دون أن يتصدى لهم أحد. جهاز الهيئة يراقب بخجل، ووزارة العمل تنتظر من يقسو عليها، والفعل التنفيذي يتطلب السرعة، وفي غضون ال«شهر» الذي تضمنته المذكرة. المرأة التي تعاني التحرش لا تجرؤ على البوح أو الشكوى، لأنها لا تعلم هي في أي يد؟ ومستلزماتها كانت رهن إشارة وغمزة البائع الذي يستخدم أقرب العبارات، ليكون لطيفاً بالقدر الذي يستحق الاستفادة من هذا اللطف الطاغي وما قبله وبعده! لا نريد مذكرة بالغة الحرص ومرنة بالحد المنتظر، ونحن نؤثث المحال المعنية بالتأنيث، ولكن تحت إشراف رجالي لا يبعد عن المكان سوى أمتار بسيطة، يحضر متى ما غاب الرقيب، ولا يكون حضوره إلا نادراً، ويحسب التأنيث هنا مجرد تأثيث لطيف! سوء الفهم انتهى بين «الهيئة» و«العمل»، ولعله سوء الفهم الأخير، ولا أدعي أنه الأول. المرأة تريد أن تذهب لتختار ما يصلح لها، لا إلى أولئك الذين يشاركونها حاجاتها بحركات عبثية، واستغلال رديء لمكان ليس لهم، ولم يكن لهم لولا أن قوماً منا يتحدثون عنا، وهم أبعد ما يكونون عن الواقع، أو مقدمين للجيوب على الضمير. [email protected] alialqassmi@