أثار رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، حملة ردود من شركائه الأوروبيين في المنتدى الدولي الاقتصادي في منتجع «دافوس» السويسري، بعد حديثه عن «البقاء في الاتحاد لكن بعد إصلاح أوروبا المتخلفة عن المنافسة العالمية التي يهملها المستثمرون». كما وعد بحملة لمكافحة التهرّب الضريبي، منبهاً الشركات إلى ضرورة أن «تدفع حصتها العادلة» من الضرائب، ومحذّراً من استخدام رئاسة بريطانيا لمجموعة الثماني للتصدي للتهرّب الضريبي. واعتبر كاميرون، في كلمة في المنتدى الدولي الاقتصادي في دافوس أن «عدداً كبيراً من الشركات العالمية يستغل قوانين الضرائب»، بعدما أطلقت بريطانيا العام الماضي حملة على الشركات المتعددة الجنسية مثل «ستاربكس» و»غوغل» و»أمازون»، أعلنت «تجنّب فواتير الضرائب الباهظة». ورأى في كلمته أمام رجال السياسة والأعمال العالميين، أن «عدم العمل على دفع بعض الشركات ضرائبها يقوض ثقة الشعب». وقال «نريد استخدام مجموعة الثماني لإطلاق نقاش أكثر جدية حول التهرب الضريبي وتجنبه، إذ حان الوقت لهذه المسألة». وأكد أن بريطانيا «ستستخدم ترؤسها هذه السنة للمجموعة التي تضم أغنى ثماني دول، للدفع نحو تحرك عابر للحدود للتهرب الضريبي». وقال «أنا محافظ أشجع الضرائب المخفضة، لكن لست مع فكرة عدم دفع الشركات أي ضريبة، إذ على الشركات والأفراد دفع حصتهم العادلة». وكانت بريطانيا أطلقت الشهر الماضي حملة ضد «محتالي الضرائب» لاستعادة بليوني جنيه استرليني (3.2 بليون دولار) سنوياً، بعدما كشف مشرعون عن «تورط شركات متعددة الجنسية في تهرب ضريبي غير أخلاقي». وركّز قادة إيطاليا وهولندا وإرلندا في منتدى دافوس على بريطانيا، وبقائها في الاتحاد الأوروبي بعد الخطاب المثير للجدل الذي ألقاه كاميرون، محاولاً طمأنة المسؤولين السياسيين ورجال الأعمال المجتمعين، حول موقع بلاده في الاتحاد الأوروبي. وأعلن كاميرون، أمام عشرات المسؤولين السياسيين وأصحاب العمل الكبار، الذين لم يخفِ كثر منهم قلقهم، أن «الأمر لا يتعلق بإدارة ظهرنا إلى أوروبا بل بالعكس، إنه السعي إلى معرفة كيف تكون أوروبا أكثر تنافسية وأكثر انفتاحاً وليونة وضمان مكانة بريطانيا فيها». وأكد رغبته في «البقاء في الاتحاد، لكن بعد إصلاح أوروبا المتخلفة عن المنافسة العالمية والتي يهملها المستثمرون». ورأى أن «الوقت حان لنجعل منها محرك النمو، وليس مصدر تكاليف لأوساط الأعمال وشكاوى لمواطنينا». وذكّر بأن «النقاش حول أوروبا مطروح منذ زمن في بريطانيا، وتعلم أوساط الأعمال ذلك». ورأى أن «من الأفضل التحلي بالصراحة والانفتاح في هذا الشأن، والإشارة إلى الطريق المؤدية إلى حل ستستفيد منه الشركات، لأننا سنحقق في النهاية أوروبا أكثر تنافسية وانفتاحاً». وطمأن كاميرون، الذي قال انه من القادة السياسيين الأكثر انسجاماً مع أوساط الأعمال، أن لدى «الحزب المحافظ خطة لتسوية المشكلة». وشدد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، على ضرورة «التعامل مع أوروبا كما هي، ويمكن تطويرها غداً لكن لا يمكن إهانتها بحجة اقتراح البقاء فيها». وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، «لا يمكن صنع أوروبا وفق الطلب». واستعمل نظيره الألماني غيدو فسترفيلي العبارات ذاتها، معتبراً أن «الخيار وفق الطلب ليس خياراً». لكن المستشارة الألمانية أنغيلا مركل أبدت ليونة أكبر، معلنة «الاستعداد لمناقشة رغبات البريطانيين». وحذّر رئيس الوزراء الهولندي مارك روت، بريطانيا من «المصير الذي ينتظرها لو قررت الانسحاب من الاتحاد». وقال خلال نقاش إلى جانب نظرائه الأوروبيين في الدورة الثالثة والأربعين للمنتدى الاقتصادي العالمي، أن بريطانيا خارج الاتحاد «لن تكون سوى جزيرة في مكان ما وسط المحيط الأطلسي بين الولاياتالمتحدة وأوروبا، من دون تواصل مع هذه المنطقة أو تلك من العالم». وشدد رئيس الوزراء الإرلندي أندا كيني، على رغبته في أن «تظل بريطانيا تحتل موقعاً مركزياً في الاتحاد الأوروبي»، مؤكداً أن «خمس سنوات، وهي المهلة المحددة لإجراء استفتاء في بريطانيا حول الاستمرار في عضوية الاتحاد أم لا، مهلة طويلة جداً سياسياً». واعتبر أن «ما تحتاجون إليه حالياً هو الوضوح». وأعلن نظيره الإيطالي ماريو مونتي، ثقته «في القرار الذي سيتخذه البريطانيون، نظراً إلى الثمن الذي يمكن أن يدفعه اقتصادهم في حال انسحابهم من الاتحاد». وقال «عندما يحين الوقت سيقول الشعب البريطاني «نعم»، لأنهم إذا قالوا «لا»، فيجب عليهم الانسحاب من السوق الموحدة». ووعد كاميرون أول من أمس في لندن، استجابة لضغوط الأوساط المناهضة لأوروبا، بتنظيم استفتاء نهاية عام 2017 حول بقاء بريطانيا في اتحاد أوروبي، يكون ربما خضع إلى إصلاح، في مبادرة أثارت استياء شركائه الأوروبيين.