استبعدت مصادر سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى أن يسفر الاجتماع المرتقب بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو والموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل المتوقع عقده في لندن أواخر الشهر الجاري في إطار زيارة نتانياهو للعاصمة البريطانية، اتفاقاً في شأن تجميد البناء في المستوطنات في الضفة الغربية والقدس المحتلتين. وعزت تشاؤمها إلى الخلاف بين الجانبين على الفترة المطلوبة لتجميد البناء في المستوطنات، مشيرة الى ان إسرائيل ما زالت ترفض تجميد البناء لأكثر من ثلاثة اشهر وبشروط كثيرة، على رغم أن واشنطن أبلغتها خلال الأسبوع الأخير أن قطر وسلطنة عُمان مستعدتان لاستئناف العلاقات الديبلوماسية مع الدولة العبرية في حال وافقت الأخيرة على تجميد أعمال البناء في المستوطنات. وكانت قطر قطعت علاقاتها بإسرائيل في أعقاب الحرب الأخيرة على قطاع غزة مطلع العام الحالي، فيما أغلقت عُمان الممثلية الإسرائيلية إبان الانتفاضة الثانية عام 2000. لا لقاء بين نتانياهو واوباما وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنه إزاء الخلاف بين واشنطن وتل أبيب رفضت الأخيرة «بلطف»، طلب إسرائيل ترتيب اجتماع بين نتانياهو والرئيس باراك اوباما في نيويورك في النصف الثاني من الشهر المقبل على هامش أعمال الدورة السنوية للجمعية العمومية للأمم المتحدة، فيما أشارت صحيفة «هآرتس»، إلى أن الاجتماع قد يتم إذا ما اتضح أنه سيتم الإعلان في ختامه عن توصل الطرفين إلى اتفاق على تجميد الاستيطان. وذكرت الصحيفة أن الأسابيع الأخيرة شهدت مفاوضات سرية مكثفة بين مسؤولين أميركيين وممثلين عن رئيس الحكومة الإسرائيلية بهدف التوصل إلى اتفاق. وأضافت ان مستشار رئيس الحكومة الإسرائيلية المحامي يتسحق مولخو سيغادر قريباً إلى واشنطن للقاء ميتشل قبل لقاء الأخير مع نتانياهو في لندن بهدف محاولة دفع المفاوضات. «صفقة مستوطنات» وتابعت الصحيفة أنه بموجب «أوراق الموقف» التي تم إعدادها لصنّاع القرار في إسرائيل قبل أسبوعين من لقاء نتانياهو – ميتشل، فإن الأمور تسير باتجاه «صفقة مستوطنات». وبحسب هذه الأوراق، تريد الولاياتالمتحدة تعهداً من إسرائيل بوقف أعمال البناء في المستوطنات في العامين المقبلين، مفترضة أن هذه هي الفترة المطلوبة لإجراء مفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين على الحل الدائم للصراع، فيما أشارت «هآرتس» إلى أن الفترة التي تطالب بها واشنطن هي لعام واحد فقط. من جهته، يبدي نتانياهو استعداداً مشروطاً لتجميد البناء لثلاثة اشهر. وفي مقدم الشروط تحديد «نقطة خروج» تقضي بأن «في حال لم يف العالم العربي بقسطه المتمثل بالقيام ببوادر حسن نية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، يحق لإسرائيل التراجع عن التفاهمات مع الأميركيين واستئناف أعمال البناء في المستوطنات». من جهته، أبدى وزير الدفاع ايهود باراك استعداداً لتجميد أعمال البناء في المستوطنات لمدة نصف عام، لكن شرط الاتفاق على مواصلة أعمال بناء أكثر من ألفي وحدة سكنية قيد الإنشاء. وتقصد إسرائيل ببوادر حسن النية، ضمن اشياء كثيرة أخرى، السماح لطائراتها المدنية بالعبور في الأجواء السعودية، وفتح ممثليات تجارية إسرائيلية في العواصم العربية وأخرى عربية في تل أبيب، كذلك تطالب إسرائيل واشنطن بأن تكون كل التفاهمات خطية، خلافاً لما كان متبعاً حتى الآن في العلاقات بين إسرائيل والإدارات الأميركية السابقة. وتقول الصحيفة عن هذا الطلب: «يبدو أن إسرائيل تعلمت الدرس من عدم احترام إدارة أوباما تفاهمات سابقة توصلت إليها الحكومات السابقة مع الإدارة الأميركية السابقة أتاحت لإسرائيل البناء، وعليه تقرر عدم المجازفة». وتوقعت الصحيفة أن يرفض الأميركيون هذا الطلب «لأنهم لا يريدون الظهور كمن يصادقون علناً وخطياً على أعمال بناء في المستوطنات». وأشارت الصحيفة إلى أن نقطة خلاف أخرى بين واشنطن وتل أبيب تتعلق بعدد البؤر الاستيطانية العشوائية المفترض أن تفككها إسرائيل خلال نصف عام. وبينما تقول إسرائيل إن عددها هو 26 فقط، تصر الإدارة الأميركية على أن عددها يقترب من الأربعين، علماً أن عددها الحقيقي بحسب منظمات حقوقية إسرائيلية ترصد الاستيطان يتعدى المئة. ونقلت «يديعوت أحرونوت»، عن وزراء إسرائيليين اطلعوا على تفاصيل الاتصالات مع الإدارة الأميركية تقديراتهم أن يتم الاتفاق في نهاية المطاف على «تجميد متأرجح» للاستيطان لمدة نصف عام في مقابل الموافقة على إتمام بناء الوحدات السكنية قيد الإنشاء، بحسب أحد الوزراء الذي أضاف أن الأحاديث عن «الخطة الكبرى» لإدارة اوباما «اصطدمت بواقع الشرق الأوسط، ما سيضطر هذه الإدارة إلى الاكتفاء بشيء ما يقلص من مخططاتها الأصلية». وبحسب مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع المستوى، فإن العملية السياسية التي سعت إدارة أوباما الى تحريكها واستئناف المفاوضات بين إسرائيل وبين الفلسطينيين والدول العربية «تم صدها، حتى الآن على الأقل، لأن العرب ونتانياهو على حد سواء، لم يوفروا للأميركيين الأدوات التي تمكنهم من استئناف العملية السياسية». وقال مصدر أميركي يرافق العملية السياسية في الشرق الأوسط منذ سنوات للصحيفة إن «الإدارة الأميركية فشلت في جهدها معالجة نتانياهو كما ينبغي ... كان عليها أن تدك رأسه بحائط المستوطنات»، مضيفاً أنه طالما واصل نتانياهو تعنته، فإنه لن يحظى بلقاء اوباما «لأنه كما هو معروف في واشنطن، لا وجبات مجانية».