أعلن الجيش الجزائري المنطقة الصحراوية المحيطة بمنشأة تيقنتورين في الجنوب الشرقي «منطقة عسكرية» إلى غاية الانتهاء من عمليات تمشيط جارية قرب الحدود الليبية على خلفية الهجوم الذي شنّه إسلاميون مسلحون على المنشأة والذي انتهى بمقتل عشرات الخاطفين والرهائن الأجانب خلال تدخل قوات الأمن لتحريرهم. وذكرت مصادر «الحياة» ان فريقاً تقنياً وصل إلى تيقنتورين لإعادة تشغيل منشأة الغاز التي لحق بجزء منها ضرر بالغ، وتحديداً في المولّد الرئيسي والأسلاك الكهربائية. ويجري الجيش الجزائري حالياً تمشيطاً في محيط منشأة «تيقنتورين» في ولاية إليزي بحثاً عن خمسة مفقودين أجانب وتحسباً لمعلومات غير مؤكدة عن احتمال وجود عناصر مسلحة فرّت في المنطقة، اعتماداً على تصريحات زعيم كتيبة «الملثمون» مختار بلمختار (خالد أبو العباس) الذي قال إن سرية «الموقعون بالدماء» التابعة له والتي نفّذت العملية ضمّت 40 عنصراً، في حين أن الأرقام الرسمية الجزائرية لعدد القتلى المسلحين حددتهم ب 29 قتيلاً فقط إضافة إلى ثلاثة معتقلين أحياء، ما يعني أن بعض المسلحين ربما تمكن من الفرار. وقبضت قوات الجيش الجزائري خلال عملية تحرير الرهائن على ثلاثة خاطفين أحياء بينهم «الدليل» وهو سائق سابق في مجمّع الغاز ويحمل جنسية النيجر. وقال مصدر أمني ل «الحياة» أمس إن الجيش قتل مصريين إثنين أحدهما المكنى «أبو بكر» مساعد قائد الهجوم (جزائري). كما يُعتقد أن الجنسية الثامنة التي لم يذكرها الوزير الأول عبدالمالك سلال في مؤتمره الإعلامي، أول من أمس، هي لمسلح يتحدر من اليمن. أما بالنسبة إلى المسلح الذي يحمل الجنسية الكندية فقد أفيد أنه يُكنّى «شداد» ويجيد الحديث بالإنكليزية ولذلك كُلّف بربط الإتصال بقنوات تلفزيونية غربية وعربية خلال العملية التي تمت في الجنوب الشرقي الجزائري. كما أفادت مصادر حكومية أن السائق الذي تم إلقاء القبض عليه حياً دل على مكان دفن مسلحين إثنين في منطقة ما في الصحراء، ولم توضح المصادر إن كان ذلك في الداخل الجزائري أم خارجه. ومعلوم أن مسلحين إثنين قُتلا في حادث سير أثناء تنقل كتيبة «الموقعون بالدماء» عبر شمال مالي والشريط الحدودي مع النيجر وليبيا قبل دخول الأراضي الجزائرية لتنفيذ عملية منشأة الغاز. وتخشى السلطات الجزائرية من سيناريو «سيّء» قد يكون حلّ بخمسة أجانب مفقودين إثر الهجوم على موقع إنتاج الغاز، في ظل وجود احتمال ضئيل أن مجموعة دعم من الكتيبة الخاطفة نفسها فرّت بهم خارج محيط المنشأة. وقال مصدر ل «الحياة» إن فريقاً تقنياً «بدأ في عملية إصلاح أحد القطارات الثلاثة للغاز بعدما تعطّل المولّد ولحقت أضرار بكوابل الكهرباء». وفي سياق مرتبط، كشفت مصادر فرنسية أن الخاطفين في مجمع تيقنتورين بعين أمناس حصلوا على «دعم لوجستي» من «جهاديين» في ليبيا، على رغم عدم مشاركة أي ليبي في تنفيذ العملية مباشرة. وليس واضحاً نوع هذا «الدعم اللوجستي» المقدم إلى مجموعة الخاطفين الذين قادهم الجزائري محمد لمين (الأمين) بن شنب المتزوج من ليبية. وقالت مصادر جزائرية إن الخاطفين أقاموا بضعة أيام في منطقة «عبيد» قرب غات قبل دخولهم من ليبيا إلى الجزائر. ونقلت «فرانس برس» من طرابلس أمس عن مصدر «مقرب من جماعات متطرفة في ليبيا» قوله: «تم تقديم مساعدة لوجستية انطلاقاً من ليبيا». ولم يحدد المصدر طبيعة تلك «المساعدة» لكنه أقر بأن اسلاميين ليبيين كانوا مسؤولين عن تأمين الاتصالات بين الخاطفين ووسائل الإعلام. وتمكنت وسائل إعلام دولية بينها وكالة «فرانس برس»، من الحصول من جهات اسلامية مقرها شرق ليبيا، على ارقام هواتف للخاطفين الذين استولوا الاربعاء الماضي على منشأة عين أمناس في عمق الصحراء الجزائرية. وقال الوزير الأول الجزائري عبدالمالك سلال الاثنين إن 37 أجنبياً قتلوا بعد احتجازهم لأربعة أيام في مصنع للغاز وان بعضهم اعدم برصاصة في الرأس. وخلال أزمة الرهائن تحدثت وسائل اعلام عديدة عن «صلات ليبية» بالأزمة. ونقل موقع «تي اس ايه» الجزائري عن مصدر أمني ان الخاطفين دخلوا الجزائر من ليبيا في عربات ليبية رسمية، بينما قالت وسائل اعلامية اخرى إن الاسلحة التي استخدمها الخاطفون مصدرها ليبيا. ولدى سؤالهم اكد مسؤولون ليبيون ل «فرانس برس» تصريحات رئيس الوزراء الليبي علي زيدان الذي نفى أن يكون الخاطفون قد دخلوا الجزائر من ليبيا وأكد أن الأراضي الليبية لا تستخدم لشن عمليات تهدد امن الدول المجاورة. وقال مصدر ليبي ل «فرانس برس»: «لم يكن في المجموعة التي قادت الهجوم ليبيون». لكنه أقر بحصول «اتصالات» بين الخاطفين وجهاديين ليبيين. واضاف المصدر انه لم تكن هناك أية صلات تنظيمية لإسلاميين ليبيين بمجموعة «الموقعون بالدم» التي قادت الهجوم على منشأة الغاز على مدى اربعة ايام. ويقود المجموعة مختار بلمختار أحد مؤسسي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي. وقالت مجموعة «الموقعون بالدم» إن هجومها على مصنع الغاز هو انتقام من التدخل العسكري الفرنسي في شمال مالي. إلا أن سلال نفى ذلك وقال انه جرى التخطيط للهجوم قبل نحو شهرين، أي قبل التدخل الفرنسي بوقت طويل. ومنذ سقوط نظام معمر القذافي في تشرين الأول (اكتوبر) 2011، تزايد تفوذ الاسلاميين الليبيين وورثوا ترسانة أسلحة ضخمة بعد النزاع الذي أطاح برجل ليبيا القوي سابقاً. وتجلت قدرتهم الهجومية بعد الهجوم الدامي على القنصلية الاميركية في بنغازي في 11 أيلول (سبتمبر) والذي ادى الى مقتل اربعة اميركيين من بينهم سفير واشنطن في طرابلس كريس ستفينز. وطبقاً للمصدر الليبي الذي تحدث إلى «فرانس برس» فإن الاسلاميين الذين هاجموا موقع عين أمناس دخلوا مالي «عبر النيجر وليبيا من مثلث السلفادور» في اشارة الى جزء صحراوي قاحل على الحدود بين ليبيا والجزائر والنيجر.