في ظل العقدة السياسية المستعصية على الحل منذ الصيف الماضي، تشكو المعارضة الكويتية من أن السلطة تبالغ في رفع شكاوى قضائية ضد معارضين، سواء كانوا نواباً سابقين أو نشطاء يغردون في «تويتر» أو مشاركين في المسيرات والتظاهرات التي تطالب بإبطال قانون الانتخاب الحالي المعدل وانتخاب مجلس أمة (برلمان) على أساس القانون السابق. وحالياً يمضي ناشطان عقوبة بالسجن سنتين بتهمة «الإساءة إلى الذات الأميرية»، فيما أطلق ثالث بعد سجنه لمدة عام، ولا يزال أربعة ناشطين على الأقل معتقلين على ذمة قضايا مماثلة، ونحو 100 شخص بينهم نساء جرى التحقيق معهم من قبل جهاز أمن الدولة ومن قبل النيابة وسجن بعضهم تحفظياً لأيام وأخلي سبيل آخرين بضمانات مالية باهظة. ويرى معارضون أن السلطة «تسلط القضاء على المعارضة وتحاول استخدامه أداة ترهيب وردع ضد خصومها». وقال النائب السابق أسامة الشاهين أن «مضايقة السلطة للنواب والشباب والإعلاميين المعارضين أمنياً وقضائياً، تنافي الديموقراطية وتشكل خروجاً عن شرف الخصومة»، بينما اعتبر زميله حمد المطر أن الكويت «باتت أكثر دولة في العالم تحاكم المغردين». وكان قطب المعارضة النائب السابق مسلم البراك آخر «ضيوف» قصر العدل، إذ مثل أمام النيابة قبل أيام اثر شكوى من وزارة الخارجية ضده بأنه أساء إلى العاهل الأردني في تصريحات الشهر الماضي زعم فيها أن قوات الدرك الأردنية شاركت في أعمال قمع تظاهرات في الكويت، وهو ما نفته الحكومتان الكويتية والأردنية بشدة. واتهمت النيابة البراك بأنه «أضر بالعلاقات الأخوية بين الكويت والأردن». ووفقاً لقريبين من البراك فإنه استغل مثوله أمام النيابة لتقديم أدلة وأشرطة مصورة تتضمن قيام نواب محسوبين على السلطة بالإساءة إلى قيادات ودول خليجية بشكل متكرر والتحريض عليها، من دون أن تتخذ الخارجية الكويتية أي إجراءات ضدهم». وقال البراك إن شكوى الخارجية «تصفية حساب شخصية وكيدية ضدي بسبب قيامي بفضح التحويلات الخارجية»، في إشارة إلى ما أثاره قبل اكثر من عام عن تحويلات «مشبوهة» إلى سفارات كويتية في الخارج بنحو ربع مليار دولار. وقررت النيابة العامة إخلاء سبيل البراك بضمان شخصي مع منعه من السفر. والواقع أن معظم نواب المعارضة ورموزها صاروا ممنوعين من السفر وينتظرون مواعيد محاكمتهم في قضايا مشابهة، الأمر الذي يعزز اعتقاد المعارضين باستهدافهم بإجراءات قضائية مبالغ فيها. ويرى معارضون أن جهازي النيابة العامة والقضاء «يتعرضان لضغوط سياسية كبيرة» بسبب «معايير مزدوجة في تطبيق القانون»، ويضربون مثالاً على ذلك برفض مخافر وزارة الداخلية قبل أيام تلقي وتسجيل شكاوى تقدم بها مواطنون ضد الشيخة فريحة الأحمد الصباح على خلفية تصريحات نسبت إليها وتتضمن «إساءات عنصرية» للمشاركين في التظاهرات التي تنظمها المعارضة. ويتخوف المعارضون على مستقبل الحريات في الكويت، خصوصاً بعد توقيع الحكومة الشهر الماضي الاتفاق الأمني مع دول مجلس التعاون الخليجي والذي تتضمن بعض بنوده مخالفة للدستور الكويتي وفق رأيهم. كما يشيرون إلى توقيع وزارة الداخلية قبل يومين عقداً مع شركات بريطانية بمئات ملايين الدولارات من اجل تعزيز الرقابة على شبكة الإنترنت.