حذر نائب رئيس محكمة التمييز الجنائية في العراق القاضي منير حداد، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي مدحت المحمود من «عدم اتخاذ إجراءات رادعة لوقف الجرائم التي ترتكب في السجون العراقية»، معتبراً أنها «جرائم ضد الإنسانية يعاقب عليها القانون الدولي». وقال حداد الذي كان عضواً في المحكمة الجنائية التي حاكمت الرئيس العراقي الراحل صدام حسين إن السنة العرب يتعرضون لظلم يفوق ما تعرض له الشيعة في ظل نظام (الرئيس الراحل) صدام حسين. وأضاف في حديث إلى «الحياة» أن «السجناء يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب والتنكيل والقتل من جراء التعذيب». وأضاف، «أنا شاهد على بعض تلك الجرائم ولدي الكثير من الأدلة والمعلومات التي بعثتها إلى السيد رئيس الوزراء (نوري المالكي)، وقام هو بدوره في التحقيق فيها». وتابع أن «القضاء العراقي بمجمله نزيه لكن هناك بعض القضاة التابعين للسلطة التنفيذية أو الذين يوالون بعض الأحزاب وهذا موجود في كل أنحاء العالم»، معتبراً أن «هؤلاء القضاة هم من يسيئون إلى سمعة القضاة والقضاء العراقي من خلال تسترهم على جرائم بعض القادة الأمنيين». وأكد أن «بعض الضباط في وزارة الداخلية كانوا مسؤولين في أجهزة أمن صدام وأوغلوا في ممارسة تعذيب العرب السنة، كما كانوا يفعلون ضدنا نحن الشيعة في عهد صدام»، مؤكداً أن «هؤلاء الضباط يبتزون المعتقلين ويجبرونهم على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها من خلال تهديدهم باغتصاب أعراضهم وجلب نسائهم واغتصابهن أمامهم في السجن». وزاد أن «بعض ضباط الشرطة يحتفظون بمتهمين أو مخبرين يستخدمونهم ضد بعض الناس أو من يختلفون معهم، إذ يدفعون هؤلاء إلى الاعتراف عليهم بأنهم شركاء في الجريمة معهم»، مشيراً إلى أن «هذا الأمر استخدم ضد السنة والشيعة، بغية الابتزاز المالي أو لتصفية الحسابات». وأوضح أن «الغالبية العظمى من السجناء والمعتقلين هم من العرب السنة الذين لحق بهم ظلم عظيم لا يرضاه الله ولا أخلاق أهل البيت التي ننتمي إليها»، معتبراً أن «احتساب صدام من السنة أمر خاطئ لأن صدام أساء إلى السنة قبل الشيعة والأكراد». وتابع حداد الذي كان يشغل منصب رئيس هيئة التمييز في المحكمة الجنائية العليا التي أعدمت الرئيس السابق وعدداً من أركان نظامه:» حاكمنا صدام المجرم بحق الشعب العراقي، واليوم يجب محاكمة مرتكبي الجرائم التي تصنف جرائم ضد الإنسانية»، محذراً رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي مدحت المحمود من «السكوت على هذه الجرائم»، معتبراً أن «المجتمع الدولي والمحاكم الدولية ستتدخل إذا لم تر دوراً للقضاء العراقي». وكشف حداد أن «الجرائم لا تقف عند هذا الحد بل إن هناك مخططاً للتغيير الديموغرافي شمل مناطق محيط بغداد، لاسيما في التاجي وأبو غريب من خلال إجبار بعض العائلات على ترك منازلها ومناطقها». وانتقد بشدة إصدار بعض القضاة أوامر اعتقال بالاستناد إلى معلومات يدلي بها «المخبر السري»، معتبراً أن «معظم المعلومات عارية عن الصحة وهناك معتقلون منذ عام 2005 أي مضى عليهم اكثر من 7سنوات، تم اعتقالهم بناء على معلومات قدمها مخبرون سريون ولا أدلة أو اعترافات ضدهم». وشبه حداد «المخبر السري» ب «البعثيين في النظام السابق الذين يكتبون تقارير كيدية ضد المواطنين أملاً بتحقيق مكاسب مادية أو حظوة لدى السلطة، وأنا اجزم بأن غالبية المخبرين السريين من نوعية هؤلاء». وأكد أن «القضاء العراقي للأسف يعتمد الاعترافات التي غالبيتها منزوعة بالإكراه، ما أدى إلى أن يكون معظم المعتقلين من الأبرياء أما المجرمون الحقيقيون فهم خارج السجن يقتلون ويفجرون ولا رادع لهم». وعن عدم إطلاق من تنتهي أحكامهم واكتشاف الآلاف منهم بفضل لجنة شكلها مجس الوزراء مطلع الشهر الجاري، قال حداد إن «المعتقل حتى لو أنهى محكوميته لا يخرج من السجن إلا بعد أن يدفع أموالاً طائلة إلى المسؤولين عن السجون والمعتقلات»، مؤكداً أن «بعض الناس لا سيما العرب السنة اضطروا إلى بيع بيوتهم وأراضيهم وما يملكون لتبرئة أولادهم أو إخراجهم من السجون». وكان حداد تعرض لأكثر من محاولة اغتيال بسبب كشفه ما يحدث في السجون، وآخرها ليلة رأس السنة الحالية إذ نجا من محاولة اغتيال استهدفته في بغداد. وأعلنت الشرطة وقتها أن «مجهولين يستقلون سيارة مدنية من دون لوحات فتحوا نيران أسلحتهم الرشاشة باتجاه سيارة القاضي منير حداد».