شيع آلاف الفلسطينيين أمس في مدينة الخليل الشابين الفلسطينيين مروان القواسمي وعامر ابو عيشة اللذين قتلهما الجيش الاسرائيلي فجر الثلثاء. وينتمي الفلسطينيان الى حركة «حماس» ويشتبه بأنهما قتلا ثلاثة مستوطنين اسرائيليين في حزيران (يونيو) الماضي في الخليل. وسار المشيعون من مسجد الحسين باتجاه مقبرة الشهداء وسط مدينة الخليل وهم يرفعون الاعلام الفلسطينية ورايات «حماس»، ويرددون هتافات «بالروح بالدم نفديك يا شهيد « و»سيري سيري يا حماس إنت المدفع وإحنا رصاص» و»هيك علمنا ياسين ضرب المدفع والسكين». وتقدمت الجنازة والدة عامر ابو عيشة وحملت نعش جثمانه على كتفها مع الآخرين، في خطوة غير مألوفة في الجنازات في فلسطين. وكان الناطق باسم الجيش الاسرائيلي بيتر ليرنر ذكر أمس انه «خلال الليل شن الجيش الاسرائيلي عملية قتل خلالها مروان القواسمي وعامر ابو عيشة اللذين قتلا الشبان الاسرائيليين الثلاثة، في تبادل لإطلاق النار». وقال رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو إنه اتصل بذوي المستوطنين الثلاثة «لأهنئهم بالسنة اليهودية الجديدة رغم ألمهم على قتل ابنائهم»، «لكنني أبلغتهم ان هناك حساب العدالة. ونفذنا المهمة التي التزمنا تنفيذها غداة اختطافهم بأننا سنلاحقهم وأن يدنا ستنالهم. اليوم يد العدالة وذراع إسرائيل الطويلة نالتهما». وقال وزير الشؤون الإستراتيجية يوفال شتاينتس إن إسرائيل لا يعنيها رد فعل الوفد الفلسطيني المفاوض في القاهرة «على قيامنا بقتل من قتل أبناءنا..العدالة تحققت بقتلهم.. هذه رسالتنا الواضحة». واستخف الوزير بالمفاوضات وقال إنه لا يتوقع أن تسجل شيئاً «طالما ترفض حماس التجرد من الصواريخ والأسلحة». وهاجم شتاينس رئيس السلطة الفلسطينية على نيته التوجه للأمم المتحدة لجدولة زمن لإقامة دولة فلسطينية، وقال: «يبدو أن لا حدود للوقاحة. أبو مازن أعلن عند تسلمه قطاع غزة أنه سيمنع إطلاق صواريخ على إسرائيل. هل هناك من يعتقد حقاً أننا سنجازف بعد في الضفة الغربية (بالانسحاب منها). فالعالم الذي يرى الإرهاب يتأجج يتفهم موقفنا». وكان مقتل المستوطنين الاسرائيليين الثلاثة اثار توتراً شديداً في كل انحاء الضفة الغربية، لكن ايضاً في القدسالشرقية حيث اطلقت القوات الاسرائيلية حملة اعتقالات واسعة وأوقفت حوالى ألفي فلسطيني خلال ثلاثة اشهر. وخلال عمليات البحث اعتقل الجيش الاسرائيلي اكثر من 400 فلسطيني في الضفة الغربية بينهم حوالى 300 عنصر من «حماس» التي نفت اي ضلوع لها في الخطف لكنها اشادت بالعملية. وبلغ هذا التوتر ذروته مع اطلاق الهجوم الاسرائيلي الكبير في الثامن من تموز (يوليو) ضد قطاع غزة والذي اوقع حوالى 2200 قتيل من الجانب الفلسطيني معظمهم من المدنيين و73 من الجانب الإسرائيلي خلال خمسين يوماً. ونعت «كتائب عز الدين القسام» الجناح العسكري ل «حماس» في مدينة الخليل الشابين الفلسطينيين. وقالت الكتائب انها «تحتسب بمزيد من الفخر والاعتزاز والتسليم بقضاء الله الذي يصطفي الشهداء من المجاهدين عند الله شهيديها المجاهدين البطلين عامر أبو عيشة ومروان القواسمي اللذين ارتقيا فجر اليوم (أمس)، بعد أكثر من ثلاثة أشهر من المطاردة عقب تنفيذهما عملية الخليل البطولية ضد المستوطنين الغاصبين». وأعلن الجيش الإسرائيلي انه قتل الفلسطينيين في الخليل في نفس اليوم الذي يفترض ان يبدأ فيه مفاوضون اسرائيليون وفلسطينيون في القاهرة محادثات غير مباشرة لترسيخ الهدنة في غزة. ووفق شهود فلسطينيين فإن تبادلاً كثيفاً لإطلاق النار حصل عند مداهمة المنزل فيما دمر الجيش ايضاً ابواب متاجر عدة بالقرب منه ما تسبب بحصول حرائق. وتشهد مدينة الخليل في جنوبالضفة الغربيةالمحتلة وضواحيها حيث يقيم حوالى 200 الف فلسطيني و700 مستوطن يهودي، حوادث عنف متكررة بين الفلسطينيين من جهة والمستوطنين والجنود الاسرائيليين من جهة اخرى. وكان الجيش الاسرائيلي رصد مكان تواجد مروان القواسمي وعامر ابو عيشة في منزل بالخليل ثم هاجمه الجنود الاسرائيليون وعناصر من «شين بيت»، جهاز الامن الداخلي الاسرائيلي. ولاحق الجيش الاسرائيلي الفلسطينيين منذ خطف الاسرائيليين الثلاثة في 12 حزيران (يونيو) في الضفة الغربية والعثور على جثثهم في 30 من الشهر نفسه. وقام عشرات الشبان الفلسطينيين برشق الجنود الاسرائيليين بالحجارة قرب موقع الهجوم كما اضاف الشهود. وتداعى سكان المدينة الى اضراب عام حيث لم تفتح غالبية المتاجر ابوابها وحتى الجامعات. وإلى جانب القواسمي وأبو عيشة قتل خمسة فلسطينيين على الأقل برصاص جنود اسرائيليين خلال عملية البحث عن الإسرائيليين الثلاثة. وقال المتحدث باسم الأجهزة الامنية الفلسطينية اللواء عدنان الضميري ان الرواية عن تفاصيل كل ما يتعلق بالشابين ابو عيشة والقواسمي «هي رواية اسرائيلية من بدايتها حتى نهايتها». وقال الضميري إن «الرواية لغاية الآن هي رواية إسرائيلية والأمن الفلسطيني لم يكن يعلم شيئاً عن الشابين ولم نعرف كيف دخل الجيش الإسرائيلي الى المنطقة». وأوضح الضميري ان «الاحتلال الإسرائيلي منذ فترة طويلة يدخل الى الأراضي الفلسطينية بعد ان ألغى تصنيفاته الأمنية (ألف وباء وجيم) ونفذ عمليات قتل وهدم منازل وأباح العمل في كل المناطق، واستهدف كل ما هو فلسطيني». وكادت العملية التي نفذها الجيش الاسرائيلي في الخليل صباح الثلثاء ان تؤجل المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي التي من المفترض انطلاقها اليوم، غير ان مسؤولين فلسطينيين اعلنوا المضي فيها.