استمرت الاشتباكات أمس قرب بلدة عين العرب أو كوباني باللغة التركية والتي يحاول تنظيم «الدولة الإسلامية» السيطرة عليها في ريف حلب الشمالي. وفي حين أفيد أن القوات الكردية أبطأت تقدم «الدولة الإسلامية» (داعش) نحو عين العرب، أعلنت تركيا أنها استضافت خلال الأيام الماضية قرابة 130 ألفاً من النازحين السوريين الفارين من هجوم «الدولة». كما لوحظ فتح جبهة جديدة بين الأكراد والتنظيم المتشدد الذي أعلن قيام دولة «الخلافة» في تموز (يوليو) الماضي. فإضافة إلى جبهة كوباني في ريف حلب بشمال سورية، أفيد أن مواجهات مماثلة تحصل بين الطرفين في محافظة الحسكة في أقصى شمال شرقي سورية. وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في تقرير من الحسكة أمس، إلى «استمرار الاشتباكات بين مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي، من طرف، وتنظيم «الدولة الإسلامية»، من طرف آخر، في الريف الغربي لمدينة رأس العين (سري كانيه)، ما أدى إلى إعطاب عربتين مدرعتين لتنظيم «الدولة الإسلامية»، ومعلومات أولية عن مصرع وجرح عدد من مقاتلي التنظيم، وعن تقدم مقاتلي الوحدات في المنطقة». وجاءت الاشتباكات في الحسكة في وقت تواصلت «الاشتباكات العنيفة بين مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي مدعمة بألوية وكتائب مقاتلة من طرف، وتنظيم «الدولة الإسلامية» من طرف آخر، في الريفين الجنوبي والشرقي لمدينة عين العرب «كوباني»، حيث تمكن مقاتلو وحدات الحماية والكتائب من تحقيق إصابات مباشرة في صفوف مقاتلي الدولة الإسلامية». وأعلن مقتل «ما لا يقل عن 21 مقاتلاً من التنظيم منذ ليلة (أول من) أمس وحتى اللحظة، غالبيتهم على محور أبو صرة في الريف الجنوبي لعين العرب». وأشار «المرصد»، في غضون ذلك، إلى أن سلطات المعبر الحدودي الواصل بين مدينة عين العرب والأراضي التركية «تماطل في إدخال الجرحى والمرضى إلى الجانب التركي، وتعيق عملية دخولهم، مما يدفع بأولئك المرضى والجرحى إلى البقاء منتظرين ساعات عدة، قبل أن تسمح لهم سلطات المعبر بالدخول إلى الأراضي التركية». ونقل «المرصد» عن «مصادر متقاطعة» أن قرابة «5 آلاف مواطن كردي عادوا من الأراضي التركية خلال ال 24 ساعة الفائتة، باتجاه مدينة عين العرب (كوباني)، على رغم وجود حواجز في قرية داخل الأراضي التركية، تبعد بنحو 2 كيلومتر عن الحدود السورية، تحاول منعهم من العودة». وتابع: «اقترنت عودة النازحين، بتمكن مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي والفصائل المقاتلة معها، من إيقاف تقدم مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية» نحو مدينة عين العرب». كما زاد أن بعض العائدين برر عودته إلى سورية ب «سوء أوضاعهم في تركيا وبقائهم مشردين في العراء والشوارع في الجانب التركي». وكانت منطقة عين العرب (كوباني) شهدت في الأيام الماضية «أكبر عملية نزوح تشهدها منطقة في سورية منذ انطلاقة الثورة» في آذار (مارس) 2011، بحسب «المرصد» الذي أشار إلى أن نزوح أكثر من 200 ألف كردي «بعد سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» على قراهم بريف عين العرب». وذكر مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن لوكالة «فرانس برس»: «تباطأت حدة الهجوم على الجبهة الشرقية لأن المقاتلين الأكراد كثفوا من هجومهم ضد مركبات التنظيم (الدولة) منذ حركة نزوح المدنيين والمعارك الطاحنة تدور». وأضاف: «لقد عرقلوا تقدم الجهاديين وتم استيعاب الهجوم»، مشيراً إلى أن الأكراد «يقاتلون بشراسة» ضد التنظيم المتطرف. من جهته، قال مصطفى عبدي الناشط والصحافي السوري الكردي من كوباني، لوكالة «فرانس برس» عبر الهاتف «إن الجهاديين تقدموا في الجهة الشرقية ثم تراجعوا». وتتواجد عناصر تنظيم «الدولة» على بعد عشرة كيلومترات من بلدة كوباني من الجهة الشرقية والغربية وعلى بعد نحو عشرين كيلومتراً من الجهة الجنوبية، بحسب المرصد. وانضم سوريون غير أكراد إلى القتال بجانب الأكراد ضد التنظيم في المناطق المحيطة بكوباني. وأوضح عبد الرحمن أن المقاتلين الذي انضموا إلى جانب الأكراد «هم من مقاتلي المعارضة الذين طردهم التنظيم من محافظة الرقة» معقله في شمال البلاد. ويحاول مئات الشباب الأكراد من كوباني اجتياز الحدود مع تركيا التي كانوا قد لجأوا إليها للعودة من أجل المشاركة بالقتال، بحسب عبدي. ودعت المعارضة السورية ونشطاء أكراد المجتمع الدولي لإنقاذ كوباني عبر شن ضربات جوية ضد التنظيم كما فعلت واشنطن في العراق وقال عبدي: «إن الإرهاب موجود في كوباني والعالم يبقى مكتوف الأيدي». وأضاف متسائلاً: «ماذا يفعل التحالف ضد الإرهاب؟». وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي شكل تحالفاً دولياً لمحاربة التنظيم واصفا إياه ب «السرطان» أكد استعداده لشن ضربات جوية ضد التنظيم في سورية. وأعلنت تركيا أمس أنه وصل إلى أراضيها أكثر من 130 ألف لاجئ غالبيتهم من الأكراد السوريين هرباً من تقدم تنظيم «الدولة الإسلامية» في شمال شرقي سورية. ويريد الجهاديون السيطرة على كوباني، ثالث أكبر المدن الكردية في سورية، ما سيمنحهم سيطرة كاملة على شريط حدودي طويل على الحدود مع تركيا. لكن تقدمهم السريع الذي سجل في الأيام الماضية أبطئ الاثنين شرق وجنوب هذه البلدة بعد تدخل المقاتلين الأكراد. وكان حزب العمال الكردستاني حض الأكراد الاثنين على عبور الحدود للقتال في سورية. وأعلن نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش للصحافيين في أنقرة الاثنين أن «عدد السوريين تخطى 130 ألفاً»، متوقعاً ارتفاع هذا العدد إذا استمر هجوم الجهاديين في هذه المنطقة السورية. وأكد قورتولموش «اتخذنا كل التدابير الضرورية في حال استمر تدفق النازحين. ليس هذا ما نتمناه طبعاً، لكننا أخذنا احتياطاتنا»، آملاً في أن يتمكن اللاجئون من العودة إلى منازلهم بعد عودة السلام. وأكدت مفوضية الأممالمتحدة العليا للاجئين هذا الرقم وقالت إن النازحين لجأوا إلى عدة مدن في جنوب شرقي تركيا مروراً بتسعة مراكز حدودية. وفي أنقرة، أوضح مسؤول تركي في هيئة إدارة الأزمات والكوارث الطبيعية لوكالة فرانس برس أن «ثلاث نقاط عبور» كانت مفتوحة الاثنين أمام اللاجئين على الحدود التركية-السورية. وعند معبر مرشد بينار (جنوب شرقي محافظة شانلي اورفة) كان عشرات الأشخاص ينتظرون الاثنين للتمكن من دخول تركيا، كما أفاد مراسل وكالة فرانس برس. وفتحت تركيا التي لها حدود بطول 900 كلم مع سورية واستقبلت حتى الآن 1,5 مليون لاجئ هربوا من المعارك في هذا البلد منذ 2011، حدودها الجمعة أمام السوريين الذين بدأوا بالنزوح عن بلدة عين العرب. وفيما حذرت المعارضة السورية في المنفى من «تطهير اثني» في منطقة كوباني (عين العرب)، بدأ اللاجئون يدلون بإفاداتهم. وقال أحدهم ويدعى صاحب بصراوي لوكالة فرانس برس: «عندما هاجم (الجهاديون) البلدة قالوا انهم سيقتلون كل الأكراد الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و77 سنة. لذلك جمعنا أغراضنا ورحلنا». وكانت عين العرب في منأى نسبي عن المعارك ولجأ إليها قرابة مئتي ألف نازح سوري، بحسب الأممالمتحدة.