منذ التصريح الذي أطلقه أواسط شباط (فبراير) الماضي، مستشار الزعيم الإيراني علي خامنئي، علي أكبر نوري بأن البحرين هي المحافظة ال14 في إيران وكان لها تمثيل في المجلس الإيراني، وما أثاره هذا التصريح من ردود فعل غاضبة في البحرين والعالم العربي، تنشغل الاستخبارات الإسرائيلية في الدوافع التي أدت الى إطلاق مثل هذا التصريح وما اذا كان قد قيل بشكل عفوي أم ان توقيته ومضمونه مبرمجان. ووصف مركز المعلومات حول الاستخبارات والإرهاب التابع لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية ما حدث ب «مرآة للعلاقات المتوترة بين إيران والعالم العربي والاستقطاب الطائفي وفسيفساء الهويات (فرس وعرب وسنة وشيعة)، التي تختلط بعضها ببعض في كل ما يتعلق بالقضايا العاجلة والشائكة في منطقة الشرق الأوسط، وبما في ذلك الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني». وفي بحث خاص أجراه مركز الاستخبارات الإسرائيلي حول هذه القضية اعتبر ان ذلك التصريح أطلق ضمن الجهود التي تبذلها إيران لضغضعة الاستقرار في البحرين، ويرى معدو البحث ان هذه الجهود تشكل جزءاً من الاستراتيجية الإيرانية التي تسعى إلى الحصول على مكانة مهيمنة في الخليج الفارسي والشرق الأوسط برمته - كتلك المكانة التي تتمتع بها الدول العظمى، وترويج «البشارة الشيعية» وسط السكان السنة أيضا». ويقولون: «إن هذه الاستراتيجية الإيرانية تتجسد، من بين أمور أخرى، في استعراضات القوة التي يقوم بها سلاح البحر الإيراني في الخليج الفارسي وفي مضيق هرمز، وفي التصريحات العلنية التي تتفوه بها شخصيات في المحافل السياسية الإيرانية القيادية التي تتجسد من خلالها مطامع إيران لتحظى بمكانة مماثلة للمكانة التي تتمتع بها الدول العظمى». ولدعم هذا الاستنتاج يلجأ الإسرائيليون الى بعض ما جاء في خطاب الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، الذي ألقاه بمناسبة مرور 30 عاماً على الثورة الإسلامية وفيه «إن إيران قد أصبحت دولة عظمى وإنه ليس هناك دولة تساورها نفسها لمحاولة تهديدها». ويعتقد خبراء إسرائيليون ان هذا الحديث يؤكد استنتاجهم ان ما سموه «التآمر الإيراني على البحرين» يندرج في إطار استراتيجية ايرانية شاملة هدفها السعي للهيمنة على الخليج الفارسي. ويواصل مركز الاستخبارات والمعلومات الإسرائيلي دق الاسافين في هذه القضية إذ يقول انه «في أعقاب التعاظم التدريجي لقوة إيران وتعزيز شعور الثقة بالنفس لديها إزاء قيامها بالتقدم في المشروع النووي ول«انتصارات» حزب الله في لبنان و «حماس» في قطاع غزة، بدأت الطموحات تمتد الى داخل دول الخليج لا سيما البحرين». ويتابع معدو البحث: «تعمل إيران بواسطة أجهزتها الاستخباراتية والحرس الثوري، كما تعمل أيضاً بواسطة المراكز الثقافية التي ترعاها في البحرين لتعزيز هذا الاتجاه. ولأجل ذلك تقوم بتفعيل شبكة من النشطاء المحليين، وتقدم المساعدات للأطر المحلية. وهذا كله كجزء من سعيها لتكريس الهيمنة». وفي جانب آخر من البحث يرى الإسرائيليون ان توتر العلاقة بين البحرين وإيران كشف مشكلة ما سمته إسرائيل «الهوية الفارسية في مواجهة الهوية العربية «وترى الاستخبارات الإسرائيلية ان سورية تورطت أيضا وكذلك «حماس»، في أزمة الهويات والولاءات العربية - الفارسية. وهو ما أجبر سورية على الإعراب عن تأييدها للبحرين، خشيةَ أن توضع «عروبتها» أمام علامة استفهام. حتى «حماس»، يضيف الاسرائيليون، التي تتلقى من إيران دعماً عسكرياً وسياسياً ومالياً، اضطرت إلى إصدار بيان أعربت فيه عن «قلقها واستغرابها» للتصريحات الإيرانية وعن دعمها سيادة البحرين. وفقط منظمة «حزب الله» اللبنانية الوحيدة التي ظلت متمسكةً بولائها التام لإيران. وفي هذا الجانب جاء في البحث «لقد امتنعت منظمة حزب الله عن استنكار التصريح الإيراني في قضية البحرين وهكذا، وفي هذا السكوت موقف معاكس للموقف العربي الداعم للبحرين». باحث إسرائيلي قال ان البحرين الآن في «فوهة البركان الإيراني»، وفي إحدى المراحل الزمنية الأكثر حساسية في تاريخها، فهي تنتهج سياسةً معتدلة وتساهم في الجهود القتالية للولايات المتحدة الأميركية. وتستضيف البحرين أكبر قاعدة بحرية للولايات المتحدة الأميركية (الأسطول الخامس) في منطقة الخليج (NAVCENT). ومن هذه القاعدة تتم العمليات الداعمة للجهود القتالية في العراق وأفغانستان والعاملة لتأمين خطوط الإبحار في الخليج الفارسي. ويستعرض الاسرائيليون ما يقلقهم من نشاطات عسكرية ايرانية: - خلال شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2008 قامت إيران بتدشين منطقة عسكرية بحرية جديدة أطلق عليها اسم المنطقة الثانية لسلاح البحر الإيراني في منطقة جاسك في لواء هورموزغان. وذلك بهدف «الدفاع عن العمق الاستراتيجي للخليج الفارسي وإيجاد خط دفاعي شرق مضايق هرمز وبحر عمان». - بين2 و 7 كانون الأول (ديسمبر) 2008 أجرى سلاح البحر الإيراني في الخليج الفارسي وبحر عمان والمنطقة الحساسة ومضيق هرمز تمريناً واسعاً من أربع مراحل يحمل اسم «اتحاد 87» (Ettehad 87). وشاركت في هذه المناورة: البوارج والسفن الحربية المدمّرة والسفن التي تحمل الصواريخ والغواصات والطائرات الحربية والطائرات الصغيرة من دون طيار. وأطلقت خلال المناورة أنواع مختلفة من الصواريخ. وخلال المناورة قال قائد سلاح البحر الإيراني ان سفينتين تحملان الصواريخ من صنع إيران اضيفتا الى الترسانة الإيرانية وهي «عالم» (Drfash) و «قلعة» (Kalat)، وقد استخدمتا في الماضي لنقل المقاتلين وتم تجهيزهما بجهاز إطلاق صواريخ أرض - أرض متوسطة المدى وأيضاً غواصة صغيرة من نوع «غدير» (Ghadir). وفي هذا الجانب يركز الاسرائيليون على ما سبق وذكره عسكريون ايرانيون بأن عدداً من الغواصات الإيرانية لها قدرات مناورة (stealth) يصعب رصدها. ويشيرون الى ما اعتبروه الخطر الإيراني على المنطقة من خلال سرد العديد من النشاطات العسكرية ومنها: ترميم غواصة من نوع «طارق 10» (10 (Tariq، وتصنيع محلي لصواريخ أرض - بحر وبخاصة على أساس تقنية ال «سيلكفارم» و- C-802 المستوردة من الصين. ركز الإسرائيليون على حديث قائد سلاح البحرية الإيرانية في اختتام المناورة وما تعتبره إسرائيل رسالة واضحة لدول الخليج اذ قال: «النجاح الذي تكللت به المناورة أثبت القدرات التي تمتلكها إيران للدفاع عن حدودها وحقيقة كونها أبرز وأقوى قوة في المنطقة». وبحسب الإسرائيليين فان إيران بتأكيدها ان في مقدورها، لو أرادت، إغلاق مضيق هرمز أمام عبور السفن، وهي بذلك توجه رسالة حازمة وصارمة إلى دول الخليج مفادها» يستحسن أن تعتمد هذه الدول على إيران كسند أمني إقليمي بدلاً من اعتمادها على القوات الأجنبية»، وهذا ما يقلق الى حد ما إسرائيل.