أكد الأمين العام للجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم (تراحم) محمد الزهراني، أن اللجنة أنشأت برنامجاً كبيراً لتدريب السجناء وأسرهم وتوظيفهم، لكنها تواجه «عزوفاً» عن التدريب المنتهي بالتوظيف، مشيراً إلى وجود أكثر من 2000 وظيفة لدى كبرى الشركات الوطنية التي قبلت توظيف المفرج عنهم على رغم السابقة الجنائية، لكن عدد المتقدمين لشغلها لم يزد على 350 شخصاً. وأضاف الزهراني في حوار مع «الحياة»، أن اللجنة الوطنية ترعى عدداً كبيراً من أسر المفرج عنهم، يصل إلى نحو 9 آلاف أسرة سنوياً، ويشكل 5 في المئة من المدعومين، لأن غالبيتهم من دون أُسر. ولفت إلى أن اللجنة بالتعاون مع الضمان الاجتماعي تصرف المعاش الضماني للمفرج عنه بما يعادل 6 أشهر عن كل عام سجناً، إضافة إلى صرف راتب 6 أشهر مقدماً، وفي ما يأتي نص الحوار: ما الذي تقوم به اللجنة الوطنية لرعاية المفرج عنهم وأسرهم في الوقت الحالي؟ - اللجنة الوطنية ترعى عدداً كبيراً من أسر المفرج عنهم، وهو رقم غير ثابت ومتغير، ولكن يصل ذروته قبل أي عفو ملكي، ثم ينخفض إلى الحد الأدنى بعد صدور الأمر الملكي، لكن المتوسط السنوي تقريباً نحو 9 آلاف أسرة سنوياً خلال الأعوام الماضية. هل وصلت اللجنة إلى كل أُسر السجناء في المملكة؟ - نعم لدينا 15 فرعاً في كل المناطق ومحافظتي جدة والطائف، وهناك ضابط ارتباط في المحافظات التي ليس فيها فروع، يبعث الحالات ويوفر المساعدات، والرعاية من حق أي أسرة مقيمة في مدينة كبرى أو قرية صغيرة، وفي نهاية الأمر هي تحصل على القدر ذاته من الرعاية، وهذه لكل الأسر ما عدا بعض الأُسر التي لا تحتاج إلى مساعدة، وأما المناطق التي لا يوجد فيها فروع، فهناك تنسيق مع الجهات الخيرية وتعميم من وزير الشؤون الاجتماعية بالتنسيق مع اللجنة لدعم أعمالها، خصوصاً اللجان المحدودة الموارد. هل تغطي فروعكم كل أنحاء المملكة؟ - نعم فروعنا ال15 غطّت كل أنحاء المملكة، وتتبع لهذه الفروع أقسام نسائية تتولى رعاية الأسر وزيارة سجون النساء ومراكز رعاية الفتيات، وتقديم الرعاية الممكنة لنزيلات السجن، وكذلك رعاية الأطفال المرافقين لأمهاتهم لأن سنّهم دون العامين، وهي تهدف إلى تقديم الرعاية للأسر بطريقة تحفظ لها كرامتها، وكل لجنة لها الحق في الاستعانة بفريق يعمل معها بما تراه، سواء أكانوا رسميين أم متعاونين، بعدد الحالات التي ينظرونها، وعادة يكون الباحثون زوجان يدرسان حالات الأسر بعد أخذ عناوينها، إضافة إلى الاستفادة من البحث الآلي الموجود لدى الضمان الاجتماعي، ويتحرى عبر الحاسب الآلي عن حال الأسرة والعائل المسجون، فإن أيدت «الدراسة» حال الأسرة مع النظر لاعتبارات وضع البيت من ناحية الملكية، وما إذا كان يوجد لديها معاقون أو كبار سن، فيحدد حجم وشكل الدعم المقدم إليها. هل ترعون كل أسر السجناء في سجون المملكة؟ - طبعاً ليسوا جميعاً، فعدد قليل من المقيمين لديهم أُسر في المملكة، وهناك سجناء سعوديون إما غير متزوجين أو لا يعولون أسراً، أو تكون معالة من الوالدين مثلاً، وكذلك توجد أسر عائلها مسجون لكن أوضاعها المالية جيدة، فيلغى الدعم المالي عنها، ولكن تحصل على الدعم الصحي والتربوي والقانوني ومحام للزوج إن احتاج. ما هي ضوابط الحصول على دعم تراحم؟ - أولاً، نحن لا نشترط أية جنسية، فسواء أكان سعودياً أم غير سعودي، فدعمنا إنساني بحت، فإن كانت أسرة المقيم تقيم في المملكة بشكل نظامي، من غير أن تكون التهمة توجب الإبعاد، فترعاها اللجنة كما ترعى المواطنين، ولكن تحتاج فقط إلى دراسة ميدانية، والتأكد من عدم حصولها على الحد الأدنى من المعيشة. الحاصلون على إثباتات خاصة مثل «البدون» أو من ليس لهم إثباتات، كيف يتم التعامل معهم؟ - «البدون» يحمل هوية، ولكن مجهول الهوية لا يُدعم لأن إقامته غير نظامية. كم يمثل غير السعوديين لديكم؟ - يشكل المقيمون من السجناء في المملكة نحو 50 في المئة، لكن لا يشكلون إلا 5 في المئة من المدعومين لدينا، لأن غالبيتهم من دون أسر، ويقدر عدد أسرهم ب450 أُسرة تقريباً. كيف تقيّمون دعم رجال الأعمال لكم؟ - نحن راضون ونتطلع إلى المزيد، وهناك تجاوب مشكور، وهذا اليوم اتصلت بأحد رجال الأعمال لطلب بطانيات لإحدى المناطق التي فيها برودة شديدة، فتبرع ب500 بطانية مباشرة، إضافة إلى الدعم الذي يصلنا من مؤسسات خيرية كثيرة. هل يوجد عجز لديكم؟ - لا نستطيع أن نسميه عجزاً، لأنه لا يوجد سقف محدد، ولأن الأُسر مهما قدمت لها فهي بحاجة، لكن نريد أن نصل إلى الحد الأدنى لكرامة هذه الأسر، ووصولنا إليه مرهون بتضافر جهود جهات مثل الضمان الاجتماعي الذي يصرف نحو 140 مليون ريال في العام، ويعطى السجين عند الإفراج عنه معاش 6 أشهر من المعاش الذي يصرف لأسرته مرة واحدة، وعند الإفراج عنه ما عليه إلا مراجعة مكتب الضمان الاجتماعي برقم بطاقة الحالة، ويحصل على إثبات عن أعوام سجنه، وعن كل عام سجن يحصل على معاش ستة أشهر، وهذه إعانة له هو، ويعتد بما أمضاه داخل السجن لا بالحكم، لأن كثيراً من السجناء تختصر فترة حكمه لحفظ القران أو حسن السلوك أو لشموله بعفو ملكي. في العفو الملكي الأخير، كم سقط عنكم من الأسر المدعومة؟ - هذا يتضح بعد الانتهاء تماماً من عمليات الإفراج، وكما تعلمون فإن كل يوم تطلق دفعات من المسجونين، وعندما ينتهي نأخذ بياناً من مديرية السجون لنتخذ القرار، والحقيقة أن هناك استمراراً لبعض الأسر في وصول الدعم إليها بعد الإفراج عن عائلها ولمدة عام تقريباً، وتستمر إعانته المادية والعينية وفقاً لحاجته حتى يصبح مواطناً صالحاً، ثم ننقلها بعد ذلك إلى مستفيد آخر. ومتى تسقط المساعدة؟ - إما بالاستغناء عنها لتوافر دخل لها من طريق الحاسب الآلي للضمان الاجتماعي بتوظيف أحد أبنائها، لتبقى المعونة الشاملة، وهذه تستفيد منها كل الأسر، وتكون المساعدة وفقاً لإمكانات الأسر، ولا يمكن استمرار الدعم طوال الحياة، لأننا ننظر إلى أفراد الأسر الذين يعملون، ولا ننظر إلى وجود قُصّر أو غيرهم، ما داموا أنهم تحت رعاية هذا السجين، ولم ينفصلوا عنه، من دون النظر إلى السن. وماذا عن مشاريع التدريب للمستفيدين؟ - لدينا برنامج ضخم جداً للتدريب والتوظيف، ومموّل تماماً من الصندوق الخيري الاجتماعي الذي يقوم بدور التأهيل والتدريب المنتهي بالتوظيف، بشرط أن يكون في احتياج سوق العمل، ثم تكون في مركز معتمد أو معترف به، وحتى نوفر الدارسة الجامعية أو الدبلوم، ولدينا تعاون مع الجامعات من خلال عضوية التعليم العالي في اللجنة، وهذه للسجناء وأفراد أسرهم، ولا ننظر لقضية السجين أو مدة السجن. هل هناك إقبال على هذه الدورات؟ - حقيقة هناك وفرة في هذه الدورات ولكن نعاني من العزوف عن التدريب المنتهي بالوظائف، وعقدنا أكثر من اجتماع لمناقشة هذا العزوف، وهو جزء من عزوف الشاب السعودي عن العمل في القطاع الخاص لأسباب معروفة مثل محدودية الرواتب، وقلة الإجازات، ولهذا فلدينا حالياً أكثر من 2000 وظيفة موفرة من كبرى الشركات الوطنية التي توظف على رغم السابقة الجنائية، وحتى بعدما أعلنا تقدم إليها أقل من 350 شخصاً، على رغم توافر كل المميزات فيها كبدل السكن والتأمين وبدل المواصلات.