أثارت حادثة إعتداء نائب جزائري ينتمي إلى حزب الغالبية «جبهة التحرير الوطني»، ضغوطاً جديدة على رئيس المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) عبدالعزيز زياري لكشف قائمة طويلة من الاعتداءات التي توقفت التحقيقات فيها عند مكتبه بسبب تحفظه عن تفعيل آلية رفع الحصانة النيابية عن الأعضاء المتهمين بارتكاب مخالفات. وأغلق التحقيق في شكاوى عدة بحق نواب لأسباب مختلفة بعد إحالتها على زياري، على رغم أن التحقيق في بعضها كان سيؤدي إلى محاكمات في حال رفع الحصانة البرلمانية. وتصاعد أخيراً حجم المخالفات التي وردت فيها أسماء أعضاء في المجلس، وطاول بعضها جرائم كبيرة. وكانت تفجرت في عنابة (600 كلم شرق العاصمة) قضية اعتداء خطيرة ضد مواطن زعم أن المتسبب فيها هو النائب عن «جبهة التحرير الوطني» بن علي مسعود. وتدرس أجهزة الأمن منذ يومين صحة هذه المزاعم إثر تلقي إدارة الشرطة في الولاية «تعليمات صارمة» من المديرية العامة للأمن، للتحقيق «قدر الإمكان» في ملابسات القضية. وجمد البرلمان لأسباب غير معروفة قضايا عدة، أشهرها قضية النائب إسماعيل ميرة من «التجمع الوطني الجمهوري» الذي اتهم بارتكاب جريمة قتل. وعلى رغم موافقة النائب على رفع الحصانة البرلمانية عنه في سابقة، فإن الإجراءات في هذا الإطار توقفت لأسباب بقيت مجهولة إلى اليوم، وإن وافق مكتب المجلس آنذاك على طلبه. وتفيد مصادر برلمانية أن مكتب المجلس رفض قبول عشرات الطلبات المماثلة لرفع الحصانة عن نواب، كما أنه لا يستجيب لطلبات وزير العدل في هذا الإطار إذا رفض النائب الطلب، على رغم أن الدستور والنظام الداخلي لا يشيران إلى أي استثناءات. وتتولى وزارة العدل الملفات المرتبطة ب «تجاوزات النواب»، إذ تتلقى نتائج تحقيقات أجهزة الأمن، تمهيداً لتحويلها إلى البرلمان للفصل فيها والبت في إحالتها على التصويت لإسقاط الحصانة من عدمه. لكن الوزارة أيضاً تؤكد أن عشرات القضايا التي أحالها الوزير الطيب بلعيز على رئيسي غرفتي البرلمان خلال السنوات العشر الماضية، «بقيت حبيسة أدراج مكتبيهما». وفي وجه الأصوات المتعالية المطالبة بتعديل إجراءات رفع الحصانة «لتفادي تحول البرلمان إلى ملاذ آمن للجناة والمحتالين والنصابين»، يسري اتفاق ضمني منذ عام 1997 بين النواب مفاده الإجماع على عدم رفع الحصانة عن أي منهم مهما كانت ملابسات القضية. اللافت أن قضايا النواب دخلت منعطفاً خطيراً قبل أيام بعد صدام بين البرلمان وأعلى هيئة أمنية مدنية ممثلة في المديرية العامة للأمن الوطني. ولا تعرف حتى الآن تبعات اتهام النائب عبدالرزاق عاشوري عن «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، بالاعتداء على شرطي من مصلحة شرطة الحدود في مطار العاصمة الدولي.