وصلت المركبة الأميركية غير المأهولة "مافن" إلى مدار كوكب المريخ، اليوم (الأحد)، وبدأت تستعد لتدور حوله، في مهمة ترمي إلى فهم الأسباب التي جعلت الكوكب الأحمر يفقد الجزء الأكبر من غلافه الجوي في الماضي، وفق ما أعلنت "وكالة الفضاء الاميركية" (ناسا). فبعد رحلة استغرقت عشرة أشهر، قطعت فيها المركبة 711 مليون كيلومتر، تجري مناوراتها الأخيرة في فلك المريخ، قبل أن توضع في مدار حوله فجر يوم غد (الإثنين). وقالت "ناسا" إن "محركات المركبة ستعمل على مدى 33 دقيقة، على كبح سرعتها، بما يتيح وضعها في مدار حول الكوكب، في غضون 35 ساعة". ولدى وصول المركبة إلى مدار الكوكب، ستعمل على مدى خمسة أسابيع على ضبط أجهزتها، وستدور في مدار بيضاوي، تتم فيه دورة حول المريخ كل أربع ساعات ونصف الساعة، الأمر الذي يتيح إجراء مراقبات شاملة لطبقات الغلاف الجوي، من ارتفاعات مختلفة عن سطحه، تتراوح بين 150 كيلومتراً وستة آلاف. وتستمر مهمة "مافن" عاماً كاملاً، تدرس خلاله الغازات في الطبقات العليا للغلاف الجوي للمريخ، وطريقة تفاعلها مع الشمس والعواصف الشمسية. ويسعى العلماء، من خلال مهمة "مافن"، لفهم الأسباب التي جعلت الكوكب الأحمر يفقد كميات المياه الغزيرة التي كانت على سطحه، وكذلك الأسباب التي جعلت غاز ثاني أوكسيد الكربون يتبدّد من غلافه الجوي. ويعتقد العلماء أن المريخ كان مناسباً في تاريخه السحيق لنشوء الحياة وتطوّرها، وهم يحاولون فهم الأسباب التي جعلته بعد ذلك كوكباً قاحلاً. وقال بروس جاكوسكي، أحد المسؤولين العلميين عن المهمة، في وقت سابق: "إن هذه الأسئلة مهمة جداً لفهم تاريخ المريخ، ومناخه، وإمكانية وجود حياة على سطحه، وإن كانت حياة جرثومية على الأقل"، مضيفاً "حين كانت المياه تسيل بغزارة على سطح المريخ، كما تُظهر لنا مؤشرات عدة، كان الكوكب ذا غلاف جوي كثيف، ينتج غازات دفيئة ترفع درجات حرارته". وتبلغ نفقات مهمة "مافن" 671 مليون دولار، وهي مزودة بثمانية أجهزة متطورة، ويبلغ وزنها 2.45 طن. وأُطلقت المركبة من الأرض في الثامن عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) 2013، من قاعدة "كاب كانافيرال"، في فلوريدا. وتملك وكالة "ناسا" حالياً مسبارات عدة على سطح المريخ، أهمها وأكثرها تطوّراً الروبوت "كوريوسيتي"، الذي هبط هناك قبل عامين، والذي يجري حالياً دراسة لمنطقة ذات طبقات رسوبية على سطح الكوكب، على سفح جبل يُطلق عليه العلماء اسم "ماونت شارب"، وهو تمكّن قبل أشهر من العثور على مجرى قديم لجدول في منطقة يعتقد العلماء أنها كانت سهلاً غنياً بالمياه. وتعتزم وكالة الفضاء الأميركية إرسال مهمة مأهولة الى سطح كوكب المريخ، بحلول العام 2030، لكن ليس مؤكداً بعد إذا ما كان التقدم العلمي الذي تم إحرازه حتى الآن، يسمح بإعادة إقلاع مركبة فضائية ثقيلة، تحمل بشراً، من كوكب المريخ ذي الجاذبية العالية، مقارنة مع جاذبية جرم صغير مثل القمر، للعودة إلى الأرض.