اعترف كاتب عدل متهم في تزوير صكوك شرعية أمس، أنه تسلم خطاباً «مزوراً» من رئيس محكمة بأن الصكوك محل الاتهام صحيحة، إلا أنه فوجئ بخطاب آخر بعد فترة وجيزة يأمر بإيقاف إصدار هذه الصكوك المشبوهة. ويأتي الاعتراف خلال جلسة عقدت بالمحكمة الإدارية في جدة أمس، لمحاكمة عدد من المتهمين بينهم كاتب عدل، وكاتب ضبط، وموظفون في محاكم مكة، وعقاريون بتهمة تزوير خمسة صكوك تبلغ مساحتها 1.6مليون متر مربع في مناطق جبل خندمة، الليث، جعرانة، ومدركة جنوبمكةالمكرمة. وحول تهمة إفراغ الصكوك المزورة، أكد كاتب العدل أنه لم يكن يعلم بأنها مزورة إلا بعد وصول الإفادة الثانية من رئاسة كتابة المحكمة، والتي أُمِرَ فيها بإيقاف المعاملة للأراضي، مشيراً إلى أنه لا يملك وسيلة لمعرفة أن الصك مزور إلا من خلال رئاسة المحكمة التي يمكنها أن تقوم الصكوك. ووجه قاضي المحكمة الدكتور سعد المالكي سؤالاً مباشراً إلى «كاتب العدل»، بالقول «لماذا لم تأخذ بتنبيه زميلك في كتابة العدل عن وجود مشكلات قبلية في تلك الأراضي التي زورت عليها الصكوك»، ورد عليه كاتب العدل أن الصكوك التي كانت أمامه لم تكن عليها ملاحظات أو مشكلات. وقال إن دوره ينحصر في تحويل الصكوك التي ترد إليه من رئيس كتابة العدل، والذي يحولها بدوره إلى رئيس المحكمة، ومن ثم تعود إلى رئيس كتابة العدل الذي يحيلها إليه بأرقام وتواريخ. وأنكر أقواله في التحقيقات بأن المتهم الأول قد تشفع لديه بالصكوك، مبيناً أن المتهم الأول حضر إليه في المكتب وأذن له في إنهائها وتبين له بعد ذلك أنها مزورة، مشيراً إلى أن المذكور كان يسعى لإنهاء إجراءات الصك في الإدارات المختلفة. فيما كرر أحد المتهمين، وهو كاتب ضبط، إنكاره لاعترافاته المصدق عليها شرعاً أمام المحكمة الجزائية في جدة، والتي تضمنت أن المتهم الخامس «رجل أعمال» ومالك مكتب عقار، قد أطلعه على صك استحكام بمدينة مكةالمكرمة صادر من المحكمة العامة، وأنه لاحظ أن الصك غير مميز وأن مساحته شاسعة جداً، وأنه طلب منه أن يفرغ الصك وقال له إن «الصك ولادة أسبوع» (يقصد أنه تم استخراج الصك خلال مدة زمنية لا تتجاوز الأسبوع). وكرر تأكيده على أن أقواله أخذت منه بالقوة والإكراه، فيما لم يتمكن إثبات أن اعترافه كان نتيجة للقوة والإكراه، ولم يثبت عدم تلاوة القاضي عليه أقواله، وبمواجهته بأقوال كاتب العدل ضده المتضمنة أنه هو من أفرغ الصكوك، أجاب بأن إفراغه للصكوك جاء بتوجيه من كاتب العدل. وقال إنه أفرغ قبل أن يعلم بأن الصكوك مزورة، وواجهه قاضي المحكمة بأقوال موظف آخر يعمل في سجلات المحكمة، ورد عليه المتهم بأن ذلك غير صحيح، وبمواجهته بأقوال المتهم الثالث المتضمنة قيامه بتسلم مبالغ الرشوة مع كاتب العدل، والتي اتفقت مع أقوال بقية المتهمين، أجاب بأن ذلك غير صحيح، إلا أنه لم يتمكن من إثبات نفيه لأقوال بقية المتهمين ضده. وأكد أن الإفراغ للصكوك الشرعية تم في منزله وليس في كتابة العدل، مبيناً أنه اتخذ الإجراء النظامي لتسجيل الصك بعد أن وصله توجيه بناء على خطاب من رئيس المحكمة وخطاب من إدارة السجلات وبعض القضاة. وسأله القاضي: «بعد أن علمت بأن الصكوك مزورة لماذا لم تتخذ إجراءاتك النظامية بناء على ذلك؟». وحول شهادة المتهم الثاني كاتب العدل ضده بأنه ذهب إليه متشفعاً لأجل الصكوك المزورة، رد المتهم بأن أقواله غير صحيحة. وناقش القاضي المتهم الأول في مذكرته المكونة من صفحتين والتي قدمها خلال الجلسات الماضية، فيما كرر المتهم الثالث إنكاره لجميع التهم الموجهة ضده والمتضمنة الرجاء والتوسط في الرشوة للمتهمين في أخذ وإعطاء الرشوة، مؤكداً أن اعترافاته المصدقة شرعاً كانت تحت الإكراه وأخذت بالقوة. وبالنداء على المتهم الرابع، وهو صاحب مكتب عقاري، متهم بدفع مبالغ مالية كرشوة لإصدار الصكوك محل الاتهام، أنكر جميع أقواله في التحقيقات وأفاد بأنها أمليت عليه إملاء. وأوضح المتهم الخامس، وهو رجل أعمال متهم بتقديم رشوة مقابل استخراج صكوك للأراضي التي يمتلكها من دون أوراق رسمية، ومساحتها 600 ألف متر مربع، أنه لم يقدم الرشوة محل الاتهام، والمتمثلة في دفع المبلغ إلى وسيط للعقار (المتهم العاشر). وكرر المتهم السادس، والذي يعمل صياد سمك، أقواله السابقة، بالتأكيد على أن تورطه في القضية كان بسبب أن ابن أخيه عندما عرض عليه إصدار صك باسمه. وقررت المحكمة تأجيل القضية للنظر في أقوال المتهمين في ربيع الأول المقبل.