تضاربت المعلومات عن المعارك العسكرية في محافظة صعدة (شمال غرب اليمن) بين القوات الحكومية والمتمردين «الحوثيين» التي ادت الى سقوط اكثر من 74 قتيلاً معظمهم من «الحوثيين» وجرح العشرات، وفق حصيلة اولية بعد هجوم واسع النطاق شنه الجيش اليمني ضد مواقعهم، وشاركت فيه الاسلحة الجوية والمدفعية والصاروخية. ووصفت المعارك بانها بداية «الحرب السادسة» التي انطلقت ليل الثلثاء فور إعلان اللجنة الأمنية العليا في البلاد توصلها الى قرار نهائي بضرب معاقل المتمردين «بيد من حديد». وادت المعارك الدائرة، التي وصلت الى قرب الحدود السعودية، الى نزوح كبير من مناطق القتال والمواجهات. وتزامنت العمليات الحربية مع إعلان السلطات المحلية في المحافظة حال الطوارئ في عاصمة المحافظة، وتم حظر التجول اعتباراً من الساعة الثامنة مساء أمس الأربعاء. وقالت مصادر قبلية في صعدة ل «الحياة» ان قوات الجيش بدأت هجمات جوية ومدفعية وصاروخية على مناطق المَلاَحِيظ والمَهَاذِر والخَفْجي والحَصامة والعند، مشيرةً إلى أن المعارك لا تزال مستمرة، فيما يبدي المسلحون «الحوثيون» شراسة أثناء المواجهات التي تشهدها مناطق عدة في المحافظة، وحيث يحاول الجيش دحر المتمردين وإعادة سيطرته على المنطقة. وكانت المعارك بين الطرفين توقفت باعلان من الرئيس علي عبد الله صالح في 17 تموز (يوليو) 2008، لكنها استؤنفت مجدداً قبل نحو شهر حين بدأت اشتباكات متقطعة بين الجانبين، اثر اختطاف سبعة سياح ألمان ومقتلهم بعدما تبادلت الحكومة و «الحوثيون» الاتهام بالمسؤولية عن خطفهم. وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة أن «المتمردين» حاصروا مواقع للجيش قرب منطقة الملاحيظ (على بعد 13 كلم من الحدود مع السعودية)، كما أفاد شهود بأن الجيش قصف بالصواريخ منطقة العند التي تبعد عن مطار صعده اربعة كيلومترات ومنطقة الخفجي ومنطقة القهرة بسحار، كما تعرضت مقرات زعيم المتمردين عبد الملك الحوثي لقصف صاروخي على مدى اليومين الماضيين، إضافة إلى مواقع أخرى للمتمردين. وحذرت اللجنة الأمنية العليا العناصر «المتمردة»، من مغبة الاستمرار في الأعمال «التخريبية»، وتوعدت بالضرب بيد من حديد ل «المخربين والإرهابيين». وكان الرئيس اليمني ترأس الاثنين اجتماعاً للجنة الأمنية العليا المكونة من مسؤولين في وزارتي الدفاع والداخلية والقيادة الميدانية في المنطقة العسكرية الشمالية الغربية، بهدف التعرف على الأوضاع الأمنية في محافظة صعدة وتطوراتها وتقويمها، وعبر صالح عن أسفه واستيائه لعدم التزام الحوثيين عملية السلام واستمرارهم في الاختراقات والاعتداءات المتكررة. وافادت منظمات دولية عاملة في اليمن إن المعارك الدائرة أدت إلى عمليات نزوح كبيرة للسكان، ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن ممثل مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة حديثه عن عمليات نزوح من منطقة الملاحيظ في الأيام الأخيرة، غير أن مصادر مسؤولة قالت ل «الحياة» إن وحدات خاصة من الجيش والأمن امنت نزوح المواطنين الفارين من المواجهات إلى مخيمات كانت السلطات أعدتها مسبقاً تحسباً لهذه العمليات. يشار إلى أن تمرد الحوثيين الشيعة بدأ العام 2004، وفشلت حتى الآن محاولات إنهائه عسكرياً أو سلمياً، على رغم جهود الحكومة التوصل مع الحوثيين إلى هدنة أكثر من مرة، لكنها سرعان ما كانت تنهار بعد أيام قليلة من سريانها، قبل أن يتحول التمرد في الشهور الأخيرة إلى حرب استنزاف.