اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور إحسان بو حليقة، أن ملفات التوظيف والإسكان وتنفيذ المشاريع التنموية بكفاءة تمثل أهم تحديات الموازنة الجديدة للدولة لعام 2013. وقال بوحليقة ل«الحياة»: «فيما عدا ملف التوظيف الذي يشهد حراكاً متواصلاً نتيجة لمبادرات وزارة العمل التي قد نتفق أو نختلف معها، لكنه حراك قوامه الآن ما يربو على 60 قراراً ومبادرة، وفيما عدا ذلك فإن ملف الإسكان ينتظر صدور آلية معتمدة لتوزيع الوحدات ودخول التمويل والرهن العقاري حيز التنفيذ وتنفيذ مشاريع إسكانية وتوزيعها على المستحقين في أنحاء المملكة»، مشيراً إلى أن المعلومات بشأن وتيرة تنفيذ المشاريع التنموية شحيحة، والانطباع العام أن هناك تعثراً وتأخيراً في التنفيذ. وأضاف أنه من المفيد أننا أمام تحدٍ اجتماعي واقتصادي حقيقي باعتبار أن البطالة تقدر بنحو 12.15 في المئة، ونحو 13 في المئة فقط من العمالة في القطاع الخاص هي عمالة سعودية، وهذا بالتأكيد يبين تدني مساهمة المجتمع الذي يمثل الشباب فيه نحو ثلاثة أرباعه، وقضية سعودة قوة العمل كانت ولا تزال محل اهتمام ومتابعة من الحكومة السعودية منذ صدور قرار مجلس الوزراء رقم 50 قبل ما يزيد على 15 عاماً، إذ كان القرار ينادي بزيادة متدرجة لتحقيق سعودة قوة العمل في القطاع الخاص بنسبة 5 في المئة سنوياً، إلا أن الاستثناءات المتكررة لم تتح فرصة لتطبيق القرار بشكل كامل. وأضاف بوحليقة أن الجانب الأهم في هذا الشأن هو المتعلق بتنظيم سوق العمل، خصوصاً الشق المرتبط بتوظيف السعوديين، إذ يلاحظ أن التشوه الأهم يكمن في ما تعانيه سوق العمل من انفتاح على استقدام العمالة الأجنبية، ويلاحظ أن عدد تأشيرات العمل الممنوحة تصاعدت بوتيرة مطردة في الأعوام الأخيرة، ففي عام 2011 قدر عدد التأشيرات بنحو 1.2 مليون تأشيرة عمل، وهذا العدد يوازي عدد فرص العمل التي يتوقع توفيرها على مدى أعوام الخطة الخمسية التاسعة. وتابع: «يبدو أن العدد مرشح للارتفاع في هذا العام وبزيادة ملموسة، ولا توجد تسمية تعبر عما يحدث في سوق العمل نتيجة لهذا الانفتاح على استقدام العمالة الوافدة أدق من تعبير «إغراق» أو «مزاحمة» العمالة المواطنة، خصوصاً مع زيادة الداخلين الجدد من الباحثين عن عمل من السعوديين». وأشار إلى أن الخطة الخمسية التاسعة التي تهدف إلى تقليص معدل البطالة بمقدار النصف بنهاية عام 2014 من 10.5 في المئة إلى 5.5 في المئة، تبدو غير قابلة للتطبيق، بل إن معدل البطالة يتجه نحو الصعود، فهو حالياً أعلى من 10.5 في المئة، مشدداً على أهمية ضبط سوق العمل والتخلي عن سياسة الاستقدام المنفتحة، والحرص على تنفيذ سياسة الإحلال من خلال آلية أكثر شفافية وخاضعة لقدر أكبر من المساءلة. وفي ما يتعلق بقضية الإسكان قال بوحليقة، إن عدداً من الدراسات بينت أن النقص الحاد حالياً هو في الوحدات السكنية التي تستهدف ذوي الدخل المنخفض، لكن ليس واضحاً وتيرة إنجاز المساكن وتوقيت وآلية تسليمها لمستحقيها، كما أن هذا المشروع الإسكاني على صلة وثيقة برؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي نالت اهتماماً مباشراً منه لتقوية وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي للشرائح الأكثر حاجة، وتوفير المسكن من خلال مشاريع وزارة الإسكان وفرص العمل والتعليم والتدريب والتأهيل من خلال صندوق تنمية الموارد البشرية والصندوق الخيري الاجتماعي، والإقراض الاجتماعي من خلال بنك التسليف والادخار، وقد خصص لهذا البرامج الاجتماعية أكثر من 25 بليون ريال في عام 2012. من جهته، أوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك سعود خالد الخثلان، أن الموازنة ركزت على البنية التحتية واعتمدت السياسة التوسعية في الإنفاق على تدريب الموارد البشرية باعتبارها المحرك الرئيس للاقتصاد، وهناك رغبة من الحكومة إلى الانتقال للاقتصاد المعرفي. وذكر الخثلان أن زيادة الإنفاق توضح رغبة الدولة في تقليص نسبة البطالة وزيادة المعروض في الوظائف وتفعيل دور القطاع الخاص لخلق الفرص الوظيفية للمواطنين وليس بزيادة الطلب على العمالة الأجنبية، مشيراً إلى أن هناك تحدياً أمام الموازنة وهو: «هل المقاولون المحليون مؤهلون للقيام بالمشاريع الحكومية المدرجة في الموازنة؟». وأضاف أن الموازنة ركزت على توفير السكن للمواطنين، لكن تقف البيروقراطية أمام وزارة الإسكان بسبب قلة الأراضي الموجودة أمام الوزارة، وضعف التنسيق بين الأمانات والجهات ذات الاختصاص للإسراع في بدء تنفيذ مشاريع الإسكان.