عبدالعزيز بن سعود يزور وكالة الحماية المدنية الإيطالية    إبعاد 24 خارج غزة.. إسرائيل تطلق سراح 369 فلسطينيّاً    القيادة تهنئ رئيس جمهورية صربيا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    ضبط (22663) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    "تعليم الرياض" تنهي الاستعداد لاختبارات الفصل الثاني.. والنتائج الخميس    «برايتون» يكسر عناد «تشلسي»    فريق سومي لي يتوج بلقب بطولة صندوق الاستثمارات العامة للسيدات وجينوثيتيكول تتصدر الفردي    يوم الحسم في بطولة البادل بموسم الرياض    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق تداولاتها على تباين    فندق شيدي الحجر في العلا يفتح أبوابه للضيوف    استمرار هطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    بشكل علمي.. اكتشف مدى نجاحك في العمل من لونك المفضل    جمعية «صواب» بجازان تختتم دورة «التسويق الإلكتروني»    مناحل بيش تحصد ثلاث ميداليات ذهبية جديدة وميدالية بلاتينيوم في باريس    سهرة حجازيّة مميزة في دار فرنسا بجدة    الأشراف آل أبو طالب يحتفون بيوم التأسيس في صامطة    %72 من الشركات السعودية تستعين بحلول الذكاء الاصطناعي    وزير الخارجية الأردني يؤكد على موقف بلاده الثابت في رفض تهجير الفلسطينيين    اليونيفيل تطالب بتحقيق "فوري" بعد إحراق مركبة تابعة لها في بيروت    مجلس إدارة "أوبن إيه.آي" يرفض عرضا من ماسك بقيمة 97.4 مليار دولار    ترامب يعتزم فرض رسوم إضافية على السيارات المستوردة    «العودة» إلى رتبة لواء    متوسطة العلاء بن الحضرمي تحتفل بيوم التأسيس    السعودية تجمع ترمب وبوتين    "الهلال" يُصدر بياناً إعلاميّاً يستغرب خلاله من الحالات التحكيمية في مباراته أمام الرياض    سيدات القادسية إلى نهائي كأس الاتحاد السعودي    رابطة العالم الإسلامي تُدين جريمة الدهس بميونخ    تحت رعاية الأمير مشعل بن محمد.. تكريم رواد التطوع في حفلٍ مجتمعي بالرياض    غونتر: بداية قوية.. وأوليفر: المنعطف الأخير «محبط»    وزير الرياضة: نتطلع لاستضافة دورة الألعاب الآسيوية الشتوية" نيوم 2029″    زراعة عسير تطلق فعالية خيرات الشتاء    إطلاق مبادرة «لحومنا آمنة» في خميس مشيط    هيئة فنون العمارة والتصميم تحتفي بمرور 5 أعوام على تأسيسها    الأمير عبدالإله بن عبدالرحمن آل سعود يزور معالي الشيخ علي بن شيبان العامري    جمعية أسر التوحد توقع مذكرة تفاهم مع شركة رانج لتعزيز التعاون الإعلامي والتسويقي والمعارض    القبض على شخصين بالقصيم لترويجهما «الإمفيتامين»    منصة توقيع الكتب.. تجربة فريدة في معرض جازان للكتاب 2025    السعودية تشيد بالمكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيسين الأميركي والروسي    السعودية ضمن أكبر 10 أسواق عالمية في تخزين الطاقة    إمام وخطيب المسجد الحرام: اتركوا أثراً جميلاً في وسائل التواصل.. لتبقى لكم بعد مماتكم    خطيب المسجد النبوي: الذنوب تمحى بالاستغفار ما لم تبلغ الكفر والشرك بالله    «سلمان للإغاثة» يختتم 3 مشاريع طبية تطوعية في دمشق    (رسالة مريض ) ضمن مبادرة تهدف إلى تعزيز الدعم النفسي للمرضى.    اعتزال الإصابة    ديوانية القلم الذهبي تعقد أولى جلساتها النقاشية    جودة الحياة في ماء الثلج    لماذا التشكيك في رجاحة عقل المرأة..؟!    القوة الجبرية للمتغيب عن جلسات القضايا الزوجية    الحب سَمْقه وسُقمه!    محمد بن فهد.. ترحل الأجساد وتبقى الذكرى    في يوم النمر العربي    العنوسة في ظل الاكتفاء    أيهما أسبق العقل أم التفكير؟    إحتفال قسم ذوي الإعاقة بتعليم عسير بيوم التأسيس السعودي    نائب أمير الشرقية يستقبل أعضاء مجلس إدارة جمعية "إطعام"    الحلم النبيل.. استمرار للمشروع السعودي    سعود بن خالد رجل من كِرَام الأسلاف    ثمن المواقف الأخوية الشجاعة للسعودية والأردن ومصر.. الرئيس الفلسطيني يشدد على اعتماد رؤية سلام عربية في القمة الطارئة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اقتصاد مصر بين بشرى تهز القلوب ودهشة تشل العقول
نشر في الحياة يوم 31 - 12 - 2012

حين خطب الرئيس المصري محمد مرسي خطبته المرتقبة في أحضان مجلس الشورى أول من أمس، لم يتخيل أن أرقام النمو وتضاؤلات التضخم وتضخمات الاستثمار وانتعاشات السياحة وتسديدات الديون وإنجازات الاستصلاح والاستزراع وفرص العمل الهائلة ستتحول من بشرى تهز القلوب وفرحة تدمع العيون إلى دهشة تخرس الجميع وضحكة تدغدغ المشاعر.
المشاعر الجارية دغدغتها منذ نحو خمسة أشهر، تارة بالدق على الأوتار الدينية، وتارة بعزف سيمفونية الاستقرار، وتارة أخرى بترتيل أنشودة «العجلة تدور»، تعرضت في الجزء الذي تناول الاقتصاد في خطاب الرئيس إلى أقصى درجات الدغدغة التي قاربت الزغزغة وهو ما أدى إلى تفجر موجة ثورية ضاحكة شملت المصريين بكثير من المرح والسعادة.
ويبدو أن صدمة الدهشة أو دهشة الصدمة أصابت كثيرين عقب الخطاب، وذلك بعدما ظن بعضهم أن الأرقام والإحصاءات والإنجازات الاقتصادية تتعلق بدولة أخرى، ولولا موسيقى «عظيمة يا مصر» التي صدحت من المذياع، وصوت «الست» معلنة أنه «وقف الخلق ينظرون جميعاً كيف أبني قواعد المجد وحدي» مع خلفية صورة مجلس الشورى، وانفضاض حشود التأمين وانصراف مواكب الرئيس، وعودة الهرج والمرج إلى شارع القصر العيني، لظنت الجموع المنتظرة بأن الخطاب السابق هو لدولة أوروبية شقيقة أو آسيوية صديقة، وأن الخطاب الخاص بمصر سيليه.
لكن الخطاب الخاص بمصر لم يأت، وإن أتت بدلاً منه موجات عارمة من التمجيد «الإخواني» والتحليل الاقتصادي والتشكيك الليبرالي والضحك الشعبي، فرموز الجماعة وقادة حزب «الحرية والعدالة» اعتبروا خطاب الرئيس نصراً مبيناً وإنجازاً مهيباً يخرس ألسنة المعارضة غير المسؤولة ويمهد الطريق للاستقرار ويعبد القنوات «علشان العجلة تدور».
أما المحللون الاقتصاديون الذين لا يعترفون إلا بالرقم دليلاً وبالنسبة برهاناً وبقواعد الاقتصاد تفسيراً فوجدوا أنفسهم في موقف لا يحسدون عليه، فهم إن عادوا إلى حديث الإفلاس المبني على الأرقام والمرتكز إلى الحقائق سيجدون أنفسهم في خانة الاتهام الرئاسي المباشر. فالرئيس قالها واضحة كاشفة لا رياء فيها: «الذين يتحدثون عن الإفلاس إنما هم المفلسون».
وعلى رغم ذلك فإن الأرقام والوثائق التي تؤكد عكس ذلك تظل كغيرها قابلة للنفي الرسمي والتحوير. فما يبدو للمغرضين إغلاقاً للمصانع وإفلاساً للشركات، إنما هو جذب للاستثمارات وخير وفير إن شاء الله. وما يقال عنه تراجع للسياحة بنسبة 35 في المئة، إنما هو انتعاش لها وزيادة في عوائدها بعون الله، وما يثيره بعضهم عن بطالة وتسريح إنما هو فرص عمل مطروحة وتبحث عمن يشغلها بفضل الله. أما إذا أصر أحدهم ولم يبرح مكانه إلا بالإثبات مما لا يدع مجالاً للشك أن الاقتصاد في محنة والناس في أزمة، فإن الرد «الإخواني» يأتي سريعاً: «البلطجة السياسية سبب الأزمة الاقتصادية».
الأزمة الاقتصادية التي تضرب جيوب الجميع عبرت عنها بائعة الجرجير من موقعها الرسمي على ناصية الشارع بتأكيدها أن الرئيس «إما لا يعلم أو أن المحيطين به لا يريدونه أن يعلم، وها هو الدليل»، وأخرجت حافظة نقودها القماش وقلبت محتوياتها ، فرن جنيهان معدنيان على الأرض: «حصيلة اليوم يا مرسي».
لكن حصيلة الجانب الاقتصادي في خطاب الرئيس تفجرت في كل مكان. تعليقات في باصات النقل العام، وحوارات في ميكروباصات النقل الخاص، وتنديدات في طوابير العيش وجميعها يصب في سؤال واحد: «هل كان الريس يتحدث عن مصر؟».
وكالعادة تتفجر ينابيع الحياة. يقول أحدهم: «شعرت إننا سنسلف كندا بعد الخطاب»، فيرد آخر بأن «الرئيس كان يتحدث عن اقتصاد السويد» فيصحح له زميله: «لا هذا اقتصاد الجماعة».
ضحكات مكتومة تكشف عن مرارات مفقوعة وجيوب خاوية وعقول متقدة، وهي العقول التي تبدع وتتقد تحت وطأة الخطاب. تغريدات «تويتر» تعتبر «فشة خلق» لكثيرين، فهذا طبيب يؤكد أن «مصر لن تركع بالفعل كما أكد الرئيس ولكن السبب ليس تعافي الاقتصاد لكن تيبس المفاصل»، وآخر ينوه إلى أنه «لم يتبق إلا أن يعلنوا أن الاقتصاد تضخم في عهد مرسي. تكبييير». وثالث يرجح أن يكون «الشخص الذي يزود الرئاسة بالمعلومات الاقتصادية دجالاً أو صرافاً في الجماعة». ولا يخلو الأمر من نصيحة من الكاتب بلال فضل: «كل مواطن يقف أمام المرآة ويقول الاقتصاد حديد ومرسي تمام وقنديل جامد». وأخرى ترفع من معنويات المعارضين بأن «أسوأ ما حدث للمصريين ليس وصول الإخوان إلى الحكم ولكن الخطب التي تنهال على المصريين بعد وصول الإخوان إلى الحكم».
المؤكد أن طمأنة المصريين ليست حكراً على الرئيس، ولكن الجهود الشعبية تسهم هي الأخرى في نشر السلام وتعميم الاطمئنان. «الاحتياطي النقدي وفير والسياحة زادت وإيرادات القناة تغرقنا والرغيف كبير والشوارع خالية، هذه أشياء لا يراها سوى المؤمن الذي قال نعم للدستور». ووصل الأمر إلى حد المطالبة بأنه «بعد هذا الحديث الجامد عن الاقتصاد الجامد، علينا أن نقرض الدول ذات الاقتصاد الضعيف، لأنه لا يصح أن نعيش في هذا النعيم وحدنا»، فيرد عليه أحدهم مرجحاً: «على الأغلب سنعيش فيه وحدنا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.