انتقدت مجموعة أحزاب وتنظيمات جماهيرية جزائرية إعلان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند خلال زيارته بلادهم قبل أيام، عن «تعديل دستوري» سيحصل في الجزائر قبل أن «يُطرح للنقاش»، ما يشكّل بحسب رأيها «تدخلاً في الشؤون الداخلية للبلد». وأسفت 10 تشكيلات سياسية ومدنية لنتائج الزيارة، وقالت إن «صوت الجزائر لم يُسمع فيها وغُيّبت مصلحة الشعب الجزائري». وأعلنت مجموعة الأحزاب السياسية المناهضة للزيارة الأخيرة للرئيس الفرنسي «أسفها الشديد واستياءها وصدمتها» من مجريات هذه الزيارة و «اختزالها»، كما قالت «في تحقيق مصلحة الدولة الفرنسية والتغييب القسري للمصالح والمطالب المشروعة للشعب الجزائري». وتتشكل هذه الأحزاب المعارضة لزيارة هولاند من تجمعات سياسية وطنية وإسلامية ومنظمات مدنية مهتمة بالذاكرة الجزائرية. وذكرت مجموعة الأحزاب في بيان أمس، أن مصالح الشعب الجزائري تجاه الدولة الفرنسية «هي متعددة ومتشابكة كلّما تعلّق الأمر بالعلاقات الجزائرية - الفرنسية غير الطبيعية أصلاً». وحمّلت السلطة الجزائرية ما سمته «مسؤولية الإخفاق والفشل والتخلي عن طرح قضايا واهتمامات الشعب الجزائري مقابل انشغالات واهتمامات الشعب الفرنسي التي دافع عنها رئيسهم بامتياز». وجاء في الخلاصة التي توصل إليها اجتماع قادة هذا التكتل، وهم فاتح ربيعي وموسى تواتي وغرمول عبدالعزيز والطاهر بن بعيبش وأبو جرة سلطاني وأحمد قوراية ولخضر بن سعيد وجمال بن عبدالسلام وإدريس خضير ونعيمة صالحي، أن الرئيس الفرنسي «لم يحترم دولة ذات سيادة، لها شعب محترم، وكأنه جاء لتفقد مقاطعة من مقاطعات ما وراء البحار، وتصرّف فيها وكأن الطرف الآخر غير موجود». لكن الحكومة الجزائرية ترفض اتهامات هذا التكتل الحزبي الذي تأسس حول زيارة هولاند. وقال الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية بلقاسم ساحلي أمس، إن «تصريح الصداقة والتعاون بين البلدين أهم نتيجة أسفرت عن زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر، بما أنه ينص على تشجيع الحوار السياسي العالي المستوى وتكوين لجنة بين حكومتي البلدين». وراهنت قوى سياسية جزائرية على اعتراف فرنسي رسمي بجرائم الاستعمار الذي حكم الجزائر 132 سنة، إلا أن خطاب فرانسوا هولاند أمام نواب البرلمان الجزائري جاء «نصف اعتراف»، عندما قال إن الجزائر تعرضت بالفعل طوال 132 سنة لحكم نظام استعماري سبب «معاناة» للجزائريين. وقال هولاند: «أعترف من هذا المقام بالمعاناة التي سلطها النظام الاستعماري الفرنسي على الشعب الجزائري، ومن ضمن هذه المعاناة مجازر سطيف وقالمة وخراطة التي تبقى راسخة في ذاكرة ووعي الجزائريين». لكن مجموعة الأحزاب السياسية المعارضة للزيارة علّقت قائلة: «كانت كلمته (هولاند) هي العليا، نفّذ برنامج زيارته حرفياً، ووقّع الاتفاقات التي تخدم مصلحة الشعب الفرنسي، وغادر الجزائر على وقع صخب فلكلوري لم يعد يمثّل روح العصر، بينما غاب صوت الجزائر بشكل لا يعكس طموحات الرأي العام الوطني وتطلعاته». وأضافت في بيانها: «إن التجاوزات السياسية والاقتصادية المجحفة التي طبعت هذه الزيارة، دليل واضح على أن الرئيس الفرنسي سمح لنفسه بالتدخل في الشؤون الداخلية لبلد مستقل بإعلانه عن تعديل دستوري لم يُطرح أصلاً للنقاش، وتحديه المباشر للشعب الجزائري برفضه الاعتراف بالجرائم المرتكبة في حقه من طرف الاستعمار الفرنسي». وتابع البيان أن الكثير من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك تم التغاضي عنها «خاصة تلك المتعلقة بتسهيل تنقل الأشخاص، ووضع الجالية الجزائرية بفرنسا التي تصطدم بتمييز قانوني واجتماعي داخل نسيج المجتمع الفرنسي، وكذلك مسألة نقل التكنولوجيا مقابل تسهيلات الاستثمار».