«مرحباً. اسمي عادل، أنا أحد الناجين من كارثة ال 21 من كانون الأول (ديسمبر) 2012. الأجواء هنا صالحة للحياة. إن كان هناك ناجون آخرون، أرجو أن يتواصلوا معي، وسآتي لمساعدتهم، وتوفير مسكن لهم». على هذه الرسالة بالعربية أو الإنكليزية، أفاق الكثير من ملاك أجهزة البلاك بيري، ومستخدمو «تويتر» صباح الجمعة الماضي في السعودية. وبدا المشهد السعودي في رحلة التعاطي مع يوم، أكدت فيه مخطوطات قبائل «المايا»، التي تعود لأكثر من ألفي عام، أنه سيشهد نهاية العالم والرعب، الذي احتل أجزاء كبيرة من العالم أمسى مسرحاً للنكات والتعليقات الساخرة، عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي. ساعات الصباح الأولى لليوم المنتظر، عكست حماسة واضحة لدى الكثيرين للتعليق على أحداث هذا اليوم بثقة كبيرة، فالنكات جاءت سريعة، ولم تنتظر حتى منتصف اليوم، وكأن كتابها لم يباتوا ليلهم قبل التأكد من جاهزيتها للنشر مبكراً، ليعكسوا وبصورة واضحة قناعتهم بأن الرعب الذي سببته «المايا» للبعض لا يعدو كونه فرصة جديدة بالنسبة لهم للاحتفال «والتغريد». وبينما تقول دراسة حديثة إن 15 في المئة من سكان الأرض مقتنعون بأن حياتهم ستشهد نهاية العالم، تقول الدراسة ذاتها إن 10 في المئة كانوا مقتنعين بأن يوم ال 21 من ديسمبر هو يوم الزوال. تلك الدراسة بالتأكيد لم تبحث عن آراء سعوديين، تقاسم طلابهم وموظفوهم وأرباب الأسر بينهم تعليقات ظريفة، كل بحسب اهتمامه، فكتب أحد طلاب «جامعة حائل» في «تويتر»: «أوروبا تنتظر نهاية العالم، وأنا أنتظر جامعة حائل ينزلون رواتبنا»، فيما استغل أحد الأزواج الفرصة للإسقاط على المشكلات الزوجية المعتادة فغرد: «عزيزتي الزوجة، زوجك قد يخونك الليلة، فتأكدي من نجاحك في أن تجعل نهاية العالم حقيقة بالنسبة له على الأقل». شخصيات إعلامية شاركت المغردين الحدث، وبالسخرية ذاتها أحياناً، فربط بعضهم بين الأحداث المحلية والتاريخ الذي اختارته «المايا»، فكتب الإعلامي هاني الظاهري: «يبدو أن حضارة المايا اعتبرت أن نهاية العالم مرتبطة بتاريخ انتخاب أول رئيس للاتحاد السعودي لكرة القدم في السعودية»، فيما جاء تعليق الكاتب عبدالله النغيمشي أكثر جدية وحزناً، إذ غرد: «نحن منتهون في هذا العالم تاريخياً ووجودنا جغرافي فقط، نحن توقفنا وانتهينا من الوجود عند القرن الثامن». مقدم برنامج «على الطاير» عمر حسين علق بدوره على الحدث قائلاً: «أغنية حلا ترك زهقانة، تحصل على أعلى نسبة مشاهدات لعام 2012، أعتقد أنها فعلاً نهاية العالم». لكن البعض وجد في الحديث عن نهاية العالم وما تسبب به من مخاوف غربية، فرصة للتعليق بشكل أكثر جدية، فاتفق مغردون كثر على إعادة نشر رأي بات صعب التحقق من كاتبه الأول الذي قال فيه: «شتان بين أمم تترقب ساعات هذه الجمعة بخوف وهلع من نهاية العالم، وأمة تترقب ساعة إجابة بطمأنينة وأمل، الحمد لله على نعمة الإسلام». مثل هذه التغريدات حوّلت بسرعة، هاشتاق «نهاية العالم» إلى ساحة دينية وجد فيها المتابعون فرصة لتبادل الآيات حول يوم القيامة وعلاماته الكبرى والصغرى، مؤكدين أن أمرها عند الله، ما دفع الكثير منهم إلى استعادة التواريخ الكثيرة السابقة التي توقّعت ثقافات مختلفة أن تشهد نهاية العالم. مخطوطات قبائل «المايا» أشارت إلى أن نهاية العالم ستكون في ال 21 من ديسمبر، والدراسات التي عقبتها قالت إن للعالم دورة تنتهي في كل مرة بعد 5200 عام، وأن تلك الدورة وصلت نهايتها عند ذلك التاريخ، وأن حدثاً مناخياً سيقضي على الأرض ومن عليها. أما السعوديون فلم يكن ذلك اليوم بالنسبة لهم أكثر من فرصة جديدة للتفاعل والتواصل إلكترونياً تماماً كأن شيئاً لم يكن. صورة ساخرة تناقلها مغردون عن نهاية العالم.